في غضون ساعات قليلة، تصدّر السنغالي فوسينو سيسيه عناوين الصحف، بعدما لُقِّب بـ«بطل الدائرة الثامنة عشرة» إثر إنقاذه ستة أشخاص، بينهم رضيعان، كانوا عالقين في حريق اندلع بأحد المباني في قلب العاصمة الفرنسية باريس. فوسينو، البالغ من العمر 39 عامًا والأب لطفلين، أظهر شجاعة استثنائية وقدرة كبيرة على ضبط النفس، وينتظر تكريمًا رسميًا قريبًا من الحكومة الفرنسية.
وبحسب التفاصيل، شبَّ الحريق يوم الجمعة 4 يوليو في مبنى بالدائرة الثامنة عشرة، حيث وجدت عائلتان نفسيهما محاصرتين وسط النيران في الطابق السادس والأخير. فوسينو، الذي يسكن بالقرب من الموقع، سارع إلى مكان الحريق وصعد إلى حافة نافذة الشقة على ارتفاع 20 مترًا عن الأرض. وتمكّن من انتشال رضيعين وطفلين آخرين يبلغان 9 و11 عامًا، إضافة إلى مساعدة الأمهات على الخروج من مكان الخطر.
وفي حديثه لموقع «مهاجر نيوز» قال فوسينو: «كان هؤلاء الأشخاص في خطر. لم أفكر كثيرًا قبل أن أتصرف. أدركت فقط بعد مشاهدة اللقطات على مواقع التواصل أنني كنت أنا أيضًا في وضع شديد الخطورة».
وأكد أحد الجيران لصحيفة «لو باريزيان» أنه لولا تدخل فوسينو «لكان الجميع توفوا اختناقًا». وأفاد مكتب المدعي العام في باريس بنقل عشرة من سكان المبنى إلى المستشفى نتيجة تسممهم بأبخرة الحريق.
وسرعان ما انتشر مقطع فيديو يوثّق عملية الإنقاذ على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما صورته جارة من المبنى المقابل. وحظي الفيديو بتفاعل واسع من شخصيات سياسية، من بينها وزير الداخلية جيرالد دارمانان الذي غرّد عبر منصة «إكس»: «في مجتمع يتجه نحو الفردية، ينبغي أن تُلهمنا شجاعة فوسينو سيسيه جميعًا. أحسنت، أنت بطل». أما آن هيدالغو، عمدة باريس، فقد كتبت عبر «بلوسكاي»: «فوسينو سيسيه بطل! بشجاعته ورباطة جأشه أنقذ حياة عائلة كاملة. إنه فخر باريس وامتناننا له عظيم».
وفي أقل من 24 ساعة، تغيّرت حياة فوسينو كليًا، ليصبح اليوم «بطل الدائرة الثامنة عشرة». ويحاول سيسيه التوفيق حاليًا بين عمله وحياته اليومية وسط الاتصالات الصحفية المكثفة. وقال في حديثه مع «مهاجر نيوز»، مدهوشًا من هذا الاهتمام الإعلامي والسياسي: «عندما غادرت العمل مبكرًا، وجدت حتى صحفيين بانتظاري في الخارج! لديّ موعد مع رئيس البلدية بعد قليل، لكنني لا أعرف السبب».
وسيتم تكريم فوسينو سيسيه لأعماله الشجاعة ولإخلاصه في 13 يوليو من قبل عمدة الشرطة في باريس بناء على طلب وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو. كما يطالب أيمانول غريغوار المرشح لعمدة باريس بمنح سيسيه ميدالية مدينة باريس.
فوسينو سيسيه، الحاصل على إقامة فرنسية عائلية ويعمل في بلدية باريس كموظف استقبال في الأبنية المدرسية للعاصمة. لا يحق له أن يحظى بعقد عامل دائم من قبل البلدية كونه ليس حاملا للجنسية الفرنسية وهو يأمل الآن أن تساعده هذه القصة للحصول على عقد عمل دائم مع البلدية