لازالت قضية لوكربي كابوس يؤرق ليبيا منذ 37 عامًا، ولازالت آثارها تنعكس على البلاد في الداخل والخارج، حيث اختطف بالأمس القريب عبد المنعم المريمي ابن شقيق المواطن أبو عجيلة المريمي الذي سُلم للويات المتحدة الأمريكية.
وفي هذا الإطار وثّقت البعثة الأممية حالات احتجاز ما لا يقل عن 60 فرداً بسبب انتمائهم السياسي الفعلي أو المُتصور، مرجحة أن يكون العدد الفعلي للأشخاص المحتجزين بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم السياسية، أعلى بكثير.
جدير بالذكر أن عبد المنعم المريمي ابن شقيق أبو عجيلة، تم اختطافه خلال الأيام الماضية، لأنه المتحدث باسم العائلة والمتهم بمتابعة محاكمة عمه أبو عجيلة المريمي الذي سلمته حكومة الوحدة، كما أنه هاجم الحكومة عدة مرات ودعا لتظاهرات ضدها، وأكد أنها حكومة عميلة.
وجاءت عملية خطف المريمي بعد حملة تحريض ضده على خلفية انتمائه للحراك المناهض لحكومة عبد الحميد الدبيبة.
مديرية أمن صبراتة
من جانبها كانت مديرية أمن صرمان قد أعلنت خطف مجهولين الناشط عبدالمنعم المريمي، نافية وجوده داخل أي جهة أمنية تابعة لها.
وعثرت دورية تابعة لمركز شرطة صرمان المدينة، بالتعاون مع وحدة البحث الجنائي، على سيارة المريمي مركونة على الطريق العام بالمدينة وداخلها بنتيه الصغيرتين وهما بحالة جيدة
وطالب نورالدين المريمي شقيقي عبد المنعم النائب العام الصديق الصور بفتح تحقيق في الواقعة وإعادة شقيقه والتوصل إلى هوية الخاطفين.
حكومة الوحدة مسؤولة
وفي هذا الصدد أكد المرشح الرئاسي سليمان البيوضي، أن تجرؤ الخاطفين على عبدالمنعم واختطافه من بين أطفاله، يرجع لأنه لا يملك ميلشيا وليس آمر تشكيل مسلح، فهو لا يملك إلا صوته وإرادته، محملا “حكومة الدبيبة مسؤولة عن سلامته وحريته ومطالبة بالكشف عن مصيره”.
وأضاف البيوضي في تدوينة له على فيسبوك، أن من يدعمون الاختطاف والقتل لمن يختلفون عنهم في الرأي، فهم ضحايا تنتظر دورها في دوّامة الفوضى.
خروقات أمنية
من جانبها دانت المُؤسسة الوطنية لحقـوق الإنسان واقعة الاختطاف والاحتجاز التعسفي التي تعرض لها عبدالمنعم المريمي ابن شقيق بوعجيلة مسعود، مشيرة إلى أن المسلحين اختطفوه وتركوا أطفاله وحدهم في السيارة التي كان يستقلها ولازال مصيره مجهولاً حتى الآن وبدون تصريح أو إعلان من أي جهة أمنية تحتجزه.
ودعت المؤسسة لملاحقة الجُناة المسؤولين عن هذه الأعمال الإجرامية الآثمة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومحاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم إلى العدالة.
وأكدت المؤسسة أن هذه الواقعة تُبرهن على حقيقة الغياب التام لضبط الأفعال ومقاومة الأعمال الإجرامية وتُبرهن على سُوء الأوضاع الأمنية في طرابلس، محملة الخاطفين و”حكومة الدبيبة” المسؤولية القانونية الكاملة حيال سلامته الشخصية، مطالبة الخاطفين بإطلاق سراحه فوراً دونما أي قيد أو شرط.
كما حملت المؤسسة وزارة الداخلية المسؤولية القانونية الكاملة أيضًا حيال هذه الخروقات الأمنية، وعدم الإيفاء بواجبتها والتزاماتها في ضمان أمن وحماية وسلامة المواطنين.
المريمي تلقى تهديدات
وفي سياق ذي صلة أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن المريمي سبق أن تلقّى تهديدات عبر هاتفه، مرجحة أن يكون اختفاؤه ناتجاً عن جريمة خطف متعمدة، وطالبت بالإفراج الفوري عنه وضمان عودته سالماً لمتابعة نشاطاته.
وأدان عبد المنعم الحر، رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، «بشدة جميع عمليات الخطف التي تستهدف المدنيين والنشطاء والعاملين في المجال المدني دون أي استثناء».
وقال إن ليبيا تعيش حالة من انعدام القانون والفوضى على نطاق واسع بسبب عمليات الاختطاف الروتينية، في حين تُشدد الجماعات المسلحة من قبضتها على البلاد.
نقل عينة حمض نووي لاسكتلندا
من جهة أخرى لازالت قضية خطف أبو عجيلة المريمي ومحاكمته موجودة على السطح، حيث سلمته حكومة الوحدة الوطنية إلى الولايات المتحدة، بعد قيام مجموعة مسلحة باقتحام منزله واختطافه، ولازالت محاكمته التي لا تتابعها الحكومة التي سلمته جارية.
وفي هذا السياق أكدت صحيفة التايمز البريطانية، أنه تم نقل عينة من الحمض النووي من إسكتلندا إلى الولايات المتحدة لمقارنتها مع عينة تعود للمواطن أبوعجيلة مسعود المريمي، في إطار التحقيق بقضية لوكربي.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها خبراء الطب الشرعي في إسكتلندا من استخراج عينة بيولوجية من الحقيبة التي وُضعت فيها القنبلة، إضافة إلى مظلة شخصية كانت بداخلها.
وأضافت أنه تجري حالياً عملية مطابقة العينات مع الحمض النووي لأبوعجيلة، مبينة أنه لم يتم الإعلان حتى الآن عن أي تطابق نهائي، حيث لا تزال التحاليل الجينية جارية على عينة المريمي ومقارنتها بالأدلة الأصلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن العملية شملت أيضاً نقل أجزاء من حطام الطائرة إلى الولايات المتحدة، في إطار التعاون وتبادل المعلومات بين الأطراف المعنية بالتحقيق.
ما بين اختطاف آل المريمي، والاتهمات التي وجهتها المؤسسات الحقوقية لحكومة الوحدة الوطنية بالتورط في عملية الخطف، وعدم اتخاذ خطوات من شأنها حفظ الأمن والاستقرار، وبين استمرار قضية لوكيربي ومحاكمته في الخارج، يبقى الواقع الأليم الذي يعيشه المواطن وقلقه من غياب الأمن أزمة مستمرة.