شنت السلطات المصرية حملة اعتقالات واسعة طالت عددا من مشاهير تطبيق “تيك توك”، وسط تلويحات بإمكانية حظر المنصة واسعة الانتشار.
جاء ذلك عقب إعلان وزارة الداخلية المصرية القبض على عدد من مشاهير تيك توك بتهم تتعلق بـ”نشر مقاطع خادشة للحياء والخروج على الآداب العامة”.
ورغم أن السلطات المصرية أوقفت في السنوات الأخيرة العديد من صانعي المحتوى لأسباب مختلفة، فإن الحملة الحالية تعد الأكثر حدة وإثارة للجدل، خاصة مع تصاعد دعوات لحجب المنصة نهائيا، ومطالبات بالكشف عن مصادر الثراء السريع لهؤلاء “التيك توكرز”، ومعظمهم من خلفيات اجتماعية بسيطة، وفق مراقبين.
وبحسب وسائل اعلام محلية فقد بدأت حملة الملاحقات الأخيرة عقب تلقي النيابة العامة بلاغات من محامين ومواطنين عن انتشار محتويات مخلة بالآداب على المنصة، تضمنت اتهامات بنشر مشاهد “تروج للرذيلة والعري وتخدش الحياء العام”، إلى جانب شبهات أكثر خطورة مثل “التربح غير المشروع، غسل الأموال، والاتجار بالأعضاء البشرية”.
وأثار الأمر حالة من الجدل الواسع في مصر، خاصة مع انتشار هؤلاء المؤثرين ليس فقط على منصات التواصل الاجتماعي، بل أيضا في البرامج التلفزيونية التي كانت تتسابق إلى استضافتهم وحتى ظهور في أعمال فنية.
وكشف البرلماني أحمد بدوي، الرئيس السابق للجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أن لجنة البرلمان عقدت اجتماعا مع ممثلي الحكومة والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، بحضور الممثل الإقليمي لـ”تيك توك”، قبل نحو شهر.
وأوضح بدوي أن السلطات منحت المنصة مهلة 3 أشهر لتحسين المحتوى أو مواجهة قرار الإغلاق الكامل في مصر.
وأضاف ، وفقا لوسائل إعلام محلية، أن شهرا قد مضى من مهلة الثلاثة أشهر التي مُنحت للمنصة، مشددا على ضرورة “وضع ضوابط واضحة لإنشاء الحسابات، إلى جانب مراقبة دقيقة للمحتوى والتعامل السريع مع أي مواد خادشة للحياء أو خارجة عن الأعراف المجتمعية”، على حد تعبيره.
ودافع الكثيرون عن قرار الحكومة، معتبرين أن الخطوة تهدف إلى “حماية قيم المجتمع المصري”، وهي العبارة التي استخدمتها السلطات الأمنية في مواقف مشابهة خلال السنوات الماضية.
يُشار إلى أن قانون مكافحة جرائم الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات في مصر، الذي صدّق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في 18 أغسطس عام 2018، يمنح السلطات صلاحيات واسعة لمعاقبة “أي شخص ينتهك قيم ومبادئ الأسرة في المجتمع المصري”، وفقاً لمركز التحرير لسياسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن.
فيما اعتبر النائب البرلماني ضياء الدين داود أن حجب المنصات الاجتماعية ليس حلا دائما، وإنما إجراء مؤقت قد ينعكس سلبيا على الاقتصاد والاتصال المجتمعي، ويمنع الوصول إلى محتوى نافع.
وقال داود في تصريحات صحفية إن الموقوفين مؤخرا لا يمثلون صناع محتوى بالمعنى الحقيقي، بل يقدمون محتوى منحرفا يخالف القيم المجتمعية، معتبرا أن ما يقومون به ليس حرية تعبير وإنما مخالفات تستوجب المحاكمة.
وأضاف أن بلاده تمتلك تشريعات واضحة لمكافحة إساءة استخدام التكنولوجيا، مشددا على ضرورة التفكير في إنشاء جهة رسمية متخصصة لمراقبة المحتوى على منصات التواصل. وحذر من أن غلق المنصات قد يعرض مصر لانتقادات بشأن حرية التعبير، كما أن المخالفين يمكن أن يجدوا دائما طرقا للتحايل.
وتسلط هذه التطورات الضوء على التحديات التي تواجه تيك توك ليس فقط في مصر، بل في العالم أجمع، مع تزايد الانقسام حول كيفية التعامل مع المنصة.
أرقام وإحصائيات
وفق بيانات منصة “داتا بورتال” (Data Portal) للبيانات الرقمية:
- بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في مصر حتى يناير 2025 نحو 96.3 مليون مستخدم بنسبة انتشار 81.9% من السكان.
- عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في مصر حوالي 50.7 مليون مستخدم، ما يعادل 43.1% من إجمالي السكان.
- عدد مستخدمي “تيك توك” في مصر (18 عاما فأكثر) وصل إلى 41.3 مليون مستخدم، بينهم 64.2% ذكور و35.8% إناث، بزيادة 25.4% عن العام السابق.
وقد أثار استخدام الأطفال و المراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي مخاوف متزايدة في السنوات الأخيرة، خصوصاً فيما يتعلق بالوقت الذي يمضونه أمام الشاشة، والثغرات في الإشراف على المحتوى في بعض المنصات، بحسب تقرير لوكالة فرانس