تشهد ليبيا في الأيام الأخيرة حراكًا سياسيًا مكثفًا على الصعيدين الداخلي والخارجي، في ظل مساعٍ متجددة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية وتزايد الاهتمام الدولي والإقليمي بمستقبل العملية السياسية في البلاد.
في السياق المحلي علّق عضو المجلس الأعلى للدولة منصور الحصادي على اللقاء الذي جمع رئيس المجلس خالد المشري بعدد من المترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة واصفا اللقاء بالخطوة الداعمة لكل جهد ليبي- ليبي.
وأكد الحصادي أن كل لقاء يجمع بين الليبيين يستحق الدعم فهو الطريق الآمن نحو تجاوز الأزمات مشددًا على أن التقارب والتسامح بين أبناء الوطن يمثل السبيل الوحيد لتحقيق الوحدة الوطنية والاستقرار محذرًا من خطابات التحريض والتخوين التي لا تخدم الوطن.
على صعيد التحركات الخارجية تنتظر الأوساط الليبية زيارة مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “مسعد بولس” إلى ليبيا.
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، إن الزيارة تهدف بالأساس إلى الاستماع لمختلف الأطراف الليبية دون أن ينتج عنها تحركات سياسية مباشرة مشيرا إلى أن بولس سيكون على تنسيق مع بعثة الأمم المتحدة ومحذرًا من محاولات بعض الأطراف استغلال اللقاءات لتصويرها كدعم أمريكي خاص لها.
أما عضو مجلس النواب أسمهان بالعون فرأت في الزيارة مؤشرًا على اهتمام أمريكي متجدد بليبيا مدفوعا بثرواتها النفطية وموقعها الاستراتيجي في أفريقيا وسط تنافس دولي على النفوذ في القارة.
وأكدت بالعون أن الولايات المتحدة تسعى لتأمين مصالحها في ليبيا لاسيما من خلال دعم حكومة موحدة وضمان الاستقرار الأمني مشيرة إلى أن هذه القضايا ستكون حاضرة في لقاءات بولس المرتقبة.
وفي تطور ميداني، حذر عميد بلدية طرابلس إبراهيم الخليفي من هشاشة الوضع الأمني في العاصمة مؤكدًا أنه لا يوجد ما يطمئن حاليًا رغم جهود البلدية لاحتواء التوترات.
وأوضح الخليفي أن البلدية شكلت مجموعة تواصل زارت مختلف الأطراف المسلحة في طرابلس بغرض التهدئة لكنها لم تتحصل على أي ضمانات بعدم اندلاع مواجهات جديدة.
وشدد على ضرورة تغليب صوت العقل وتجنيب العاصمة أي صراع محتمل، لافتًا إلى أن طرابلس تعتبر المدينة الأكثر كثافة سكانية في البلاد.
دوليا واصلت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه زيارتها الرسمية إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حيث عقدت سلسلة لقاءات مع كبار مسؤولي الاتحاد الأفريقي في إطار التنسيق الإقليمي بشأن الأزمة الليبية.
شملت لقاءات تيتيه مناقشة آخر مستجدات المشهد الليبي خصوصا الملف الأمني وتحديات المصالحة الوطنية والهجرة غير النظامية، إلى جانب أهمية توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع العملية السياسية قدمًا.
وشددت تيتيه، في لقاءاتها مع مسؤولين أفارقة، على أهمية تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لدعم عملية يقودها الليبيون بأنفسهم، مع تهيئة الظروف الملائمة لإجراء انتخابات وطنية تنهي حالة الانقسام السياسي.
وقد رحّب الجانبان بانعقاد الاجتماع الدولي في برلين الشهر الماضي، مؤكدين أن المضي قدمًا في المصالحة الوطنية هو الطريق نحو ليبيا مستقرة وآمنة.
تعكس هذه التحركات المتزامنة داخليا وخارجيا حجم التحديات التي تواجه ليبيا لكنها في الوقت ذاته تبرز فرصا حقيقية لتجاوز الانقسام من خلال الحوار الوطني والدعم الدولي.
وفي ظل الوضع الأمني الهش في غرب البلاد والتجاذبات السياسية المتواصلة يبقى الأمل معقودا على توافق ليبي شامل يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
