بات تواجد االلاجئين السودانيين في ليبيا لا يشكل فقط تهديدا اقتصاديا ، بل ايضا تهديد صحي كبير بعد بدء مرض الكوليرا في التسرب إلى صفوف هؤلاء اللاجئين ، ليشكّل تهديدًا جديدًا يفتك بأجسادهم وقد يصل الى ليبيا عن طريق الكفرة التي تستقبل يوميا عشرات اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب.
خطر الكوليرا على بعد 200 كم من ليبيا
ووسط تحذيرات أممية من تمدد تفشي الكوليرا في السودان إلى الدول المجاورة، أفادت مصادر صحية بظهور حالة إصابة مؤكدة وعشرات حالات الاشتباه في مخيم دوقي للاجئين السودانيين جنوب مدينة أدري، الواقعة على بُعد أقل من 200 كيلومتر من الحدود الليبية الجنوبية الشرقية ما يعرف بالمثلث الحدودي.
المخيم، الذي يُعد من أكبر تجمعات اللاجئين السودانيين شرق تشاد ويؤوي نحو 40 ألف أسرة، يشهد تدهورًا خطيرًا في الأوضاع الصحية والبيئية، مما يُنذر بانتشار وبائي قد تكون له انعكاسات مباشرة على دول الجوار، وعلى رأسها ليبيا، التي تواجه بدورها تحديات في قطاعها الصحي، خصوصًا في مناطق الجنوب المحاذية.
ووفقًا لمصدر طبي من داخل المخيم، فإن الحالة المؤكدة وصلت مؤخرًا وسط ضعف واضح في الاستجابة الصحية، فيما يتحدث العاملون في المجال الإنساني عن اكتظاظ سكاني كبير، وغياب أنظمة الصرف الصحي ومياه الشرب النظيفة، ما يزيد من خطر تحول المخيم إلى بؤرة وبائية مفتوحة على المنطقة.
الصحة العالمية تحذر
كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت بالفعل من أن الكوليرا لا تقتصر على السودان، بل باتت مهددة بالامتداد إلى دول الجوار، خاصة مع استمرار النزوح عبر الحدود، وتفاقم الكوارث البيئية الموسمية، بما فيها الفيضانات التي تضرب مناطق عدة في تشاد والسودان.
وفي هذا السياق، تتزايد الدعوات داخل ليبيا لتفعيل آليات الرصد والاستجابة السريعة في مناطق الجنوب، لا سيما في سبها ومرزق وأوباري، التي تستقبل أحيانًا لاجئين أو نازحين غير نظاميين من الحدود الجنوبية. ويخشى مختصون في الشأن الصحي من أن غياب الفحوص الدورية أو الرقابة على حركة اللاجئين قد يسهم في تسلل المرض إلى الداخل الليبي، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
فيما يرى مراقبون أن ليبيا، رغم عدم تسجيل حالات كوليرا مؤخرًا، يجب أن تتعامل مع الإنذار الحالي بجدية، من خلال تعزيز التنسيق مع منظمة الصحة العالمية، وتشديد الرقابة على المنافذ الحدودية، وتجهيز فرق تدخل عاجل في الجنوب، تحسبًا لأي تسلل وبائي محتمل.
لا حالات للكوليرا في ليبيا
وفي تصريح خص به “المنصة” أكد الناطق الإعلامي لغرفة الطوارئ الصحية الكفرة، إدريس محجوب أنه لم يتم لحد اللحظة تسجيل أي إصابة بالكوليرا في ليبيا،وأن الوضع الصحي مستقر وتحت السيطرة في مدينة الكفرة.
وفند الناطق الإعلامي ما صرحت به بعض المنظمات الدولية والصحة العالمية من إمكانية وجود حالات إصابة بالكوليرا في ليبيا إلا أن السلطات الليبية لم تسجلها، مؤكدا أنه سيتم الاعلان فورا في حال تسجيل اي حالة ، وذلك لتنبيه المواطنين من ضرورة أخذ الحيطة والحذر وأيضا للحصول على دعم طبي دولي .
اجراءات احترازية
وأكد رئيس غرفة الطوارئ الصحية ببلدية الكفرة ادريس محجوب في تصريحه للمنصة أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات الاحتياطية وفي مقدمتها توفير وزارة الصحة المحاليل الوريدية الخاصة بمرض الكوليرا بكميات كبيرة ، الى جانب انشاء أماكن مخصصة لاستقبال أي حالة يتم تسجيلها مزودة بفرق طبية مختصة.
وأوضح محجوب للمنصة أن ما تم توفيره من امكانيات طبية هو فقط لمواجهة أي تفشي بسيط للمرض، مشيرا الى أنه وفي حال تسجيل ارقام كبيرة فقد يخرج الأمر عن السيطرة كون المنظومة الصحية في الكفرة لن تتحمل مواجهة تسجيل حالات كبيرة.
كما محجوب للمنصة ابدى تخوفه من امكانية تسجيل حالات بالكوليرا في ليبيا كون مدينة الكفرة تستقبل يوميا اعدادا كبيرة من اللاجئين السودانيين وقد يكون أي واحد حاملا للمرض.
وكان المركز الوطني لمكافحة الأمراض قد أعلن عام 2022 عن عدم تسجيل أي حالة إصابة بالكوليرا داخل الأراضي الليبية، بعد إعلان تفشي الكوليرا في تلك الفترة في عدة دول منها سوريا، ولبنان، وأفغانستان، وإيران، ولا وجد لاي بيان رسمي بالخصوص حتى بعد اقتراب الكوليرا وتهديدها لليبيا.
وضع وبائي مقلق
وتُعد هذه التطورات مقلقة في ظل استمرار تصاعد موجة الكوليرا في السودان، التي سجلت الأسبوع الماضي 661 إصابة جديدة و13 وفاة، ليرتفع عدد الإصابات التراكمية منذ تفشي المرض إلى أكثر من 87 ألف حالة، بينها 2264 وفاة، وفق أرقام وزارة الصحة الاتحادية في الخرطوم.
ما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة صحية، بل مأساة إنسانية تتفاقم في صمت،
ومع استمرار توافد اللاجئين دون تنظيم ، يزداد الخطر، ليس فقط على صحتهم، بل على الصحة العامة في المنطقة بأكملها.
