شهد لبنان في 4 أغسطس 2020، واحداً من أكبر الانفجارات غير النووية في العصر الحديث، عندما انفجرت كميات هائلة من نترات الأمونيوم كانت مخزّنة في العنبر رقم 12 بمرفأ بيروت. الانفجار أدّى إلى مقتل أكثر من 230 شخص وإصابة ما يفوق 7000، إلى جانب تدمير آلاف المنازل والمرافق الحيوية، وتهجير نحو 300 ألف شخص من العاصمة اللبنانية بيروت.
أدى الانفجار إلى خسائر مادية قُدرت بما بين 10 و15 مليار دولار، وتضرّرت منشآت المرفأ بشكل شبه كامل، من ضمنها صوامع القمح والبنى التحتية الرئيسية، وامتدت الأضرار إلى أحياء بعيدة في المدينة، مخلفة دمار واسع النطاق في بيروت، ما دفع محافظ المدينة إلى إعلانها منطقة منكوبة، فيما شبّه المشهد بالقصف الذري على هيروشيما.
بعد أقل من أسبوع على الكارثة، قدّم رئيس الوزراء اللبناني آنذاك حسان دياب، استقالة حكومته، عقب سلسلة استقالات في صفوف الوزراء والنواب، رغم حجم المأساة، لم يسفر التحقيق القضائي حتى الآن عن محاسبة واضحة لأي مسؤول سياسي أو أمني.
تولّى القاضي فادي صوان أولى مراحل التحقيق، قبل أن يُنحّى في فبراير 2021 بسبب دعاوى “الارتياب المشروع”، خَلَفه القاضي طارق البيطار، الذي استأنف التحقيق ووجّه استدعاءات لعدد من الوزراء والنواب والمسؤولين الأمنيين، إلاّ أنّ التحقيق واجه ضغوط سياسية واتهامات بالتسييس، وصلت حد المطالبة بإزاحة البيطار نفسه.
مع حلول الذكرى الخامسة للانفجار، لا تزال عائلات الضحايا تنتظر العدالة، وسط غياب أي نتائج حاسمة، وفي حين عاد المسار القضائي إلى الواجهة في 2025 بعد توقف دام عامين، لم يُحرز أي تقدم ملموس، ما يُبقي ملف الانفجار عالق بين المطالبات بالمحاسبة والضغوط السياسية المستمرة.
الانفجار كشف حجم الإهمال المؤسسي والفساد الإداري، وخلّف جرح عميق في الذاكرة اللبنانية، لا يندمل إلاّ بتحقيق نزيه يحدد المسؤوليات الكاملة، ويعيد شيئاً من الحقّ لعائلات الضحايا والمنكوبين.
