تتجه الأنظار مجددا إلى العاصمة الألمانية برلين حيث تستعد الأمم المتحدة لتنظيم النسخة الثالثة من مؤتمر برلين بشأن الأزمة الليبية وسط أجواء سياسية مشحونة داخليا وتحركات دبلوماسية دولية مكثفة في محاولة لإعادة إحياء العملية السياسية المتوقفة منذ أشهر ووضع خارطة طريق جديدة تنهي حالة الجمود وتقرب البلاد من موعد الانتخابات المؤجلة.
الشارع السياسي يعيش حالة من الانقسام الواضح في المواقف تجاه المؤتمر المرتقب إذ عبر عضو المجلس الأعلى للدولة نوح المالطي عن تشاؤمه مؤكدا أن الدول المتدخلة في الملف الليبي تسعى لتحقيق مصالحها عبر أدوات محلية معتبرا أن مؤتمر برلين لن يقدم حلولا فعلية بل سيستخدم لتكريس واقع الاستغلال ونهب الثروات.
في المقابل أبدى أستاذ العلوم السياسية محمد مخلوف تفاؤلا مشروطا متوقعا أن يسفر اجتماع برلين عن خارطة طريق جديدة تفضي إلى تشكيل حكومة بديلة تشرف على الانتخابات.
كما أشار إلى احتمال إعلان بعض الدول بدفع من الأمم المتحدة سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وفي سياق مواز أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيته أجرت مشاورات في أنقرة مع مسؤولين أتراك حول تطورات المشهد السياسي والأمني في ليبيا خاصة بعد اشتباكات مايو الماضي.
وأكد الجانبان ضرورة الحفاظ على التهدئة وتجنب أي تصعيد من شأنه تهديد المدنيين.
وأوضحت البعثة أن تيته أطلعت الجانب التركي على نتائج المشاورات العامة التي أجرتها مؤخرا داخل ليبيا وأن هناك أربعة خيارات مطروحة للنقاش مع الفاعلين المحليين والدوليين من بينها تشكيل لجنة حوار موسعة من 60 عضوا تتولى اختيار حكومة جديدة وإعداد مشروع دستور يعرض لاحقا على استفتاء شعبي مع الالتزام بإجراء الانتخابات خلال 18 شهرا.
من جانبه حذر عضو مجلس الدولة أحمد اهمومة من أن أي اعتراض من حكومة الوحدة على مخرجات مؤتمر برلين قد يعرضها لعقوبات دولية مؤكدا أن نتائج المؤتمر ستكون ملزمة حال تضمينها في قرار يصدر عن مجلس الأمن كما حدث في المؤتمرات السابقة.
وأضاف أن الهدف الحقيقي من المؤتمر لا يقتصر فقط على حلحلة الأزمة السياسية بل يمتد إلى الدفع نحو انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي الليبية.
أما عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي فقلل من أهمية المؤتمر معتبرا أنه لن يختلف عن سابقيه من المؤتمرات مشيرا إلى أن غياب الضمانات وتمسك الأطراف بمواقعها سيجهض أي مخرجات جديدة في ظل استمرار الخلافات حول القاعدة الدستورية وتوزيع السلطة.
يشار إلى أن مؤتمر برلين الثالث يعقد برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة عدد من القوى الدولية والإقليمية المؤثرة على رأسها مصر والإمارات والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا إضافة إلى الاتحاد الأفريقي في محاولة لتنسيق موقف دولي موحد يعيد الزخم إلى المسار الانتقالي بعد إخفاق عدة مبادرات سابقة.
مؤتمر برلين 3 لا يحمل طابعا تشاوريا فقط بل ينظر إليه كمحاولة لإعادة فرض مسار انتقالي جديد وسط سباق دولي على النفوذ في ليبيا وانقسام داخلي عميق.
وبين رافض ومتحفظ ومتطلع إلى التغيير يبقى مستقبل العملية السياسية رهنا بما سينتج عن هذا المؤتمر من خطوات ملموسة ومدى التزام الأطراف الليبية والدولية بتنفيذها.