أثار فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي، يظهر قيام بعض الشباب بنثر الأموال ودهسها في حفل موسيقي خاص أقيم بالزاوية، استياء قطاع واسع من متصفحي المنصات الاجتماعية.
يأتي هذا الفيديو في وقت يشكو فيه المواطنون من تأخر صرف الرواتب، وعدم توفر سيولة، وغلاء الأسعار، إضافة إلى ضعف الخدمات في عدة قطاعات بسبب عدم توفر المبالغ المالية اللازمة لها.
ووصف نشطاء التواصل الاجتماعي الفيديو بأنه يبين أحد “المظاهر الاستفزازية” التي تعاني منها البلاد.
من جانبه قال الناشط السياسي عيسى عبد القيوم “ما يقوم به هؤلاء البشر شيء مقرف، ويدل على وجود خروقات في جدار المؤسسات المالية يؤدي إلى وصول المال بهذه الغزارة إلى مراهقين، ليتمّ رميه بشكل فيه سفاهة، فضلا عن كمية الاستفزاز لغالبية لا تجد قوت يومها”.
فيما أشار الناشط عبدالله الشافعي إلى أن هذا “منظر مخز، في وقت لا يجد فيه المواطن قوت يومه، هناك من يستعرض بالمال ويرميه على الأرض ثم يدوسه بالأحذية”.
بينما اعتبرت المدوّنة فاتحة الفارسي أن هذا المشهد “يختصر حجم الفجوة بين الليبيين بين أناس يعانون وآخرون يعيشون مظاهر البذخ”.
من جهته، يرى المحامي عصام التاجوري، أن الفيديو المتداول، “يسلط الضوء على ظاهرة تستحق التوقف عندها، تتعلق بغياب الرقابة على مصادر المال وسوء التصرف فيه، وهو ما يعكس خللا مجتمعيا واقتصاديا ينبغي معالجته”.
جدير بالذكر أن هذا الفيديو ليس الأول من نوعه في ليبيا، وفي الزاوية تحديدا، حيث تداول مقطع فيديو مشابه في 2021 يظهر مجموعة من الشباب يقومون بنثر المال في حفل موسيقي خاص أيضا.
من جانب آخر دعا الخبير السياسي والاقتصادي سالم سويري، الجهات المعنية لاستكشاف الساحات الجديدة لغسل الأموال أسوة بما فعلته مصر في حملتها الأمنية على «التيكتوكرز»، التي كشفت اعتراف عدد من صناع المحتوى امتلاكهم أموالًا طائلة وصلت إلى ملايين الجنيهات، دون مصدر واضح.
وأضاف أن الوضع في ليبيا يفتقر حتى الآن إلى أي تحرك جدي في هذا الإطار، مشددًا على أن هناك أشخاصًا يستخدمون مواقع التواصل كغطاء لعمليات مشبوهة دون أن يُتخذ ضدهم أي إجراء قانوني.
وأوضح سويري أن غسل الأموال لا ينفصل عن تمويل الإرهاب، مشيرًا إلى أن بعض رجال الأعمال وخاصة في المنطقة الغربية، يقدمون دعمًا مباشرًا للجماعات المتطرفة، سواء بالمال أو بالعتاد.
وأعرب سويري عن قلقه إزاء سياسة “التهديد والتصفية” الاقتصادية وغير الاقتصادية، التي تُمارس في بعض المناطق، معتبرًا أن تنامي نفوذ الميليشيات يعيق أي محاولة حقيقية لكشف شبكات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ودعا سويري مصرف ليبيا المركزي إلى الضرب بيد من حديد، عبر تفعيل أدوات الرقابة الشرعية لا المليشياوية، كما طالب مكتب النائب العام بالتحرك العاجل لتتبع مصادر تمويل بعض صناع المحتوى ومساءلة رجال الأعمال عن مصادر أموالهم، متسائلًا: “كيف أصبح لدينا في ليبيا مليونير جديد كل يوم؟” في إشارة إلى ما وصفه بـ”خصوبة بيئة المال الفاسد وغياب الردع القانوني”.
يبقى السؤال، أين الجهات المسؤولة التي يمكنها متابعة مثل هذه الحفلات وما يتم فيها.
