حجر جديد ألقاه المجتمع الدولي في مياه المشهد السياسي الليبي الراكدة حيث اجتمعت الدول والمنظمات الإقليمية المعنية بليبيا في برلين على مدى يومين وخرجوا بتوصيات يمكن اعتبارها الحلقة الثالثة في سلسلة مؤتمرات برلين بشأن ليبيا.
برلين 1
ورغم أهمية مخرجات مؤتمر برلين 3 إلا أنها لم تخرج عن إطار نتاج مؤتمري برلين الأول والثاني فمثلا مؤتمر برلين الأول الذي عقد في يناير 2020 أكد أنه لا حل عسكري للنزاع في ليبيا وكذلك احترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عام 2011 على ليبيا، حيث تعهدت أبرز الدول المعنيّة بالنزاع، باحترام الحظر، وبعدم التدخّل في شؤونها الداخلية، سعيًا منها إلى إعادة السلم.
برلين 2
أما مؤتمر “برلين2” الذي عقد حول ليبيا في يونيو 2021 فقد أكد الانسحاب الفوري للمرتزقة الأجانب من ليبيا، وكذلك السماح بانسحاب متبادل ومتناسق ومتوازن للقوات الأجنبية، مع الإسراع في حل الجماعات المسلحة والميليشيات ونزع سلاحها وفرض عقوبات أممية ضد من ينتهك حظر الأسلحة أو وقف إطلاق النار، وإنشاء قوات أمن ودفاع ليبية موحدة تحت سلطة مدنية موحدة.
برلين 3
وفيما يخص مؤتمر برلين 3 الذي اختتم أعماله أمس الجمعة وفي اجتماعها الأول منذ أكتوبر 2021 بصيغتها العامة كلجنة متابعة دولية معنية بليبيا والتي أنشئت وفقاً لقرارات مؤتمري برلين فقد جدد المشاركون التزامهم بالعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة في ليبيا واحترامهم لقرارات مجلس الأمن.
وجدد المشاركون خلال اجتماعهم في برلين برئاسة مشتركة من المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه، والمبعوث الألماني الخاص إلى ليبيا السفير كريستيان باك، التأكيد على احترامهم التام والتزامهم الكامل بسيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، مؤكدين مرة أخرى عزمهم على مواصلة دعم ليبيا وشعبها. وأكدوا أيضاً التزامهم بالامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا وحثوا جميع الأطراف الفاعلة الدولية على أن تحذو حذوهم.
وقف القتال
أعرب المشاركون من 20 دولة ومنظمة إقليمية عن أسفهم أنه بينما لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020 صامدًا، إلا أنه لم يُنفذ بالكامل بعد. وقد توقف التقدم الأولي نحو حل سياسي للأزمة الليبية. وهذا يمثل مخاطر متزايدة على استقرار ليبيا ووحدتها، وذلك بسبب أزمة شرعية المؤسسات الليبية، وهياكل الحوكمة المجزأة، والتدهور السريع للوضع الاقتصادي والمالي.
المصالحة
وأشاد المشاركون بجهود الأطراف الليبية الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية، ونوهوا بالدور البناء للاتحاد الأفريقي في هذا الصدد وأعربت البعثة الأممية عن تطلعها إلى العمل بتنسيق وثيق مع الدول الأعضاء بشأن أي مبادرة داعمة، وكذلك مع المنظمات الإقليمية.
وأقر المشاركون أيضاً بأهمية العمل الذي قامت به اللجنة الاستشارية في تحديد مسارات عملية لمعالجة القضايا الخلافية الحرجة التي تعيق إحراز تقدم في العملية السياسية. وأشادوا ببعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لتيسير عمل اللجنة وإشراكها الجمهور الأوسع إلى جانب الأطراف الفاعلة السياسية والأمنية وذلك من أجل بناء توافق ودعم واسع النطاق للمضي قدماً.
التنسيق الدولي
واتفق المشاركون على ضرورة تجديد التنسيق الدولي دعماً لجهود البعثة بناءً على مخرجات اللجنة الاستشارية. كما دعوا جميع الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب من شأنها تعميق الانقسامات مذكّرين بأنه ستتم محاسبة من يعرقل العملية السياسية، بما في ذلك بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
البعثة الأممية
وقد أطلعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المشاركين على مشاركتها مع الجمهور الأوسع، إلى جانب الأطراف السياسية والأمنية، بهدف بناء توافق في الآراء ودعم واسع النطاق لخارطة طريق واضحة توافقية نحو الانتخابات والمؤسسات الموحدة، بناءً على إطار قانوني متفق عليه ضمن جدول زمني واضح ومراحل ملموسة.
وأعاد المشاركون التأكيد على التزامهم بعقد اجتماعات منتظمة بصيغة الجلسة العامة للجنة المتابعة الدولية حول ليبيا لتوجيه الدعم الدولي للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، وأشاروا إلى أن ليبيا أضيفت إلى هذه الصيغة في عام 2021. كما اتفق المشاركون على السعي لدور أكثر فاعلية وتنسيقًا للمجموعات العاملة الأربع (السياسية، الاقتصادية، الأمنية، حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي)، ومناقشة سبل المضي قدماً.
ورغم أهمية المؤتمرات الدولية حول ليبيا إلا أن نتائج هذه الاجتماعات تحتاج لخطة واضحة لتنفيذها بالتعاون مع الأطراف المحلية السياسية والعسكرية كي تخرج هذه المؤتمرات من أروقة القاعات المغلقة إلى التطبيق العملي على أرض الواقع.