الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-10-10

1:53 مساءً

أهم اللأخبار

2025-10-10 1:53 مساءً

مايكفي من الحب لنحيا

01

عفاف عبدالمحسن

كنت أقرأ حكايات في هذا الفضاء الأزرق قبل النوم كاستراحة بعد يوم عمل مضني .. هو كذلك وإن أحببته ووجدت فيه نفسي وأنا ساعية لآخر حدود الممكن بحثا عن ذاتي في شيء قريب لا أرغب مجافاته .. ويأسرني ليس كعمل .. بل كحالة من الانسجام .. إذا تأخرت عنه يتملكني شعور الفراغ .. وإذا قصرت فيه ألوم نفسي .. وكأنني جرحت مشاعر حبيب لطيف يقدم لي كل يوم وردة .. وأنا لم أعره اهتماما .. ولم أسقها ليبقى أرجها يعطر حياتي .. أحببته لهذا الحد وكما الأجواء حولي .. ليست طاردة أو هكذا وضعت نفسي بين الكل والبعض .. فلم ألمح قسوة ولا حسدا ولا تلصصا ولا تلميحات تنمرية أو عتابية حتى .. فصلح المكان بمن فيه وبما يمكن أن أقول إنها بيئة محفزة .. قطعا مع شغفي .. لأن أتي صباحا وأرحل مرغمة في وقت متأخر مساء تاركة حبيبا ينتظر بلهفة عودتي الصباحية لأحتضنه بعيني وأبسمل وأحوقل وأتوكل على الله قبل أن أنطلق من حيث توقفت أو أبدأ سطرا جديدا .. أحببته بهذه الصورة ..

ولكن إعمال الأفكار وانتخاب الكلمات التي تصلح هنا ولا تصلح هناك والقراءة بحكم المهنة لا التثقف والاستزادة يصبح مرهقا في نهاية النهار .. فبين يدي أمانة ” كم من المقالات والقصائد والسير أتوخى حذرا شديدا في تعاملي معها ” .. لأخرجها بما يليق بأصحابها من تركوها وقد قدت من معين أفكارهم ودرجت فيها مشاعر من دم يرتفع معدله حينا وينخفض حينا .. تملؤه الزفرات أثناء التنقيح والترتيب وتفعمه الآهات التي أسمعها بين الأحرف الملتهبة كثيرا في قصائد العشق أو الغربة أو الوداع الفجاءة .. بهذه الطريقة التي قد يراها البعض ربما مرضية .. أو لنخفف الوطأة وأقول .. غير طبيعية غير مألوفة .. أحببته بعد سنوات أتمرغ بين أروقة مهام أشعرها ثقيلة وأناس منفرين وفي كل مرة أتشبث بعملي .. لأنني أعقد بيني وبينه علاقة رقيقة مجسدة رؤاي الحالمة فيه .. بأنه ذاك الحبيب الذي انتقي لأجله أبهى ملابسي .. وأضع عطري النفاذ وأنا ذاهبة لملاقاته .. كي آسره ولكنه يأسرني في نهاية القصة الغرامية من طرف واحد .. وأقولها بلا خجل .. ففي كل مرة .. أجد من يأخذه مني .. إما بخباثة أو بتسلل غير واضح أو بتململي من محيط لا يرغبني في مزيد من التعاطي .. فيما يجذبني للقاع بينما وصلت بتعب لبعض مدارج عند سطح قد يأخذني للقمة يوما .. لأبقى هناك مع كثر بمثابرتهم .. وفقط بحب نالوا المبتغى .. رغم أنني شديدة التعلق بما آلفه أترك الأوراق والكتب في المساء لأقتفي أثر الحكايات في الفضاء الأزرق وكلما صادفتني واحدة  فيها من الخيانة والتآمر والنفاق والكذب والجشع .. أراني تعبت ويرواودني تفكير يستهجن ما أقرأ ….

لماذا تسوق هذه الأفكار الخبيثة في حكايات أقل ما يقال عنها بسيطة مدمج فيها العامية بشكل حشري بين سطور كتبت بالعربية الفصحى وكأن الكاتب لم يجد مفردة يستكمل بها الموقف أو الحدث .. فكما اتفق أسعفته جملة عامية بلهجة بلده .. فأين الفائدة إذن من إشباعك بالخيال والمتعة السردية والفكرة الناضجة !؟ حتى وإن لم يصل بك الحكواتي هذا لحل للأزمة الغريبة الوحشية التي صورها حكاية وقذف بها أمامنا .. تندلق للمتصفح عنوة أحيانا بلا أن يطلبها فيجد فضوله الإنساني قد ساقه للتصفح ليس لجمال ما فيها !! فكلما قرأت اشمأزت لهذا التصوير للإنسانية .. هي منعدمة حقا .. هل نحن في مجتمع غاب فعلا ؟ !! ألم يعش كتاب هذه الحكايات حياة طبيعية !! ما جعلني أنكر أن الإنسان هذا الكائن الحي الذي يتألم لجرح أو لكسر أو لموت قريب أو صديق عزيز ويدخل في حزن شديد .. لديه من الجوارح ما يجعله عطوفا لطيفا رقيقا صادقا معطاء .. ما هذه الوحوش المكتسية لحما محتواه عظام وأوردة وأجهزة ؟؟؟؟؟ لا يسمه بالإنسانية إلا مشاعر يفترض أنها مولودة معه .. تسكنه مذ نطفته الأولى ! هل أعيش في عالمي الخاص وأتصوره نقيا من شوائب الكره وما يجره من مآخذ لا تشبه ما يفترض أن يكون عليه البشر في تعاملاتهم ؟

تأكدت أن شبابنا الذين بدأوا يعرفون كروائيين في السنين العشرة الأخيرة ما خاضوا في كتابة رواياتهم وقصصهم القصيرة عن العنف والعفاريت والجرائم البشعة وحتى عن الشذوذ والتطرف ربما .. لأنهم ما تتلمذوا إلا على مثل هذه الصفحات المريضة .. ولم يكونوا أصدقاء الكتاب الورقي المتقن بما فيه من قصص إنسانية .. ترفع لديهم وتيرة التعاطف وصحصحة الجوارح بما يليق بما جبلنا عليه فطرة الله فينا .. بقيم الحق والحب والجمال !!! انقذوا الإنسانية فعلى هذا المنوال .. قريبا سنكون وحوشا .. أحدنا ينهش من لحم الآخر في الطرقات دون أن يرف له جفن . 

عفاف عبدالمحسن

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة

PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications