وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رسالة إلى رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبدالحميد الدبيبة بشأن فرض رسوم جمركية على الواردات من ليبيا بنسبة 30%، والتي سيجرى تطبيقها بدءا من أول أغسطس.
وأشار ترامب إلى وجود ما وصفه بـ«عجز تجاري كبير» مع ليبيا، في حين تواصل الولايات المتحدة العمل مع البلاد «من خلال تجارة أكثر توازنًا وإنصافًا»، على حد قوله.
وقال الرئيس الأميركي إن بلاده خلصت، بعد مناقشات لسنواتٍ طويلة بشأن العلاقات التجارية مع ليبيا، إلى ضرورة «تجاوز هذه العجوزات التجارية طويلة الأمد والمستمرة، الناتجة عن سياسات ليبيا الجمركية وغير الجمركية والحواجز التجارية».
وتابع: «سنفرض على ليبيا تعريفة جمركية بنسبة 30% فقط على جميع المنتجات الليبية المرسلة إلى الولايات المتحدة، منفصلةً عن جميع التعريفات القطاعية»، معتبرا أن نسبة 30% «أقل بكثير مما هو مطلوب لسد فجوة العجز التجاري بين البلدين».
واستثنى قرار ترامب من الرسوم الجمركية الشركات العاملة في ليبيا التي تقرر «تصنيع أو إنتاج منتجات داخل الولايات المتحدة»، متابعا: «إذا قررتم، لأي سبب من الأسباب، رفع رسومكم الجمركية، فسيتم إضافتها، مهما كان المبلغ الذي تختارونه، إلى نسبة الثلاثين بالمائة التي نفرضها».
لا نملك بدائل للسوق
وأكد المحلل الاقتصادي، عادل المقرحي أن الرسوم الجمركية على ليبيا تبدو صادمة في ظاهرها، لكنها تظل ذات أثر رمزي طالما أنها لا تشمل النفط.
وأشار إلى أن ليبيا لا تملك بدائل تجارية واضحة للأسواق الأمريكية، كما تفتقر إلى بنية تصديرية مرنة تمكنها من التكيف مع تغيرات كهذه بسرعة، موضحا أن الأسوأ من ذلك، أنه في حال استخدمت واشنطن هذه الرسوم ورقةَ ضغط في المستقبل، خصوصًا في حال تعثرت العلاقة مع شركات أمريكية عاملة في قطاع النفط، فقد نشهد تصعيدًا اقتصاديًا يعيد خلط أوراق العلاقة بين البلدين.
واضاف أن أي خلل في العلاقة مع مستورد كبير، حتى لو كان أثره محدودًا، قد ينعكس على السوق المحلية ويثير قلقاً حول سعر صرف الدينار أمام الدولار.
صادرات ليبيا محدودة
أما المحلل الاقتصادي، محمد الشيباني، فرأى أن قرار ترامب بفرض رسوم جمركية على ليبيا، يأتي في سياق سياسي أكثر منه اقتصادي، حيث ان صادرات ليبيا إلى الولايات المتحدة محدودة، وتكاد تقتصر على النفط، والذي غالبًا ما يُستثنى من هكذا رسوم.
واضاف أن هذه الإجراءات ترسل إشارات سلبية لبيئة الاستثمار، وتؤكد هشاشة العلاقات التجارية الليبية مع الخارج، لافتا إلى أن ليبيا قد تكون من أقل الدول تأثرًا تجاريًا بشكل مباشر، لكنها من أكثرها هشاشة اقتصاديًا.
وأشار إلى أن أي هزة، حتى وإن كانت رمزية، قد تؤثر على قدرة ليبيا على جذب الاستثمارات أو التفاوض مع الشركاء الدوليين.
زيادة في سعر الأجهزة
فيما رأى مالك شركة لتوريد المعدات الطبية “عبد الرحمن عريبي” أن تأثير التعريفات الجمركية على الأسواق الليبية يتمثل في أن كثير من الأجهزة المستخدمة في مستشفيات وجامعات ليبيا تُصنع في الولايات المتحدة.
واضاف أن أي زيادة في سعر هذه الأجهزة أو صيانتها قد ينعكس سلبًا على مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، وقد يحمّل المواطن أعباء مالية إضافية.
ولفت إلى أن بعض السلع الأمريكية المتخصصة، مثل المعدات الطبية أو مكونات نظم الطاقة، لا تتوفر لها بدائل بسهولة في السوق الدولية.
وأشار إلى أن فرض رسوم إضافية على هذه السلع قد يؤدي إلى انخفاض حجم الاستيراد نتيجة ارتفاع الكلفة، ما يسبب نقصا حادا داخل السوق.
ما بين التطمينات بشأن محدودية تأثير فرض الرسوم الجمركية على ليبيا وبين التأثيرات الحقيقية للضريبة تبرز الخشية من تحمل المواطن التكاليف الإضافية إذا ما كانت التأثيرات كبيرة.
