قال رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، إن المحكمة العليا في ليبيا حسمت الجدل القانوني بشأن رئاسة المجلس، برفض الطعن المقدَّم من قبل محمد تكالة ضد انتخابه رئيسًا، ما يعني بقاء القرار نافذًا وساريًا، وإنهاء حالة الخصومة داخل المجلس، مؤكداً أن المجلس بدأ فعليًا في استئناف أعماله داخليًا وخارجيًا.
وأوضح المشري، خلال مؤتمر صحفي، أن انتخاب رئاسة المجلس جرى لأول مرة في 6 أغسطس 2024، وأسفر عن فوزه بالرئاسة، لكن الطرف الخاسر رفض النتيجة وقدم طعنًا أمام القضاء الإداري بعد قرابة شهر، وتحديدًا يوم 4 سبتمبر، من قبل عضو المجلس محمد مفتاح تكالة، والذي طعن في قرار انتخاب المشري.
وبيّن المشري أن القضاء الإداري حكم بإلغاء انتخابه، وهو ما اعتبره قرارًا غير مختص قانونيًا، مؤكدًا أنه أعلن منذ البداية أن النزاع يجب أن يُحسم إما عبر لوائح المجلس أو عبر المحكمة العليا الدائرة الدستورية. وقال إن المجلس طعن على قرار القضاء الإداري أمام المحكمة العليا، التي قضت اليوم رسميًا بعدم اختصاص القضاء الإداري، وأودعت أسباب حكمها، ما يعني حسب المشري أن رئاسته للمجلس أصبحت نهائية ومحمية بحكم قطعي.
وأكد المشري أن المجلس بدأ منذ اليوم في اتخاذ إجراءات فورية، للتواصل مع كافة الجهات المحلية والدولية المعنية، والتي أبدت حسب قوله تفهماً واستجابة إيجابية، تمهيدًا لاستكمال تشكيل مكتب الرئاسة داخل المجلس.
وشدد المشري على أن الهدف الاستراتيجي للمجلس الأعلى للدولة يتمثل في إنهاء المراحل الانتقالية التي طال أمدها في البلاد.
وفي تعليقه على المظاهرات الأخيرة، والتي شهدتها العاصمة طرابلس وعدة مدن ليبية، قال المشري إن المجلس الأعلى للدولة استجاب مبكرًا لمطالب المتظاهرين، مؤكدًا أن “حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة فقدت شرعيتها ومشروعيتها، وأصبحت مرفوضة شعبياً ومنتهية قانونيًا، بعد استقالة عدد كبير من وزرائها”.
وأضاف أن الوضع الحالي الذي يشهد تكليف الدبيبة لنفسه بوزارات سيادية مثل الدفاع والخارجية أمر غير مقبول، وأن إدارة الحكومة شؤون الميليشيات عبر تقوية موالية وتهميش أخرى يهدد الأمن والاستقرار.
كما أكد المشري أن المجلس الأعلى للدولة لا يعترف أيضًا بحكومة رئيس الوزراء المكلف من مجلس النواب سابقًا، فتحي باشاغا، ولا بخلفه أسامة حماد، لعدم وجود توافق شرعي عليهما.
وأوضح المشري أن المجلس الأعلى للدولة بالتوافق مع مجلس النواب أنجز ما عليه فيما يتعلق بالاستحقاق الانتخابي، عبر إصدار القانونين 27 و28 لسنة 2023 بشأن انتخاب مجلس الأمة ورئيس الدولة، واللذين نُشرا في الجريدة الرسمية، إلى جانب إحالة مشروع الدستور وقانون الاستفتاء إلى المفوضية العليا منذ عام 2020.
وأضاف أن إجراء الانتخابات يتطلب وجود حكومة موحدة تشرف على العملية، وأن المجلسين يحتفظان بحق اختيارها بالتنسيق مع البعثة الأممية، دون التنازل عن هذا الحق السيادي.
وانتقد المشري بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مؤكدًا أنها لم تقم بدورها في دعم العملية السياسية، خاصة بعد إنجاز لجنة 6+6 للتعديل الدستوري الثالث والقوانين الانتخابية.
وقال إن البعثة ليست وصية على الشعب الليبي، ويجب أن ينحصر دورها في الدعم اللوجستي، مثل ضبط الرقم الوطني، وتوفير أدوات التحقق البيومتري.
وأشار المشري إلى أن مقتل اللواء عبد الغني الككلي (غنيوة) تسبب في انفلات أمني خطير بمنطقة بوسليم، مؤكداً أن هذا الوضع الأمني المهترئ هو أحد أسباب اندلاع المظاهرات.
وشدد على ضرورة قيام حكومة واحدة تفرض سيادتها على كامل الأراضي الليبية، لتجنب التناقض في القرارات، مستشهدًا بما حصل مع قافلة غزة التي واجهت عراقيل في التنقل بين مناطق الغرب والشرق، وكأن ليبيا أصبحت “دولتين”.
وفيما يتعلق بقافلة غزة، أكد المشري أنها تحرك شعبي صادق لا تقف وراءه أي جهات رسمية أو سياسية، ورفض استغلاله سياسيًا أو محاولة عرقلته، داعيًا إلى السماح لها بالمرور وتسهيل مهمتها.
وقال إن منع القافلة أو التمييز في معاملتها بحسب مناطق السيطرة يفضح غياب السيادة الوطنية، ويؤكد الحاجة إلى سلطة تنفيذية موحدة.
وعبّر المشري عن دعمه لكل من يرد العدوان على غزة، مؤكدًا أن ما يتعرض له القطاع من إبادة ممنهجة يفضح العالم بأسره، ويعري الأنظمة التي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقال إن ليبيا تدعم المقاومة، وترفض الاحتلال الصهيوني، وأشار إلى أن استمرار العدوان قد يمتد إلى دول أخرى ما لم يتم وقفه.
نحن نؤيد ونبارك كل الضربات التي تقوم بها إيران ضد الكيان الصهيوني. نعم، نختلف مع إيران في سياساتها الإقليمية، في سوريا أو لبنان أو اليمن، أو حتى في بعض ما يدور داخل نظامها السياسي، لكن هذا لا علاقة له بالمعركة القائمة مع الاحتلال. نحن الآن أمام عدو مشترك، والكيان الصهيوني يعمل بمنهج ‘التفكيك التدريجي’، يبتلع الدول واحدة تلو الأخرى. اليوم إيران، وغدًا قد يأتي الدور على السعودية، تركيا، باكستان، أو مصر. على الجميع أن يستوعب حجم التهديد، فالخطر قادم للجميع ما لم تتوحد المواقف.