التقى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، لبحث الخطوات العملية لاختيار خريطة طريق تمهد لتشكيل حكومة جديدة، خلال اليومين الماضيين.
المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب، قال إن اللقاء «بحث مستجدات الأوضاع السياسية، والخطوات العملية لاختيار خريطة طريق واضحة لاختيار حكومة جديدة موحدة تمهيدا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة»، ولم يوضح مكان اللقاء بين عقيلة والمشري، والذي لم يعلن عنه مسبقا.
لقاء عقيلة والمشري الذي لم يتم تحديد مكانه من قبل مجلس النواب، والذي لم يتم الإعلان عنه قبل عقده، كان دافعا للتساؤل عن مكان اللقاء خاصة في هذا التوقيت وأهدافه، والموضوعات التي تم مناقشتها، وفي هذا الصدد أفاد موقع عربي 21، أن اللقاء عقد في مصر وكان مغلقا.

محاور اللقاء
ونقل الموقع عن مسؤول ليبي أن اللقاء تركز على بحث الخطوات العملية لإنجاز اختيار الحكومة الجديدة الموحدة، بشرط وجود شراكة حقيقية من مجلس الدولة، ووجود رعاية من قبل البعثة الأممية.
وأضاف أن عقيلة والمشري ناقشا أيضا ضرورة اتخاذ إجراءات قانونية لضمان الاستقلالية المالية للجهات العامة غير الحكومية، مثل الجهات التشريعية والرقابية والقضائية، كما تطرقا إلى مخرجات اللجنة الاستشارية ومدى مناسبتها للدفع نحو عملية انتخابية متزامنة قريبًا.
يأتي اللقاء بعد أقل من 48 ساعة من استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لرئيس مجلس النواب، لعقد مباحثات أكد خلالها على أهمية الحفاظ على وحدة ليبيا وسلامة مؤسساتها الوطنية، مشددا على دعم القاهرة الكامل للمسار السياسي الليبي.
اعتراف ضمني بالمشري
عقب اللقاء، خاطب عقيلة رئيس المجلس الأعلى للقضاء والنائب العام ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ورئيس ديوان المحاسبة ورئيس هيئة الرقابة الإدارية ورئيس هيئة مكافحة الفساد، بشأن التعامل مع “خالد المشري” بوصفه رئيسا منتخبا للمجلس الأعلى للدولة بناء على حكم المحكمة العليا.
اتهامات تكالة لعقيلة
في المقابل اعتبر رئيس المجلس الرئاسي محمد تكالة منح مجلس النواب خالد المشري، صفة الرئاسة، تدخل في شؤون مجلس الدولة، مشيرا إلى أن حكم المحكمة العليا الذي ورد في تعميم عقيلة صالح لم يمنح صفة لأي طرف، بل اقتصر على مسألة الاختصاص الولائيّ، ولم يمس بشرعية انتخاب محمد تكالة رئيسا للمجلس.
وأضاف أن استمرار بعض الجهات في التعامل مع مراسلات من خارج المكتب المنتخب، يُعد مخالفة قانونية يحمل مرتكبها المسؤولية أمام القضاء والمؤسسات الرقابية.
وأكد أن التعميم الصادر عن رئاسة مجلس النواب يعد تجاوزًا لاختصاصه، وتدخل غير مقبول في الشؤون الداخلية للمجلس الأعلى للدولة، ويشكل مخالفة صريحة للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري ومبادئ الفصل بين السلطات.
نتائج وطنية مهمة
من جهته رأى عضو مجلس الدولة الاستشاري، وحيد برشان، أن التوافق بين خالد المشري وعقيلة صالح سيحقق نتائج وطنية مهمة في هذه المرحلة الحرجة من عُمر الوطن.
وأضاف أن مخاطبة عقيلة صالح لـ7 مؤسسات في الدولة بالاعتراف بخالد المشري كرئيس منتخب لمجلس الدولة، سيكون له تبعات واستحقاقات مهمة كتشكيل حكومة جديدة موحدة، وتسمية مناصب الأجهزة السيادية، والوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وأشار إلى أن صدور حُكم المحكمة العليا منذ فترة، كاعتراف بأحقية المشري برئاسة مجلس الدولة، كان مهمًا، ولكن الأهم هو تطبيق الحُكم بشكل فعلي على أرض الواقع من قِبل مؤسسات الدولة.
فراع سياسي
أما عضو مجلس النواب علي التكبالي، فأكد أن اجتماع عقيلة والمشري تم عقده بطريقة ذكية تحمل رسالة واضحة مفادها أن ليبيا لن تواجه فراغا سياسيا في حال رحيل حكومة الوحدة الوطنية.
وأضاف أن هذه الخطوة تمثل تحركًا استباقيا لطمأنة الداخل والخارج، بأن المسار السياسي في ليبيا يمكن أن يستمر بشكل منظم دون انزلاق إلى الفوضى، مؤكدا ضرورة الإسراع في تنفيذ الاتفاقات التي تخرج عن هذه اللقاءات، وعدم الاكتفاء بالتصريحات.
توافق مستمر
فيما اعتبر أستاذ القانون بجامعة درنة راقي المسماري أن لقاء عقيلة والمشري يمثل عودة التنسيق السياسي والتئام المؤسسات التشريعية، وذلك في أعقاب صدور حكم المحكمة العليا بطرابلس الذي اعتبره عدد من القانونيين اعترافا قانونيا غير مباشر برئاسة المشري لمجلس الدولة.
وأوضح المسماري أن رئيسي المجلسين متوافقان منذ 4 سنوات تقريبا ويمثلان التوافق الليبي الوحيد على الساحة السياسية الآن، وليس بإمكان الداعين إلى الحل الليبي الليبي إلا مسار التوافق بين عقيلة والمشري الذي يحظى بتأييد تركي ومصري، وهو ما يُبعد البعثة عن إدارة الملف الليبي. جدير بالذكر أن هناك عدة لقاءات جمعت عقيلة مع المشري، وكان آخر لقاء جمعهما في مدينة بوزنيقة المغربية، في 18 ديسمبر 2024، ضمن سلسلة تحركات متكررة تهدف إلى كسر الجمود السياسي المتفاقم، وعلى الرغم من هذه اللقاءات المتكررة لم يتم التوصل إلى نتائج ناجعة تفضي لانتخابات حتى الآن، فهل يتمكن الجانبان الآن من الوصول لاتفاقات تحقق الأهداف المرجوة؟!