جمعتها عفاف عبد المحسن
بين أروقة الأدب الليبي الحديث، يبرز اسم جمعة الفاخري بوصفه واحدًا من الأصوات الإبداعية التي جمعت بين فنون السرد والشعر والإعلام والبحث في المأثور الشعبي. لم يكن حضوره مقصورًا على نشر النصوص، بل تجاوزه إلى الإسهام الفعلي في المشهد الثقافي من خلال العمل المؤسسي، والتدريب، وصناعة المحتوى الإذاعي والتلفزيوني.
جميل أن تعرف الإنسان من كتاباته من كلمة تقال في مجمع أو عبر مذياع فيقول أحدهم هذه عبارة أو كلمة جمعة الفاخري .. الشاعر والقاص والصحفي والمذيع والمعد البرامجي والإذاعي والباحث في المأثور الشعبي والمستشار الثقافي والعضو المؤسس النشط للرابطة العربية للقصة القصيرة جدا … ومع كل هذا الصخب في حياته الإبداعية وأكثر سبق أن كان عضو لجنة الحكماء والعقلاء ببلدية اجدابيا.
ولد في اجدابيا عام 1966 وترعرع وتعلم فيها وبدأت الحكاية التي أدرك أنها لن تفيه قدره لتغطي سيرته في مجالات عديدة أتقنها وسار فيها ممارسا لها وأصبح علامة مميزة في وطنه ليبيا وخارجه تتلمذ عليه كثر في مجال عمله كما في مجال شغفه الأدب والإذاعة فقد أَعَدَّ ودرَّسَ في دوراتٍ تدريبيَّة لرفعِ كفاءَة الإذاعيِّين والإعلاميِّين، بمدن البيضاء، اجدابيا، جالو، طرابلس .
أعد الفاخري ودرس دورات في دقائق اللغة العربية، والأخطاء اللغوِية الشائعة، وفن الإلقاء.. كلف بقرار من الحكومة كرئيس الهيئة العامة للإعلام والثقافة والمجتمع المدني بالحكومة الليبية المؤقتة في العام 2018 حتى العام 2020 م .
يقول الفاخري الثقافة والإعلام لا ينهضان بغير توفر الإمكانات المادية، فهذان الحقلان الإبداعيان يحتاجان لميزانيات كبيرة توفِّرها الدولة ليكونا في المستوى المطلوب .. وفي ظروف بلادنا الحالية ، وفي ظل نقص الإمكانات المادية وشح الميزانيَّة لا يمكن تنفيذ أي خطة للارتقاء بالثقافة والإعلام .

في كتابه “شيء من وهج” كتب عن المسرح :
” التجريب هو سريالية المسرح تجاوزا وهو إشباع لشغف المبدع في ارتياد آفاق الفن الرحيبة واستشراف غوامضه الباهرة واكتشاف مالم ومالا يكتشف “
” التجريب موعد طلي مع الإبهار “
” يطمح الكاتب إلى إبداع مالم يقله بعد فإن قاله فقد انتهى”
” إن الأقلام الذهبية لا تمطر شعرا .. لكن الشعر قد يمطر كلاما ذهبيا “
” إذا رأيت الكاتب يلجأ إلى التلاعب بالألفاظ فاعلم أن ليس لديه مايقوله “
في 2014 أصدر الدكتور مسلك ميمون كتابًا نقديًّا عنونَه ( إواليات التَّخييل في قصص جمعة الفاخري ) 2014م كما أجرِيت على إبداعه القصصي والشعري دراسات أكاديمية عدة في جامعات ليبية مختلفة وتُرجم نتاجه الأدبي .. فقد ترجمت بعض قصائده وقصصه للغة الإنجليزية ، كما ترجم ديوانه (اعترافاتُ شرقيٍّ معاصرٍ) للفرنسيَّة .. وبعض نصوصه الأدبية ترجمت للغة السويدية والفارسية والفرنسية والإنجليزية والأمازيغية.

البرامج التي أعدها وقدمها
أعدَّ وقدَّم البرامج التلفزيونيَّة للتلفزيون الليبيِّ مرئيًّا: برنامج (ميعاد أجواد) جزءان. برنامج (من ذاكرة راوٍ) جزءان. برنامج (مقارناتٌ شعريَّةٌ). برنامج (في رحابِ قصيدَة). برنامج (مساء الوطن) برنامجٌ أدبيٌّ مسموعٌ يُعنى بأدب الثورةِ، عبرَ أثيرِ إذاعتي: الجبل الأخضر المحليَّة، واجدابيا الحرَّة المحليَّة). أعدَّ وقدَّمَ برنامج (بريدُ الثُّوَّار) برنامجٌ أدبيٌّ مسموعٌ يُعنى برسائل المستمعين للثُّوَّار في الجبهات أثناءَ الأيَّام الأولى للثورة. أُذيعَ عبرَ قناةَ (ليبيا الحرَّة) المسموعة بالجبل الأخضر. أعدَّ برنامجَ (دروب وطيوب) برنامجٌ مسموعٌ قدَّمتْهُ الإذاعيَّةُ عزيزة عبد المحسن . قدَّمَ برنامجَ (رحاب فصيحة) برنامجٌ مسموعٌ قدَّمته إذاعة اجدابيا المحليَّة، من إعداد الدكتورة إبتسام عامر . أَعَدَّ وقدَّمَ بعضَ التحقيقاتِ المرئيَّة. عَمِلَ مُحَلِّلاً سياسيًّا مع قناة الحدث الفضائيَّة 2011 . عَمِلَ مراسلاً لقناةِ (بلادي) الفضائيَّة 2011 .

تحولت قصائد الفاخري الفصيحة والعامية لأغنيات تغنى بها مطربون ومنشدون … كما أنشدت قصيدته هي ليبيا:
هي ليبيا صحوي ونشوة كاسي ..
وتدافع النبضات في أنفاسي
مافي الوجود كسحرها وجمالها
من دفئ أصباحي وطيب أماسي
في حبها تهمي المشاعر عذبة
عطرا تقاطر من شفاه الآس
وعلى اسمها تبني القصيدة حلمها
دلا تتيه بقدها المياس
هي ليبيا نبع المحبة والهنا
صور احتدام العزم عند الباس
هي ليبيا حقل المحافل قلبها
هي موطن الأفراح والأعراس
هي ليبيا هي أمنا هي زهونا
هي قدسنا ياروعة الأقداس


ولحنت وغنت قصائده : وطني ، قلوب للوطنِ ، وطن الفوارس، إلى أمِّي ، أميرة ذاتي ، كن قريبًا ، رسالة من شهيدٍ، من شهيدٍ لأمِّه ، تفوُّق ، يا بلادنا (ملحمة غنائيَّة وطنيَّة) مشاغيل، عدِّي الملامة، نهديلك في عيدك زهر …. وغيرها ).
الفاخري ظاهرة إبداعية أدبية فريدة تفخر بها ليبيا .. عرف عربيا عبر مشاركاته المختلفة والمتعددة بالإبداع الليبي الذي لا يخبو ولا يخفت رغم كل المحن .. كما حدث في تونس العاصمة التي استضافت مهرجان « من أجل ليبيا » حضره عديد الليبيين المقيمين هناك ولكن مثلهم أدبيا جمعة الفاخري رفقة الشاعر خالد درويش وقدم الفاخري قصيدته ” هي ليبيا ” مع مجموعة من قصائد الهايكو التي تقول بعض أبياتها:
حُلُمًا بِالْجَنَّةِ..
بِلَا قَدَمَي أُمِّي ..
أُقَبِّلُ أَمْكِنَةَ مُرُورِهَا.!!
……….
شِتَاءٌ لَا يَرْحَمُ..
الفَزَّاعَةُ بِلَا قَمِيصٍ..
الطُّيُورُ أَلْبَسَتْهَا ذَرَقًا ..!؟
………..
فِي الغَابَةِ ..
اِنْحِيَازًا لِأَهْلِهَا..
عَصَا الرَّاعِي تَخُونُهُ..!!

المُؤَلَّفَاتُ الأدبيَّةُ التي صدرت للفاخري:
صفرٌ على شمالِ الحبِّ ” مجموعةٌ قصصيَّة “.
رمادُ السَّنواتِ المحترقَةِ “مجموعةٌ قصصيَّة”.
اِمرأةٌ متراميةُ الأطرافِ مجموعةٌ قصصيَّة.
اِعترافاتُ شرقيٍّ معاصر. ديوان شعر.
حَدَثَ في مثلِ هذا القلبِ. ديوان شعر.
شيءٌ من وهجِ القلبِ.”تأملات في الأدب والحب والحياة”.
عناقُ ظلالٍ مراوغَةٍ. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا.
توقيعاتٌ على وَجْنَةِ القَمَرِ. ديوان شعر.
تقمَّصتني امرأةٌ. ” ديوان شعر “.
التَّرَبُّصُ بوجْهٍ القمرٍ. مجموعة قصصيَّة.
رفيف أسئلةٍ أخرى. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا.
ربيعٌ على جناحي فراشة. خطراتٌ أدبيَّة.
حبيباتي. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا.
أسيرُ بقلبٍ ملتفتٍ. شَذَرَاتٌ جَمَاليَّةٌ.
مراسِمُ اقترافِ وطنٍ. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا.
ظلال ومرايا. قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا.
عِطرُ الشَّمسِ قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا.
قَهْقَهةٌ شَهِيَّةٌ قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا.
عصيرُ ثرثرةٍ قصصٌ قصيرةٌ جِدًّا.
سطرُ روايتي الأخير قصصٌ قصيرةٌ.
يقول الكاتب رامز النويصري في مقال عنوانه ( جمعة الفاخري وأسلبة القصة القصيرة جدا ) في هذا الجزء المقتبس دون تصرف من المقال :
القاص جمعة الفاخري ـ من خلال نصوصه يتبينُ أنّه يُدرك أنَّ العبرة في معيار الذَّوق (the standard of taste ) والذّوق أساس بنائه الأسلوب. أرأيتَ كم إنسان يحدثنا في أمور نعرفها ونبقى مشدوهين، ومشدودين إليه، وكأنّنا مُسَحّرين مُسْتلَبين.. نعيشُ معه الحلقة المَشهدية كاملة، مع أنّهّ لا يقول شيئاً لا ندركه، أو يغيب عن علمنا وفهمنا.. وهذا ما يدخل في إطار اللّسانيات الإدراكية (cognitive linguistics ) التي تبحث في العلاقة بين الثّقافة والّلغة والإدراك، وهي تعالج اللّغة باعتبارها جزءًا لا يتجزّأ من الثقافة والمعرفة . لهذا يلاحظ المتلقي أنّ القاص جمعة الفاخري، لا يسعى في كتابته القصصية إلى تجذير الفكرة، وإحاطتها بطلاسم الغموض، وأقنعة الرّمز، وإشكالات الأسْطرة .إلا لمامًا. إنّما سعيه العام ــ وحسب متابعتي لإنتاجه ــ سَعي يتأرجَحُ بين البنيتين: السّطحية والعميقة .

تكريمات محلية ودولية تحصل عليها الفاخري:
_ منحتَهُ الخرطومُ عاصمةُ الثَّقافَةِ العربيَّةِ 2005 ( درع الثقافة العربيَّة ).
_ كرَّمتْهُ صحيفة أخبار اجدابيا بدرع التَّميُّز .. كرَّمَهُ ملتقى القصَّةِ القصيرةِ جدًّا بحلب في دوراته ( 5/6/7/8).
_ كرَّمهُ ملتقى القصَّةِ القصيرَةِ بالرَّقَّةِ – سوريا، في الملتقى العربي للقصَّة القصيرة 2009م.
_ كرَّمَهُ نادي الاتحاد الرياضي بدرع 2010 م . اختاره موقع بلال الثقافي بالبيضاء شخصيَّةَ العام الثقافيَّة بليبيا 2010 م _ كرَّمَهُ فرعُ المؤسَّسَةِ العَامَّةِ للثَّقَافَةِ بالمنطقةِ الوسطى 2010 م.
_ أهدى إليهِ فرع كشافة اجدابيا درعًا تذكاريَّةً في الذِّكرى الخمسين لتأسيس الحركة الكشفيَّة 2009م.
_ كرَّمه المهرجانُ الوطنيُّ للإبداعِ الثَّقَافِيِّ المغاربي ، تونس 2014م. كرَّمته جامعة الحاج لخضر بباتنة – الجزائر 2014م.
_ كرَّمته جمعيَّة شروق الثقافيَّة بباتنة – الجزائر2014م. فضلاً عن تكريماتٍ أخرى من عددٍ كبيرٍ من مؤسَّساتٍ ثقافيَّةٍ وتربويَّةٍ، ومهرجاناتٍ وملتقياتٍ أدبيَّةٍ وفكريَّةٍ محليَّةٍ وعربيَّةٍ.