أثار الاتفاق الأخير بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، بشأن مطار معيتيقة في العاصمة طرابلس، موجة من الجدل والانقسام بين الأوساط السياسية، وسط تأكيدات بتدخل تركي حاسم في التوصل إلى التسوية.
النائب حسن الزرقاء رأى أن اعتماد الدبيبة المتكرر على التشكيلات المسلحة لمواجهة خصومه يضعف قدرته على فرض سيطرة أمنية أو عسكرية حقيقية على العاصمة، محذراً من أن هذه التشكيلات قد تنقلب عليه إذا لم يستجب لشروطها.
وأضاف في تصريحاته أن افتقاد المنطقة الغربية لجيش يجعل احتمالات تجدد الصدام قائمة في أي وقت.
من جانبه، شكك عضو مجلس النواب سعيد امغيب في صمود الاتفاق الأمني بطرابلس، واعتبره نتيجة تفاوض على النفوذ وليس على مستقبل الدولة، مؤكداً أن أي تفاهمات لا تمر عبر المؤسسات المنتخبة مصيرها الفشل وزيادة التوتر والانقسام.
أما عضو مجلس النواب علي التكبالي، فاعتبر الاتفاق مكسباً لسكان العاصمة بعد أشهر من المخاوف من اندلاع مواجهة مسلحة جديدة، لكنه انتقد في الوقت نفسه محاولات أنصار الدبيبة تصويره على أنه انتصار له، مشيراً إلى أن وسطاء مقربين من رئيس الحكومة تدخلوا لتسهيل الاتفاق حفاظاً على ماء وجهه، بعد فشله في استهداف مقرات الردع داخل قاعدة معيتيقة التي تضم قوات تركية وتقع بالقرب من مناطق مكتظة بالسكان.
وأوضح التكبالي أن الاتفاق نصّ على تسليم المطار المدني في معيتيقة إلى قوة محايدة تتبع المجلس الرئاسي، بينما كان الدبيبة يسعى إلى حل الجهاز وتجريده من سلاحه وإبعاده عن القاعدة، معتبراً أن رئيس الحكومة حصل على أقل بكثير مما كان يطمح إليه، إذ لم يكن هدفه فرض سلطة الدولة على المرافق الاستراتيجية بقدر ما كان يسعى لتعزيز نفوذه كورقة تفاوضية مع البعثة الأممية والمجتمع الدولي.
وفي المقابل، أكدت وكالة الأناضول التركية أن الاتفاق تم بوساطة مباشرة من أنقرة، بعد سلسلة زيارات أجراها رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن إلى ليبيا.
وأشارت الوكالة إلى أن التوتر العسكري في طرابلس انتهى بفضل عمل متعدد الأبعاد من قبل الاستخبارات التركية، شمل تكثيف الحوارات مع جميع الأطراف حتى التوصل إلى خفض التصعيد مؤكدة أن الأطراف عبّرت عن قناعتها منذ البداية بعدم إمكانية تجاوز الأزمة دون قيادة تركية، وأبدت امتنانها لدور أنقرة في الحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها.
وبينما ترى بعض الأطراف أن الوساطة التركية جنّبت العاصمة مواجهة دموية جديدة، يعتبر معارضو الدبيبة أن الاتفاق لم يعزز سلطة الدولة، بقدر ما كشف عن عمق اعتماد الحكومة على التشكيلات المسلحة والدعم الخارجي لإدارة شؤون طرابلس.