قدمت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي تناولت آخر التطورات السياسية والأمنية في البلاد في ظل استمرار الأزمة الليبية الممتدة منذ سنوات.
ورافق هذه الإحاطة تباين واسع في ردود الفعل بين السياسيين الليبيين ومسؤولي الأمم المتحدة والدول الكبرى.
المواقف المحلية تجاه بعثة الأمم المتحدة
عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة وصف التجارب مع البعثة الأممية بأنها سلبية للغاية مشيرا إلى أن البعثة لم تقدم خطوات فعلية لإنهاء الأزمة بل أصبحت أداة بيد الدول المهيمنة على الأمم المتحدة التي تهدف إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه. واعتبر أوحيدة أن الأزمة الليبية في جوهرها أمنية وأن نجاح أي حكومة لن يكون ممكنا دون حل المعضلة الأمنية في العاصمة طرابلس التي تتحكم بها المجموعات المسلحة.
وأشار إلى أن بعض الدول الإقليمية تسعى لاستمرار الأزمة الليبية وأن تجارب الاتفاقات السابقة مثل اتفاق الصخيرات وحوارات جنيف لم تنجح في تحقيق حل حقيقي.
عضو مجلس النواب مفتاح كويدير اتهم المبعوثة هانا تيتيه بأنها تسعى لخلق فجوة جديدة وتعميق الانقسام السياسي بين شرق ليبيا وغربها واصفا مواقفها بأنها تعمل على خراب ليبيا.
وأكد عدم ثقته في قدرة تيتيه على تحقيق أي نجاح مشددا على أن المبعوثين الأمميين السابقين كانوا يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة وليس مصلحة ليبيا.
عضو مجلس النواب سليمان سويكر اعتبر أن إحاطة بعثة الأمم المتحدة تمثل إعلانا سياسيا يهدد دورها التيسيري لافتا إلى تجاهل الخطاب الأممي للانقسام الجغرافي والمؤسساتي بين طرابلس وبنغازي.
وأكد أن دعوة البعثة لإجراء انتخابات فورية تتجاهل الواقع السياسي والانقسام الحاد بين شرق وغرب البلاد.
عضو مجلس النواب صالح أفحيمة انتقد بشدة تدخل البعثة في الشأن الليبي الداخلي معتبرا أنها انحرفت عن دورها كوسيط نزيه وتجاوزت صلاحياتها خاصة فيما يتعلق بمداولات مجلس النواب حول الميزانية وصندوق إعادة الإعمار.
ورفض تدخل البعثة في الصلاحيات التشريعية مطالبا بسحبها فورا من البلاد مؤكدا حق ليبيا في اتخاذ الإجراءات لحماية سيادتها وتوجيه التسوية نحو حل وطني خالص.
عضو مجلس الدولة الاستشاري سعد بن شرادة تساءل عن استمرار دعم بعض الليبيين للبعثة الأممية مشيرا إلى أن قانون الانتخاب والدستور جاهزان لكن البعثة لا ترغب في المضي قدما في هذا المسار بل وجدت ضالتها مع الدول المتدخلة التي تحقق استفادة مادية من الوضع الراهن.
المواقف الدولية والدعم الأممي
المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد أعربت عن قلق بلادها إزاء الاشتباكات المسلحة في طرابلس خلال مايو الماضي مؤكدة دعم لندن لجهود بعثة الأمم المتحدة ووضع خارطة طريق سياسية واضحة.
وشددت على أهمية منح الشعب الليبي فرصة حقيقية لإجراء انتخابات وطنية حرة وذات مصداقية.
مندوبة فرنسا لدى الأمم المتحدة أكدت هشاشة الهدنة في طرابلس داعية إلى احترامها والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وشددت على أهمية إعادة إطلاق العملية السياسية مع وضع خارطة طريق واضحة وجداول زمنية دقيقة إلى جانب إعادة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية وتنفيذ خطة نزع السلاح وإنهاء ظاهرة الميليشيات.
مندوبة الولايات المتحدة أوضحت أن اجتماع برلين يمثل فرصة لإثبات دعم المجتمع الدولي لعملية سياسية بقيادة ليبية مؤكدة دعم واشنطن للتكامل الأمني بين شرق وغرب ليبيا عبر برامج تدريبية ومشيرة إلى أن الشعب الليبي لا يرغب في التورط بنزاعات إضافية في المنطقة.
مندوب روسيا أكد أن إطلاق عملية سياسية جامعة هو السبيل الوحيد لحل الأزمة الليبية مشددا على أن الحلول لا تفرض على الشعوب ودور الأمم المتحدة يجب أن يقتصر على تيسير الحوار دون استبدال الإرادة الوطنية.
وأكد دعم موسكو للصيغ الليبية – الليبية وخاصة الحوار بين مجلسي النواب والدولة بوساطة مصرية.
تكشف الإحاطة الأخيرة للبعثة الأممية وتصريحات المسؤولين الليبيين والدوليين عن عمق الانقسام السياسي والأمني في ليبيا وصعوبة تحقيق تقدم سياسي ملموس في ظل استمرار الخلافات الداخلية والتدخلات الإقليمية في الوقت الذي تؤكد فيه الدول الكبرى دعمها للبعثة الأممية والخطوات السياسية يرفض كثير من السياسيين الليبيين تدخل البعثة ويطالبون بحلول وطنية خالصة تراعي واقع البلاد.
يبقى ملف ليبيا معلقا بين أمل في استقرار محتمل عبر العملية السياسية ومخاوف من استمرار الانقسام والتأثيرات الخارجية التي تعرقل التسوية الشاملة.