حاملًا معه رياحَ الموتِ وأمطارَ الأحزانِ، تحوّل مسارُ إعصار دانيال عن وجهته الأصلية نحو أوروبا، لينحرف باتجاه السواحل الليبية، ويَحُطَّ الرحالَ هناك، حيث التهم مدينة درنة، التي باتَ فيها الخرابُ والموتُ منتشرين في كل مكان.
في مثل هذا اليوم، الحادي عشر من سبتمبر 2023، اجتاح إعصار “دانيال” القادم من السواحل اليونانية، المناطق الشرقية لمدينة بنغازي، قبل أن يتحرّك شرقًا نحو منطقة الجبل الأخضر، مصحوبًا بأمطارٍ غزيرة تجاوزت 400 مليمتر.
سيولُ الإعصار اجتاحت كاملَ منطقة الجبل الأخضر، لكن الكارثة الحقيقية كانت في مدينة درنة؛ حيث يوجد سدّ وادي درنة الكبير بارتفاع 40 مترًا، ويليه سدّ درنة الثاني، فتسبّب الضغطُ الهائل للمياه، ولأسبابٍ فنيةٍ في بنية السد، بانهيار سد وادي درنة الكبير، وسرعان ما لحق به السدُّ الثاني.
فابتلعت الفيضاناتُ مدينةَ درنة، وجرفت معها كلَّ ما يقف في طريقها، ومَحَت ملامحَ المدينة.
لقد خلّف الإعصار دمارًا هائلًا، وآلافَ الضحايا والمفقودين، مع نزوح نحو 20 ألف عائلة، مما جعل الكارثة واحدةً من أعنفِ الأزمات الطبيعية التي شهدتها ليبيا خلال العقود الأخيرة.
ووسط هذا الركام درنة لم تستسلم بل سرعان ما خطت، خطوات حثيثة باتجاه الحياة، متجاوزة غصّة ومآسي خلفها الاعصار، لتشهد المدينة نهضة قوية في الاعمار والاستثمار بإشراف «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا» الذي يترأسه المهندس بالقاسم حفتر ، من خلال تدشين عدد من المشاريع الكبرى ما أعاد الحياة الى المدينة التي أتى عليها الإعصار.