طلبت النيجر رسميًا دعم المغرب في إنشاء شركة طيران وطنية جديدة، مما يعكس طموحها الأوسع لتحديث قطاع النقل في البلاد. جاء ذلك خلال اجتماع رفيع المستوى عُقد في الرباط منتصف الشهر الجاري، حيث التقى وزير النقل واللوجستيك المغربي، عبد الصمد قيوح، بوزير النقل والطيران المدني النيجري، عبد الرحمن أمادو، لبحث الاستفادة من خبرة المغرب في مجال الطيران لدعم جهود النيجر في إطلاق شركة طيران وطنية وتعزيز بنيتها التحتية للنقل.
التركيزعلى الخبرة في مجال الطيران وتطوير البنية التحتية
تُعتبر تجربة المغرب في تطوير البنية التحتية للطيران والأطر التنظيمية موردًا قيّمًا للنيجر. وأبرز الوزير النيجيري اهتمام بلاده بالاستفادة من خبرة المغرب، لا سيما في إنشاء شركة طيران محلية. مؤكدا على هدف النيجر المتمثل في بناء نظام نقل متكامل وفعال قادر على تجاوز التحديات التي تفرضها جغرافيتها غير الساحلية، مشيرا الى التزام المغرب بتوفير التدريب والمساعدة الفنية ونقل المعرفة، واصفًا الشراكة بأنها ذات منفعة متبادلة.
ويتماشى هذا التعاون أيضًا مع المبادرات الاستراتيجية الأوسع للمغرب، بما في ذلك “المبادرة الأطلسية” التي أطلقها الملك محمد السادس عام 2023. والتي تهدف إلى تعزيز الوصول إلى المحيط الأطلسي لدول الساحل غير الساحلية، مثل مالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو، مما يعزز الربط الإقليمي والتكامل الاقتصادي. ويعزز سجل المغرب الحافل في تحديث المطارات مكانته كشريك رئيسي في تطوير قطاع النقل في النيجر.
الطموحات والتحديات الإقليمية المقبلة
تتجاوز طموحات النيجر حدودها الوطنية. ففي فبراير، أعلنت الحكومة عن خططٍ لا تقتصر على إنشاء شركة طيران وطنية جديدة فحسب، بل تشمل أيضًا دعم إنشاء شركة طيران إقليمية تابعة لتحالف دول الساحل (AES)، الذي يضم بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وستربط هذه الشركة الإقليمية المقترحة عواصم باماكو ونيامي وواغادوغو، بهدف تسهيل السفر عبر الحدود بشكل أكثر أمانًا وكفاءة داخل المنطقة.
مع ذلك، تواجه النيجر تحديات كبيرة في تحقيق هذه الأهداف. فقد أوقفت شركة طيرانها الوطنية السابقة، الخطوط الجوية النيجرية، عملياتها في نوفمبر 2022 لأسباب تتعلق بالسلامة، وبيعت آخر طائرة لها في مارس 2025. جاء ذلك في أعقاب انهيار شركة طيران النيجر عام 1993، مما أبرز هشاشة قطاع الطيران في البلاد. ولا تزال هناك تساؤلات حول الموافقات التنظيمية، والمنافسة في السوق، والجدوى المالية، ومن المرجح أن يتوخى المستثمرون الحذر نظرًا لضخامة الاستثمار الأولي والتعقيدات التشغيلية التي ينطوي عليها ذلك.
وقد تُعقّد المنافسة من شركات الطيران الإقليمية العريقة، مثل الخطوط الجوية الإثيوبية، جهود النيجر الرامية إلى ترسيخ حضور سوقي مستدام. إضافةً إلى ذلك، لا تزال هناك عقبات لوجستية وتنظيمية، تفاقمت بسبب عدم الاستقرار السياسي الأخير في النيجر. ففي أعقاب الانقلاب العسكري في أغسطس 2023، أُغلق المجال الجوي للبلاد مؤقتًا. ورغم استئناف الرحلات الجوية التجارية في سبتمبر 2023، لا تزال الطائرات المسجلة في فرنسا محظورة في ظل استمرار النزاعات السياسية، وقد أجّلت الخطوط الجوية الفرنسية استئناف خدماتها المقرر حتى سبتمبر 2025.
ورغم هذه العقبات، أعربت كلٌّ من النيجر والمغرب عن التزامهما الراسخ بتعزيز شراكتهما في مجال النقل والخدمات اللوجستية. ويُعتبر إنشاء شركة طيران وطنية خطوةً استراتيجيةً نحو تعزيز التكامل الإقليمي ودعم التنمية الاقتصادية في منطقة الساحل.
