عكاشة يزعم أحقية مصر في أراض ليبية وردود أفعال غاضبة ورافضة ومفندة

أطلق الإعلامي المصري توفيق عكاشة مزاعم بشأن أحقية مصر في جزء من الأرض الليبية وخاصة والمنطقة الشرقية، ما أثار موجة من ردود الفعل الرافضة على الساحة الليبية.

إعادة حدود مصر

وفي هذا الصدد طالب عكاشة بإعادة حدود مصر إلى ما قبل عام 1954م، من خلال نظام فيدرالي يضم السودان وشرق ليبيا وقطاع غزة، وبذلك تكون مشكلة غزة قد انتهت حسب قوله.

وزعم “عكاشة” في تصريحات إعلامية، أن هذه المناطق أراضٍ مصرية منذ 9 آلاف عام، مضيفا أن “الأنظمة في هذه المناطق لم تشهد أي تنمية منذ انفصالها عن مصر، وضمها سينهي الخلافات والانقلابات تحت حكم فيدرالي يراعي خصوصياتها”.                           

وأكد أن السودان جزء لا يتجزأ من مصر، مشيرًا إلى أنها كانت تُعرف تاريخيًّا باسم “مصر العليا”، متسائلًا “هل يمكن لأحد أن يذكر اسم حاكم لتلك المناطق غير مصري منذ ألفي عام؟”، مؤكدًا على الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع هذه الأقاليم بمصر.

وشدد عكاشة على أن النظام الفيدرالي سيكون الحل الأمثل لإدارة هذه المناطق، مع وضع تشريعات تتناسب مع طبيعة كل مجتمع، مما سيؤدي إلى استقرارها وتنميتها بعد عقود من التخلف والصراعات.

استخفاف بسيادة الدول

في المقابل أثار رأي عكاشة موجة من الرفض والاستياء، فمن جانبه وجه الإعلامي أحمد بوغرسة رسالة إلى عكاشة قال فيها إنه (الإعلامي المصري) أكثر قدما منه في المهنة ولكن ذلك لا يمنحه رخصة للتجاوز ولا تعفيه من المسؤولية.

وأضاف بوغرسة أن ضم شرق ليبيا والسودان وقطاع غزة إلى مصر مرفوض جملةً وتفصيلًا، ويكشف استخفافًا خطيرًا بسيادة دول وشعوب، مبينا أنه يرد عليه بخصوص ليبيا، أما السودان أو غزة فلهم رجالهم.

وأشار إلى أن ليبيا ليست أرضًا متاحة للتأويل ولا موضوعًا لهذيان إعلامي، لافتا إلى أن خطأ من تقلدوا زمام الأمر فيها لا يمنح أحد حق المساس بحدودها أو التعدي على تاريخها.

وشدد بوغرسة على قيمة وزن الكلمة حين تُقال من منبر، داعيا عكاشة إلى قول كلمة خير أو التزام الصمت، خاتما حديثه بالقول: “ليبيا ليست حلمًا في رأسك ولا مشروعًا في خيالك احترم نفسك واحترم من يسمعك قبل أن تتحدث عن أوطان ليست وطنك”.

انهيار الدولة واستغلال الفرصة

أما الحكم الدولي أحلام فرحات، فردت على عكاشة بأن هذه الخطوة ستخدم الأمن القومي المصري، لكنه لا يمت للواقع السياسي بصلة.

وأضافت فرحات أن عكاشة استند إلى الروابط التاريخية والقبلية بين سكان المنطقة الشرقية من ليبيا وسكان غرب مصر، متوقعة أن يكون عكاشة قد اعتمد على أن انهيار الدولة الليبية يمثل فرصة لـ”استرداد أرض مصرية تاريخية”، بحسب وصفه.

وأكدت فرحات أنه لم يسبق للدولة المصرية أن طرحت رسميًا أي مشروع لضم أراضٍ ليبية، مبينة أن الحدود المعترف بها بين مصر وليبيا تم ترسيمها نهائيًا عام 1954، ولا تزال قائمة حتى اليوم.

وأضافت أن مطالب توفيق عكاشة لم تجد صدى في مؤسسات الدولة، بل تعرضت لانتقادات داخلية بسبب ما قد تسببه من توتر إقليمي، لافتة إلى أن مصر دولة تحترم سيادة جيرانها، وتدعم وحدة واستقرار ليبيا بشكل معلن وواضح.

وشددت على أن الخطابات الانفعالية لا تصنع سياسة، ولا تبني أوطانًا، وأن السيادة لا تُفرض بالشعارات، بل تُحترم بالقانون والواقع، داعيا إلى التوقف عن تسويق الأوهام، ولندعم وحدة ليبيا واستقرارها كأولوية أمن قومي حقيقية.

عودة للمشهد

أما أستاذ الإعلام كريم الزياني، فرد بأن برقة كانت تحت الاحتلال التركي والإيطالي ومصر كانت تحت الاحتلال التركي ثم البريطاني، متسائلا عند أي سيادة مصرية يتحدث.

ورأى الزياني هذه التصريحات لا تعدو كونها رغبة من عكاشة في العودة للمشهد بعد أن فصل من البرلمان بسبب لقاءه مع سفير إسرائيل، داعيا إياه للجوء إلى حيلة أخرى.

العلاقات الليبية المصرية أعمق من التصريحات

وأشار الإعلامي نبيل الحاج إلى أن العلاقات الليبية المصرية تظل أكبر وأعمق من أي تصريحات فردية خارجة عن السياق، مؤكدا إيمان الليبيين بأن التعاون والتكامل بين الدول هو السبيل لتجاوز التحديات بدلا من الطموحات التوسعية أو اجترار خرائط الماضي.

ودعا الحاج الإعلاميين المصريين مثل توفيق عكاشة إلى إدراك حساسية المرحلة واحترام سيادة الدول لا سيّما في منطقة تعاني ما يكفي من الأزمات والتدخلات، منبها إلى أن مطالبته بإعادة رسم الحدود ليست فقط غير قانونية ومرفوضة بل قد تُعرض مصر لعزلة دبلوماسية دولية وتضع علاقاتها مع دول الجوار في خطر!.

مزور ومطبع مع إسرائيل

أما الصحفي خالد محمود، فسرد السيرة الذاتية لعكاشة، مؤكدا أنه قام بتزوير شهادة الدكتوراة، مبينا أنه كان رئيس مجلس إدارة قناة الفراعين، والتي اشتهر من خلالها بتقديم برنامج “مصر اليوم”، إلا أنها توقفت عن البث نهائيًا في عام 2016 بعد إسقاط عضويته من البرلمان، بسبب لقائه بالسفير الإسرائيلي في منزله، وهو ما اعتبره البرلمان “تطبيعًا مع إسرائيل”.

وأشار محمود إلى تورط عكاشة في العديد من القضايا الجدلية، حيث تم سجنه مرتين، الأولى لمدة 6 أشهر عام 2012 بتهمة قذف والدة خالد سعيد، والثانية بتهمة تزوير شهادة دكتوراة، كما أنه اشتهر بتصريحاته الجريئة والمثيرة للجدل، والتي غالبًا ما يتناول فيها قضايا سياسية واقتصادية وتاريخية.

خريطة الحدود التاريخية

أما الناشط محمد سالم الزواوي فرد على فيديو عكاشة بنشر خريطة تظهر أيالة طرابلس الكبرى إبان الاستعمار العثماني الأول والثاني وإبان الدولة القرمالية، وتبين الخارطة أن الأراضي تتجاوز الحدود المصرية الحالية حتى منطقة سيوة.

وأشار الزواوي إلى أن هذه الحدود الظاهرة في الخريطة هي ذاتها التي ذكرها هيردوت في كتابته عن أرض الليبو من وحاة الاله أمون (سيوه ) إلى بحيرة تيربتون ( بحيرة قابس).

وأضاف أن الانجليز والفرنسيين اقتطعوا من هذه الأراضي وقاموا بضمها إلى دول الجوار مستغلين ضعف الدولة العثمانية وتخاذلها في نهاية حكمها.

وأكد الزواوي أن هذه المناطق لازالت تحافظ على الروح الليبية من حيث التراث واللهجة والملابس وأصناف الطعام.

موجة الرد والاستياء الشعبي التي سادت الأوساط الليبية لم تقابل بأي رد رسمي من الجهات المعنية حتى الآن، إلا أنها مثار حديث منصات التواصل الاجتماعي التي تباينت الردود عليها بين التهكم والتفنيد التاريخي والمنطقي.