حمام محمد
سلسلة مقالات حول ” الإعلام والذكاء الاصطناعي .. أعدها الأستاذ الدكتور _ حمام محمد .. أستاذ الإعلام والاتصال والأدب بجامعة الجلفة _ الجزائر .. فكان هذا المقال ورقمه (31) مهتما بإجابة أو محاولة الإجابة على السؤال المهم :
هل سيزيل الذكاء الاصطناعي الآلام الجسديّةَ للبشر؟
___________________**
من خلال النظر إلى عنوان المقال: هل سيظنُّ الإنسانُ أنّ الذكاء الاصطناعي سيخلّصه من أوجاعه وآلامه ؟ فإنْ آمَنّا بمثل هذا الطرح ، فإنّ مخابر إنتاج الأدوية قد لعبت هذا الدور وما تزال ، ومع ذلك لم تتخلّص البشريّة لا من آلامها ولا من لذّاتها . لأنّ الألمَ واللذّةَ من قياسات المولى للبشريّة حتى يُحاسَبوا ويلقَوا ما وُعِدوا به.
وهذا يفضي بنا إلى إدراك أنّ الشفاءَ من عند الله سبحانه وتعالى ، وأنّ مقادير الأسباب موحيةٌ شرعاً بالعمل بها ، مع ترقّب ما أحلّه الله لعباده.
خاصةً أنّ حواريةَ العبد مع ربّه فرديّةٌ لا دخلَ لأيّ أحدٍ فيها، ولو كان ملكاً مقرّباً ؛ فقوله تعالى فصلٌ : ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾.وأنا أرتقب دورةَ التطوّرات الراهنة في الذكاء الاصطناعي؛ حيث أعلنت شركاتٌ كبرى عن نموذجٍ جديد (GPT-5) في مجال الذكاء الاصطناعي، سيُعيد حساباتٍ كبيرةً في المجالات العلمية والصحيّة.
وقد ذهبتُ مباشرةً إلى مقاربة الصحّة باعتبارها المجالَ المشترك بين الشعوب ، فرأيتُ أنّ ” التجارة العالمية في العقود القادمة ستُركّز على منطق التخلّص من آلام البشر”
لكن : هل يمكن لمبتكرات الذكاء الاصطناعي أن تُنجز ذلك؟
إنّها في الحقيقة ليست ابتكاراتٍ بالمعنى الأصيل، بل قدرةٌ تقنيّة على تجميع معلوماتٍ قديمة منشورة، غير مستساغة أحياناً، وليست منجزةً بالفكرة الآنيّة.فالآنيُّ والظرفيُّ لا يخدم الذكاءَ الاصطناعي؛ لأنّه يصبح من الماضي مباشرةً، إذ كلُّ دقيقةٍ تُصبح ماضياً، وهذا ما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي إيقافه، مهما أُنتجت نماذجُ متطوّرة، ولو بلغت الجيل العاشر.
فالقاعدةُ معروفة: *لا شفاء إلا شفاء الله*. ومع ذلك، ماذا يعني هذا؟
إنّه يعني أنّ وصول الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة محاكاةٍ اصطناعيّة بين مصادر الألم والأدوية قد يجعله يستفيد في *توقيف الألم مؤقّتاً*، لكن ليس نهائيّاً. إذ ليست له قدرةٌ على كشف الغيب، ولو أبرقت إليه الدراساتُ الاستشرافيّة أو الفلسفيّة ببعض التخيّلات العلمية، فإنّها تبقى محدودةً وتحتاج إلى قدرةٍ عقليّةٍ ناقدةٍ لكشف عدم صدقها بنسبةٍ عالية.أي نعم، يمكن للذكاء الاصطناعي في مجال الصحّة أن يقوم بالإنجاز الميكانيكي، وهذا يدخل في النظام التطوّري للآلات الطبيّة المستعمَلة ، لكنّه لا يضمن نجاحَ عمليّة إزالة الألم، لأنّ الغيب بيد الله .
ولئلّا نقول إنّنا متشائمون من الوصول إلى هذه الدرجة ، نؤكّد أنّ استعمال التكنولوجيا في العمليات الصحية أمرٌ جيّد ونافع، ويدخل ضمن النِّعَم التي لا تُعدّ ولا تُحصى .. أمّا غير ذلك، من التفكير الدَّجَليّ والخرافيّ، بأنّ الذكاء الاصطناعي سوف يُوقِف الألم إلى النهاية !!!! فهذا خبطٌ من خبطات الجنّ عندما كانوا يسترقون السمع …