أعلنت شركة “Colossal Biosciences”، المتخصصة في تقنيات الهندسة الوراثية والمتمركزة في ولاية تكساس الأمريكية، عن مشروع علمي جديد يهدف إلى إعادة إحياء طائر الموا العملاق، الذي انقرض من نيوزيلندا قبل نحو 600 عام.
ويعتمد المشروع على التعديل الجيني لأقرب الأنواع الحيّة من طائر الموا، في محاولة لاستنساخ تركيبه الوراثي من خلال استخدام الحمض النووي المستخرج من بقايا الطائر المنقرض، والذي كان يبلغ طوله نحو 3 أمتار، ويتمتّع بعنق طويل وساقين قويتين استُخدمتا على الأرجح للدفاع عن النفس.
وتسير الشركة على نهج مماثل لمشاريع سابقة أثارت تفاعلًا واسعًا في الأوساط العلمية والإعلامية، من بينها إعلانها خلال أبريل الماضي عن ولادة ثلاثة جراء من “الذئب الرهيب” المنقرض منذ 10 آلاف عام، باستخدام تقنيات الاستنساخ والجينات المأخوذة من الذئب الرمادي.
ويُعد مشروع طائر الموا أحد المبادرات البارزة التي تقودها الشركة، والتي تشمل أيضًا محاولات لإعادة إحياء الماموث الصوفي، وطائر الدودو، والنمر التسماني المعروف باسم “الثيلسين”.
وفي إطار التعاون العلمي، أعلنت “Colossal Biosciences” عن شراكة رسمية مع مركز أبحاث “نجاي تاهو” في جامعة “كانتربري” بمدينة “كرايستشيرش” بنيوزيلندا، بهدف إعادة طائر الموا إلى بيئته الأصلية. ويعد المركز أحد المؤسسات التابعة للقبيلة الماورية الرئيسية في جنوب البلاد، والتي لطالما اعتبرت طائر الموا جزءًا من تراثها البيئي والثقافي.
وسيتركز العمل في مراحله الأولى على تحليل الحمض النووي القديم لتسعة أنواع من طيور الموا، بهدف فكّ الشيفرة الوراثية للطائر العملاق “Dinornis robustus” ومقارنتها بأقرب الأنواع الحية والمنقرضة.
وقال “بن لام”، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك للشركة، إن دراسة الجينوم الكامل لأنواع الموا قد تفتح آفاقًا جديدة لفهم العلاقة بين تغيّر المناخ، والنشاط البشري، وفقدان التنوع البيولوجي، معتبرًا أن هذه المشاريع تمثّل تقدمًا في مجال علوم الحياة وتاريخ الأنواع.
وكانت الشركة قد أعلنت أنها جمعت أكثر من 435 مليون دولار منذ تأسيسها في عام 2021، على يد بن لام وعالم الوراثة الشهير في جامعة “هارفارد” جورج تشيرش، مؤكدة تخصيص جزء مهم من هذا التمويل لمشروع طائر الموا، دون الكشف عن الرقم المحدد.
ويشارك في هذا المشروع أيضًا المخرج العالمي “بيتر جاكسون”، صاحب سلسلة “Lord of the Rings”، الذي يُعد من أبرز الداعمين للمبادرة، ويمتلك واحدة من أضخم المجموعات الخاصة بعظام طائر الموا، بحسب ما أفادت وكالة “أسوشيتد برس”.
وأوضح “سكوت ماكدوغال شاكلتون”، مدير مركز أبحاث الطيور في جامعة “ويسترن أونتاريو” بكندا، أن انقراض طائر الموا يعود إلى الصيد الجائر وتغيّر الموائل الطبيعية بعد وصول شعوب بولنيزيا إلى نيوزيلندا، مشيرًا إلى أن الطائر لم يكن يواجه في الأصل عددًا كبيرًا من المفترسين في بيئته.
وبموازاة العمل الجيني، تخطط “Colossal Biosciences” لإطلاق مشاريع ميدانية في نيوزيلندا تُعنى بإعادة تأهيل البيئة، مع التركيز على الموائل الطبيعية التي يمكن أن تستوعب الطائر في حال نجاح المشروع، إلى جانب حماية الأنواع الحالية في المنطقة.
من جانبه، أعرب “سكوت إدواردز”، أمين قسم علم الطيور في متحف “Comparative Zoology” بجامعة “هارفارد”، عن حماسه تجاه المشروع، رغم إقراره بأن إعادة إحياء الطائر العملاق تمثل تحديًا تقنيًا خاصًا، بسبب تطوّر الطيور داخل البيض، ما يجعل العمليات البيولوجية أكثر دقة مقارنة بالثدييات.
