شهد المشهد السياسي خلال الساعات الأخيرة تطورين بارزين، أولهما يتعلق بملف المناصب السيادية، والثاني بتحذيرات برلمانية من مخطط خطير لتوطين المهاجرين غير الشرعيين داخل البلاد.
أعلن رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، عن تشكيل لجنة من ثلاثة أعضاء بالمجلس للتواصل والتنسيق مع لجنة مجلس الدولة بشأن ملف المناصب السيادية، بما في ذلك إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
وتأتي هذه الخطوة في إطار السعي لمعالجة القضايا العالقة بين السلطتين التشريعية والاستشارية، وضمان التنسيق حول التعيينات الحساسة التي تشكّل ركيزة أساسية للعملية السياسية المقبلة.
ويرى مراقبون أن تكليف البرلمان لهذه اللجنة يمثل توجهًا إيجابيًا نحو تقريب وجهات النظر بين المؤسستين وهو ما أشار إليه عضو مجلس الدولة الاستشاري محمد معزب الذي اعتبر أن تعزيز التقارب بين النواب والدولة يساهم في تنفيذ خارطة الطريق التي اقترحتها البعثة الأممية.
ومن المرجح أن يشهد هذا الملف تكثيفًا في التنسيق بين الطرفين خلال الأسابيع المقبلة، بما قد يدفع العملية السياسية قدمًا.
في المقابل، أثار عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني جدلاً واسعًا بتصريحات حذر فيها من التوطين الناعم للمهاجرين غير الشرعيين في ليبيا.
وقال الشيباني إن هذه العملية تتم بصورة تدريجية وهادئة عبر سياسات تتبناها حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لافتًا إلى أن منح بعض المهاجرين امتيازات متعددة مثل العلاج والتعليم وحتى أوراق ثبوتية، يندرج ضمن خطة تستهدف إضفاء شرعية قانونية على وجودهم داخل البلاد.
وأكد الشيباني أن هذه الخطوات تمثل خطرًا داهما على الأمن القومي والهوية الوطنية، داعيًا إلى توسيع دائرة الحراك الشعبي الرافض لهذه السياسات لتشمل مختلف المدن والمناطق، حتى تشكّل قوة ضغط قادرة على إيقاف هذا المخطط.
كما اعتبر أن هذا التوطين يتم برعاية أجهزة استخبارات أجنبية وبالتنسيق مع أطراف داخلية، بهدف إحداث تغيير ديموغرافي واجتماعي له تداعيات خطيرة على مستقبل ليبيا.
في موازاة ذلك، ترى أوساط أكاديمية وسياسية أن الحراك الأممي في ليبيا ما يزال ماضياً بخطوات محسوبة رغم الصعوبات.
حيث قالت الخبيرة القانونية وعضوة اللجنة الاستشارية جازية شعيتير لصحيفة “الشرق الأوسط” إن المسار الأممي يمضي قدماً رغم التحديات، مشيرة إلى أن مختلف الأطراف المعنية بالصراع منشغلة حاليا بإعادة ترتيب أوراقها واستعداداتها للتأقلم مع المرحلة المقبلة وتنفيذ ما تتطلبه الخطة الدولية.
بين مساعي البرلمان لتعزيز التنسيق مع مجلس الدولة بشأن المناصب السيادية، وتصاعد التحذيرات من مخاطر التوطين التدريجي للمهاجرين، يبدو أن المشهد يسير في اتجاه تقاطعات سياسية وأمنية معقدة، تجمع بين الضغوط الداخلية والتأثيرات الإقليمية والدولية وهو ما يجعل المرحلة المقبلة مرهونة بقدرة الفاعلين الليبيين على التوصل إلى تفاهمات سياسية تعالج الملفات الحساسة، وتحافظ في الوقت ذاته على السيادة الوطنية واستقرار المجتمع.
