اعتمد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف منذ يومين، وبالإجماع قرار ”تمكين النساء والفتيات في الرياضة ومن خلالها”.
وفي هذا الصدد استطاعت المرأة العربية تحقيق العديد من الإنجازات المُميزة فيها والّتي أوصلتها للعالمية رغم القيود الاجتماعية المُحيطة بها، ولكن ماذا عن المرأة الليبية ودورها في الرياضة؟
يمكن الإجابة عن هذا السؤال باستذكار حادثة إلغاء ومنع فريق كرة القدم النسائية من المُشاركة في بطولة كرة القدم النسائية التي عُقدت في يوليو عام 2013 في ألمانيا، وقد أثارت حينها ردود أفعال واسعة بين الليبيين الذين كعادتهم انقسموا مؤيدين ومعارضين.
لم يتغير الوضع كثيرا بين 2013 وهذا العام رغم مرور أكثر من عقد من الزمن، حيث أثار إعلان الاتحاد الليبي لكرة القدم في مايو الماضي، عن فتح باب المشاركة في التجمع الأول لاختيار لاعبات المنتخب الوطني النسائي، استعدادًا للاستحقاقات الدولية القادمة، موجة واسعة من الجدل بين مؤيد ومعارض.
وعلى الرغم من أن هذه البادرة تعلن الأولى من نوعها بهذا الشكل الرسمي والعلني، إلا أنها ووجهت برفض ونقد واضح خاصة من شريحة المجتمع المحافظ الذي يرى أن ممارسة النساء للرياضة علنًا، وخصوصًا كرة القدم، قد تتعارض مع التقاليد والأعراف الاجتماعية، بعض الأصوات ذهبت إلى أبعد من ذلك، معتبرة أن مثل هذه المبادرات تتعارض مع القيم الإسلامية.
يأتي هذا التوجه الناقد، في مواجهة محاولات دعم من الحكومة والمجتمع الدولي، حيث كرم سفير الاتحاد الأوروبي في ليبيا نيكولا أورلاندو، بمشاركة وزيرة شؤون المرأة في حكومة الوحدة الوطنية حورية الطرمال، في 2024 «رياضيات ليبيا الاستثنائيات».
بالتزامن مع ذلك بدأت تظهر مبادرات لزيادة مشاركتها في الأنشطة الرياضية المختلفة، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات الوطنية، كما بدأت تظهر مبادرات لزيادة الوعي بأهمية مشاركة المرأة في الرياضة، سواء من خلال وسائل الإعلام أو من خلال فعاليات رياضية خاصة بالمرأة، علاوة على الفعاليات الرياضية التي تنظمها منظمات المجتمع المدني .
عزوف المرأة
ولكن رئيس لجنة كرة القدم النسائية سُعاد الشيباني أعربت عن أسفها لعزوف المرأة الليبية للمشاركة أو الاحتراف في مجالات الرياضة، رغم وجود العديد من الحوافز والدعم حد تعبيرها، معقبة بأن ثقافة المجتمع تمنعها لأنه ينظر بريبة لاحتراف المرأة في هذا المجال رغم إن الإتحاد الدولي لكرة القدم قد سمح منذ عام 2009 لعب المسلمات بالحجاب.
وأضافت الشيباني ”نحن نسعى لضرورة تشجيع النساء والفتيات على اللّعب والاحترام، وإن أهمية الرياضة لا تقف على العنصر الرجالي فقط، ولابد من توفير مرافق رياضية خاصة بهن، كمبدأ المساواة، ويُعد غياب هذه المرافق الرياضية انتهاكًا لحقوق المرأة في ليبيا”.
حقوق المرأة
من جانبه رأى رئيس اتحاد كرة القدم الرجالية عادل الخُمسي أن ليبيا لم نصل بعد لثقافةٍ تعطي المرأة حق ممارسة الرياضة والاحتراف فيها، ولا تزال عقلية إنها ” ربة بيت” سائدة.
وأضاف أن الاتحادات الرياضية تنظر لممارسة المرأة للرياضة واحترافها لعبة كرة القدم شيءٌ ثانوي وغير ضروري، وهو ما يُعد من أكبر الأخطاء التي طمست هوية المرأة الليبية على المستويين الإفريقي والعربي، ضاربا المثل باللاعبة الليبية المُحترفة دولياً رتاج السائح الّتي تحصلت على قلائد في رمي الجُلة، وتم إهمالها ومحاربتها في الوقت الّذي كان من المُمكن أن تكون بطلة على مستوى أفريقي وعربي.
تشريعات حماية
أما الصحفي الرياضي خيري القاضي فحمل المسؤولية على الجهات الرياضية المسؤولة كوزارة الرياضة واللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية بجميع ألعابها، مشددا على ضرورة بناء مرافق وتهيئتها لاستقبال اللاعبات الّلاتي يودون الاحترافية عالمياً، فهن يجلبن القلائد والألقاب ويرفعون راية بلادهم بالمحافل الدولية.
فيما أكد المُستشار القانوني وائل بن إسماعيل عدم وجود أي تشريعات في ليبيا تمنع حق ممارسة الرياضة أو حظرها على المرأة من الناحية القانونية، ويكمن الأمر في العادات والتقاليد ونظرة الليبيين لحق ممارسة المرأة للرياضة.
وفي هذا الصدد ترددت شعارات تطالب بسن قوانين وتشريعات تحمي حقوق المرأة في مجال الرياضة وتضمن لها بيئة آمنة ومناسبة للممارسة.
تمكين المرأة الليبية في الرياضة هدف يستحق المتابعة، ويتطلب تضافر الجهود وتذليل التحديات لضمان مشاركة فعالة ومستدامة للمرأة في هذا المجال.