تشهد الساحة الليبية تصاعدا ملحوظا في التوتر السياسي والأمني مع تجدد الاتهامات لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بالتواطؤ مع التشكيلات المسلحة، وتزايد التحذيرات من تفاقم الأوضاع في العاصمة طرابلس.
ففي وقت تتسابق فيه المبادرات الدولية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة تصدرت التصريحات النيابية والإدانات المحلية والدولية المشهد لتسلط الضوء على عمق الأزمة وتعقيداتها وسط مخاوف حقيقية من انزلاق المنطقة الغربية إلى موجة جديدة من العنف وعودة الصراع المسلح إلى الواجهة.
وقد اتهم عضو مجلس النواب عليُّ التكبالي رئيسَ حكومة الوحدة الوطنية عبدَ الحميد الدبيبة بالدفاع عن المجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس رغم اعترافه السابق بتجاوزاتها.
وأوضح التكبالي أن الدبيبة تجاهل الانتهاكات التي ارتكبتها هذه التشكيلات والتي شملت توقيف واستجواب المواطنين خارج الأطر القانونية لافتا إلى أن الحكومة سعت لدمج عناصرها في الأجهزة الأمنية والعسكرية في إطار تحالف معلن معها.
في السياق ذاته أعربت لجنة التواصل ببلدية طرابلس عن قلقها من غياب أي التزامات رسمية بوقف الاقتتال محذرة من أن العاصمة لا تزال تحت تهديد حقيقي يقوض فرص استقرارها.
وأشارت اللجنة إلى أن المواجهات المسلحة الأخيرة خلفت خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات ما يعكس غيابا خطيرا للمسؤولية واستهتارا بأمن المدنيين مؤكدة أنها تواصلت مع الحكومة ورئاسة الأركان والتشكيلات المسلحة لاحتواء التوتر.
من جهة أخرى شكل “اجتماع برلين 3” محطة جديدة في جهود تسوية الأزمة الليبية وسط مشاركة دولية وإقليمية موسعة.
وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط أن الاجتماع حمل رسائل واضحة بشأن انطلاق عملية سياسية متأنية ومتدرجة وفق خريطة طريق أممية تشمل أربعة مقترحات من بينها تشكيل حكومة جديدة موحدة أو دمج الحكومتين الحاليتين عبر اتفاق سياسي.
ورجح قزيط أن تكون العقوبات الدولية المقترحة أكثر تأثيرًا على قادة المجموعات المسلحة نظرا لارتكابهم انتهاكات جسيمة وملفات فساد، مشيرا إلى أن التلويح بها قد يكون رادعا فعالا مقارنة بالعقوبات السابقة التي طُبقت على شخصيات سياسية دون فاعلية تذكر.
بدوره رأى النائب عبد السلام نصية أن الاجتماع عكس الحد الأدنى من التوافق لكنه اعتبر أن التمثيل لم يكن على أعلى مستوى مطالبا باختبار جدية الأطراف الليبية في الالتزام بمخرجات اللجنة الاستشارية وتوحيد السلطة التنفيذية.
وفي موازاة ذلك أصدر حراك أبناء سوق الجمعة بيانا طمأن فيه سكان العاصمة بأن طرابلس آمنة نافيا صحة ما يتم ترويجه عن قرب اندلاع حرب.
وأكد الحراك استمرار تظاهراته السلمية ضد حكومة الوحدة التي وصفها بحكومة الدم والتطبيع مشددا على رفضه الانجرار إلى أي صراع مسلح.
من جانبه أشار رئيس تجمع تكنوقراط ليبيا أشرف بلها إلى أن البعثة الأممية باتت تعتمد بشكل رئيسي على مخرجات لجنة (6+6) معتمدا على المقترحات التي قدمتها اللجنة الاستشارية لحل مختنقات المرحلة.
واعتبر بلها أن عودة روسيا للمشهد الدولي وتوحيد الخطاب الإقليمي والدولي كما بدا في برلين 3 يشكلان دافعا مهما لإنجاز العملية السياسية المنتظرة.
تأتي هذه التطورات في وقت دقيق تمر به البلاد وسط تصاعد الدعوات لتغيير حكومي حقيقي وإعادة ضبط المسار السياسي بما يضمن تنظيم الانتخابات وإرساء استقرار دائم في ليبيا.