الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-09-09

3:29 مساءً

أهم اللأخبار

2025-09-09 3:29 مساءً

السيمولاكر وكأنه الفصام _ (Simulacre)

01

عفاف عبدالمحسن

هل نحن كشعوب عربية نعيش فصاما ؟ نعرف من نحن وهكذا بلادنا وحقيقتنا ولغتنا وموروثنا وطريقة عيشنا ومأكولاتنا ولكننا نحب أن نعيش حياة آخرين في بعض الأوقات والمناسبات ومع بعض الناس !! أم اننا نمارس السيمولاكر في أبهى صوره المخادعة للذات ألا ثم الآخرين ؟!! وهل نعتبر أنفسنا أثناء ممارستنا للسيمولاكر أننا مرضى بالفصام ؟

بداية أعرج معكم عند أقوال آخرين كيف عرفوا السيمولاكر ليكون بيننا اليوم الحقيقة لا الخيال والأصل لا المحاكاة .. عرف : كمصطلح فلسفي يشير إلى صورة أو تمثيل لا يعكس الواقع الحقيقي أو الأصل ، كنه لمجرد المحاكاة أو لنسخة زائفة .. أي  شيء في كل شيء يحل محل الشيء الحقيقي ولكنه لا يحمل جوهره أو معناه الأصلي .

# عرفه جيل دولوز قائلا :

هو ” محاكاة خالية من الأصل ” ، أي نسخة لا ترتبط بأي شيء حقيقي ، بل تخلق واقعًا خاصًا بها .

# وعرفه جان بودريار :

 أن السيمولاكر هو ” نسخة زائفة ” تحل محل الواقع وتصبح هي الواقع الجديد ، مما يؤدي إلى تشتت المعنى وفقدان القدرة على التمييز بين الحقيقي والمزيف .

سأكتفي بما علمنا عنه من آخرين سبقونا لتعريفه وللتعامل به ومعه ربما في حالات الفلسفة أو الإبداعات الأدبية شعرا وموسيقى وتصميم رقصات ورواية وقصة قصيرة حتى محاكاة لفن النحت وتصميم القطع الأثرية وهنا يتضح السيمولاكر في المعنى القيمي التاريخي للقطعة المقلدة تشكيلا ونحتا وهكذا استمر حت عصر مابعد الحداثة حيث تزايد تأثير الصور والتشبيهات أو المحاكاة في تشكيل مميع أحيانا لواقع الأشياء .

لندخل الآن معا صلب الموضوع الذي من أجله راودتني الكلمة التي قرأتها ذات يوم بعيد ثم طفحت على سطح الذاكرة ثم على طرف اللسان ثم عند سن قلمي الرصاص الذي أنقش به عادة على ورقة جوار سريري فكرة تلوح حين فجاءة ولا أرغب هروبها فأثبتها برصاص قلمي تقتل الهواجس التعتريني فأستريح وتبقى الكلمة حتى عودة إليها .. فقد كنت أتصفح الفيس بوك وفي كل مرة ينبثق إعلان تجاري الحقيقة ربما عند بعض البشر حولنا في بيوتات متفرقة على مختلف مستوياتهم المعيشية ومدى امتلاء الجيوب وفراغها من أوراق العملة ….. تقول إن كل هذه الأشياء التي يعرضونها نحن في حاجتها ولكن هل هذا يناسب الواقع كيف كنا نعيش من دونها قبلا ؟ شعرت ببزوغ كلمة ( سيمولاكر ) في حياتنا وأنها تمثيل للمعاش طبقا للأحداث .. فهل استمرار تشكلها في طريقة عيش عائلاتنا وأسرنا والأفراد في المجتمع سيعمل على تثبيت صورة باهتة للأصل وتضاؤل أهميتة مع وضوح المحاكاة أو المقلد أو غير الحقيقي وأجرؤ أن أقول الزيف الذي أصبحت البعض في مجتمعنا يعيشه متناسين من هم ؟ كيف كانوا ؟ وعلى ما جبلوا حقيقة ؟ وهل مايعيشونه من زيف معيشي فادح أو فاضح يليق بنا ياترى ؟  

إذن ابتلينا في المجتمعات العربية بداء جديد قديم يعرف ( سيمولاكر ) أصحابه الذين ابتدعوه ليتغلغل مفاصل مجتمعاتنا قالوا نحن نعيش الواقع كما هو ولا نحب الكذب على أنفسنا فالبساطة سمة مجتمعاتنا أما السيمولاكر فهذا يصدقه شخص مهزوز مهزوم الواقع يرغب الهروب لواقع آخر يصنعه في خياله كي يمتن لنفسه ومنها ونحن نعي تماما أننا نسوقه فيكون مثلا (( صورة طبق الأصل لقطعة أثرية قد تكون الصورة طبق الأصل تبدو مطابقة للأصل ، ولكنها تفتقر إلى القيمة التاريخية والأصلية .. كما في الألعاب والواقع الافتراضي يمكن أن تخلق الألعاب والواقع الافتراضي عوالم موازية تحاكي الواقع ، لكنها تظل مجرد تمثيلات وليست حقيقية … أما الإعلانات التجارية غالبًا ما تستخدم الإعلانات صورًا مثالية أو مغرية للترويج للمنتجات ، وهي صور قد تكون بعيدة عن الواقع .

ماذا فعلنا نحن بمجتمعاتنا العربية عامة ومجتمعنا الليبي خاصة :

لم نحاكي المجتمعات الأخرى حولنا فيما يفيد وأتقنا مافعلوا خاصة في الجوانب العلمية والصناعية والإدارية والتقنية وحتى الاجتماعية فالمحاكاة تقليد للأصل نعم ولكن مع الاعتراف أن كل تلك نسخ عن نحن نقذنا السيمولاكر واقعيا حد أننا تركناه يحل محل الأصل ويصبح هو واقعنا الجديد فلم نتلاعب هكذا بالمعاني أو خدعنا آخرين بل أصبحنا مسوخا للأسف أن أقولها ( تافهة . باهتة . متضعضعة في كل شيء وأي شيء) أفصل الأمر كي نعرف كيف فقدنا صلتنا بالواقع  الحقيقي وأتنقنا خداع أنفسنا بالتخيل أننا آخرين سنكونهم :

_ أدخلنا لغات شعوب استعمرتنا فدمرتنا سنين وسنين فحشرناها وسط كلامنا اليومي ففقدنا التواصل الواقعي مع بعضنا نلتقي في مؤتمر عربي كل ( يرطن ) بلهجة المستدمر .. نشرح .. نمثل .. نكتب .. نقدم ورقات عمل أدبي أو تاريخي أو نعقد ندوات عن الفن السينمائي في الشاشات الكبيرة العربية فلم قصير أو طويل كل الحضور لا يفهم بعضه البعض لأننا عشنا واقع متخيل أننا أولئك لغتهم . وحتى ماهية القصص التي لا تعالج واقعا عربيا بل واقعا بعيد عنا .

_ أدخلنا مدارس دولية على اعتبار أننا نريد رفع مستوى أطفالنا وأبنائنا الكبار التعليمي وتمكينهم من لغة أو أكثر ليس عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من علم لغة قوم أمن شرهم ” وأبعاد هذا الحديث عميقة لا تعني لغة الكلام فقط  فدلالاته لأبعد من ذلك .. وتركنا الحبل على الغارب للقائمين عليها .. التجار وليس التربويين وقد تكون المدرسة باسم أحد أبناء البلد ولكن شريكه أو شريكته المتروك لهم العنان يوطن لماهية الدولية في التعليم لتلاميذ وطلاب عرب ومسلمين لن يتحدثوا مطلقا داخل المدرسة إلا لغة دولية ولن يتطرقوا في مناشطهم ومواهبهم لشيء يتعلق بمجتمعهم وهويته بل لن تكون هناك حصص للغة العربية والتربية الإسلامية ولا تواقيت لتعليم الصلاة واحترام ميقاتها . نقطة آخر السطر والباقي في هذه السيمولاكر لكم قراءنا الأفاضل القادرين معرفة تبعات هذا الأمر الخطير الذي أصبح الآباء والأمهات بعض الأسر تحبذه وتوطنه أكثر في أولادها وتعيشه بحذافيره في بيوتاتهم وماخفي كان أعظم .

_ سيمولاكر الحياة الاجتماعية بالتخلص المقصود من بساطة العيش مثلا في حياتنا الليبية ولن أعيد المجتمع لطريقة عيش الليبي في القرن التاسع عشر ولا حتى العشرين .. أصبحت كل الكماليات غير المهمة غير المؤثرة إيجابا في يومنا ضرورة .. الملابس اختلفت طريقة الإعداد للمناسبات التكاليف والبهرجة والتبذير حتى طريقة إعطاء هدية لطيفة لصاحب أو حبيب أو زوج أو خطيب أو لعائلة نجاملها لمناسبة ما فيها من التكلف ما يفقدها قيمتها ومعناها الذي قال فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم ( تهادوا تحابوا ) .. وعندما كذبنا وخدعنا أنفسنا وعشنا الخدعة كأنها واقعنا لم نتقنها ولم نستطع أن نعيد ذاكرة الهوية التي أضعناها بخدعة التطور واتباع لغة العصر وخطوات العصر والتحديثات التي لا تليق بنا ولا تتماشى مع بيآتنا العربية حتى وإن استفادت دولة عربية من أخرى في تقليد لتحضير مناسبة ما .. وتحجج بعض المستقيين ( إننا أخذنا عن هوية عربية مثلنا ومجتمع محافظ وهذا يعتبر تبادل ثقافي مجتمعي ….. الخ ) ولكن هل ما يتماشى مع الظرف البيئي والمادي والإمكانات المتوفرة في ذاك المجتمع العربي تتناسب وتتماشى وتتوازن ومجتمعك !!!! هنا الفكرة في خداع النفس بأنني سأكون صورة طبق الأصل من آخرين وستنطلي الخديعة على من حولي وكما نقول بالليبي ( سبحان الله تقول مولودين هكي .. جايبينها بالمللي !!!!) لا يقومي لن تنطلي وستتضح الفروقات بين الأصل والتقليد .

_ وصلت معكم لأخطر نوع من السيمولاكر الذي تجاوز أن يكون قيمة جمالية لفنون الوسائط الجديدة المتعددة المصادر والتقنيات وهي هنا تعد الأکثر تمثيلاً لمفهوم السيمولاکر كما فنون العمارة والعلوم الإنسانية وفي هذه أيضا عندما جلست مستمعة لمحاضرة حول المعمار المناسب لبيئتنا ومناخنا ونمط معيشتنا وحتى أعداد أسرنا الليبية علمت من المهندسة المحاضرة أننا لا يجب أن نقلد طبق الأصل من مجتمعات مثلا مناخها دائما بارد لا تبزغ عندهم الشمس فنبني بيوتا بطرز معمارية فنية لا تتناسب معنا أو أن نبني ناطحات سحاب كعلب الكبريت أحيانا ونحن أسرا ليبية تعمر بعدد أبناء قد يفوق الأربعة أحيانا وعائلة كبيرة تجتمع عادة فالبناء الأفقي يتناسب وعاداتنا الاجتماعية تصوروا هذا فما بالكم بالبناء الجسماني ياقومي شاهت الوجوه لكثرة الإعلانات التي تغري النساء والرجال على حد سواء بتغيير الأنف أونحت الجسم أو وضع علامات تجارية بعينها على البشرة وهي مصنعة في بلدان لا تشرق فيها شمس ولا مناخ صحراوي فيها والمهم أننا شعوب مستهلكة ترغب التجريب أو لنقل التقليد الأعمى فتباع بضاعتهم وتفرغ جيوب العربيات والعرب فقط بحثا عن الجمال الاصطناعي المقلد والسبب إغراءات الإعلانات المكذوبة أيضا لبضاعة ليست هي ماتباع في بلدان المنشأ والتصنيع قطعا وفعلا لا تخمينا والعلة أن نبحث عن جمال غير حقيقي ولا أصلي ونخدع من حولنا ولكنهم لا ينخدعون طوال العمر .. فالسنين أو الشهور أدعى بأن تظهر الحقيقة والأصل ولن ينفع السيمولاكر من اتخذه منهجا حياتيا مواكبة للعصر الفظيع الذي نعيشه .

باختصار حتى أنا في كتابة هذا المقال الذي اعتبرته دراسة مصغرة عن مجتمعاتنا العربية عامة ومخاطر الاستلاب الحضاري وضياع الهوية الأصيلة لكل مجتمع .. أنا استخدمت كلمة ( السيمولاكر ) تماشيا مع من حولي من ضائعين وضائعات في مهب اللغات الأخرى غير العربية وكان بإمكاني أن أستخدم كلمة ( التقليد أو الكذب ) .. لكنني تقصدت سيمولاكر وهو مفهوم معقد يشير إلى تمثيلات أو صور تفقد صلتها بالواقع الأصلي ، وتصبح هي الواقع الجديد وبلغتهم أيضا كما تنطق في الشوارع العربية (( فييك ))  مما يثير تساؤلات حول الحقيقة والمعنى والأصالة !!!!!  

إذا علمتم بعد كل ماطرحت أن السيمولاكر هو الصورة التافهة نعم التفاهة وهكذا عبرت عنها كل الدراسات والتعاريف .. في مقابل الحقيقة الفعلية هو الواقع المشوه مقابل الواقع الحقيقي فهل ستمثل نفسك وهل ستسرع المجتمعات لتدارك ذاتيتها وهويتها والحفاظ على شكلها الحقيقي والبحث في كونها لديها جميل قديم يمكن أن يستحدث بما يناسب العصر ولكن لا يكون صرعة موضة خطيرة تصعق وتهدم لا تأتي بتؤدة ودراسة وشيئا فشيئا لتتوطن بعد ذلك متمازجة بطريقة لا تقبل فصل المزيج المتناسق بعد ذلك فيكون أصلا حقيقيا وواقعا جديدا يتعايش لا تقليدا كاذبا واهيا لايمكن أن يتقبله الجميع خاصة الحقيقيون .

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة

PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications