ابتكر فريق من الفيزيائيين من جامعات أوروبية “ترامبولين” فريدًا من نوعه، لا يُستخدم للارتداد، بل لتوجيه الاهتزازات الصوتية المجهرية المعروفة بـ”الفونونات”، وقد يُحدث هذا الاكتشاف تحولًا في طرق تصميم الدوائر الدقيقة.
الابتكار الذي لا يتجاوز عرضه 0.2 مليمتر، وسُمكه لا يتعدى 20 جزءًا من مليون من المليمتر، صُمم بدقة هندسية مدهشة، إذ يحتوي سطحه الرقيق على ثقوب منتظمة تُضفي عليه بنية مثقبة مميزة. ورغم هشاشته الظاهرة، يتمتع بقدرة استثنائية على الاحتفاظ بحركته دون فقدان يُذكر للطاقة.
وعلى خلاف الترامبولين التقليدي، لا ترتد أجزاء هذا النموذج صعود وهبوط، بل تتحرك باتجاهات جانبية وتتبع أنماطًا معقدة، خاصة في مركزه الذي يضم منطقة ديناميكية تتبع مسارات ثلاثية الزوايا بدقة عالية، مما يسمح بمرور الاهتزازات بانسيابية حتى عبر الزوايا الحادة خاصية نادرة في عالم الفيزياء.
هذا الابتكار ليس للترفيه البشري، بل هو غشاء نانوي من نيتريد السيليكون يعمل كدليل موجي للفونونات، حيث طوّره علماء من جامعة كونستانس وجامعة كوبنهاغن والمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ. وتكمن أهميته في إمكانية استخدامه لنقل الإشارات الصوتية الدقيقة داخل الرقائق الإلكترونية دون تشويش أو تشتت، حتى عند الانحناءات الحادة.
وقد أظهرت التجارب أن الترامبولين الجديد يستطيع توجيه الفونونات حول زوايا تصل إلى 120 درجة بدقة كبيرة، مع نسبة فقدان شبه معدومة تقل عن واحد في كل عشرة آلاف، وهو أداء يضاهي أنظمة الاتصالات الحديثة.
الفيزيائي عوديد زيلبربيرغ، الذي صمم النموذج النظري للترامبولين، يرى أن هذا النوع من الهياكل قد يمهد الطريق لتطوير شبكات صوتية مصغّرة مخصصة لتطبيقات إلكترونية متقدمة. وقد نُشرت نتائج البحث في مجلة “نيتشر” العلمية.
ويقول زيلبربيرغ بابتسامة، ردًا على سؤال حول إمكانية تصنيع نسخة كبيرة الحجم للناس: “فكرتُ في ذلك فعلًا… قد تكون تجربة شيقة، لكن لا أنصح بها دون خوذة”.
العمل البحثي جاء بدعم من عدة مؤسسات علمية أوروبية، منها المجلس الأوروبي للبحوث ومؤسسة نوفو نورديسك، إلى جانب برامج بحثية من ألمانيا وسويسرا والدنمارك والاتحاد الأوروبي.