ارسمني ..
فتش في غيهب حلمك عني ..
علبة ألوانك قوس قزح لا تفتحها ..
ابعثني لونا لم يتكرر ..
فيَّ الألوان جميعا ..
مبعث سحري .. سر العبث بهذا الكون

هكذا … وقصيدة غياهب طويلة من أعمالي الشعرية ” عفاف عبد المحسن ” .. وتخيرت فقط أن أبدأ خبر (( سرد )) ببداية شعرية كتبتها مرة في أعمال الفنان أبوراوي .. فعلاقة غير منظورة بين الفن التشكيلي هذا الفن البصري المعبر عن مشاعر وأفكار يصوغها الفنان بحكاية تتداولها روحه وعقله مع أدواته مهما كانت تلك الأدوات فهو يشكلها في نهاية المطاف بذائقة راقية رفيعة إلى جماليات تُدرك بالبصر يمكن للشعر أن يترجمها حكاية شعرية أو يتغزل في كنه اللوحة وموضوعات معرض بأكمله ويمكن أن يقف حائرا أما إبداع يفوق تخيله .. فماذا جهز الفنان الدكتور معتوق أبوراوي من لوحات إبداعية خلابة يعرضها في جامعة غرناطة بدعم من الهيئة الليبية للبحث العلمي عبر معرضه المعنون هذه المرة … (( ســــرد )) !!! ولماذا تخير هذا العنوان ومادلالات السرد في اللوحات لدى الدكتور عضو هيئة التدريس بكلية الفنون . جامعة طرابلس الذي تعددت معارضه الماتعة التي يرى فيها الزائر مابعد البصر وماأعمق من النقش واللون على لوحة سواء استخدم قماشا أو زيتيات أو غيرها .. فعندما يكون الفن رسالة فريدة ، فإنه لا يكتفي بتحقيق الجماليات البصرية ، بل يتجاوزها ليصبح وسيلةً حيوية للتعبير عن الأفكار العميقة والمشاعر الإنسانية الصادقة . إنه حينئذٍ ليس مجرد لوحة ، بل حوارٌ بصري ، وفضاءٌ للتأمل ، وأداة لنشر الوعي المجتمعي وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة .

انطلقت مساء الجمعة الموافق 12 سبتمبر 2025م سرديات أبو راوي الفنان الإنسان وتلك رحلة أخرى فنية عميقة تضاف لرحلاته المتعددة خلال أعماله التشكيلية .. فقد استطاع أن يصنع جسرًا بين الماضي والحاض ، وبين الفرد والجماعة ، حيث تلتقي الذاكرة الجماعية بالتجربة الشخصية ، وتتشابك الخطوط والألوان لتحمل رسالةً من الجمال ، والتفكير، والانتماء .
(( سرد )) المقام في قاعة (( كورالا دي سانتياغو )) بغرناطة إسبانيا ليس معرضا فنيا للفنان بل تظاهرة ثقافيه متكاملة بدأت بافتتاح المعرض التشكيلي .. حضرها عديد الفنانين التشكيليين وعديد الأدباء والأكاديميين والمثقفين والذواقة من أبناء الجالية الليبية في إسبانيا .. ومايعكس أهمية ثقافية للحدث الثقافي الفني الكبير فقد حضر ممثلوا وسائل الإعلام المحلية بإسبانيا .
الافتتاح بدأ بعديد الكلمات التي أكدت جلها على أهمية الفن كوسيلة للتواصل الحضاري بين الشعوب ولا سيما بين الشعبين الليبي والإسباني .. وجاءت كلمة صاحب السرد الدكتور الفنان معتوق أبوراوي معبرة عن سعادته مؤكدة على الفن كحلقة وصل بين الشعوب وجسر متين للحوار والتفاهم حول قضايا الإنسان والهوية والتاريخ المشترك .. فـ (( “سرد” )) ليس فقط عرضًا للوحات ، بل هو دعوة للتأمل ، ومسيرة بصرية تحمل في طياتها الروح ، والذاكرة ، والرسالة .. في هذا المعرض ، قدّم الفنان مجموعة من الأعمال المميزة التي رسمها خلال مسيرته الفنية تمزج بين التعبير الحر، والرمزية العميقة ، والانتماء الثقافي .. وعدد من اللوحات الجديدة التي تعكس تطورًا في تجربته البصرية .. ستظل معروضة جميعها للزائرين حتى السادس من شهر أكتوبر للعام الحالي 2025م .. مع استمرار المحاضرات والأماسي والأصابيح الشعرية والأدبية المختلفة الأغراض الإبداعية .. وينتظر المشاركون حضورا مكثفا لمحاضرة فنية ضمن عدد المحاضرات التي ستقدم خلال المنشط الفني الثقافي ستكون الاثنين يقدمها الدكتور معتوق أبوراوي وهي بعنوان (( الفن في شمال إفريقيا ومدى تأثره بالفن الأوروبي المعاصر والعلاقة التاريخية بين الطرفين )) .


سرد // معرض ولقاء ثقافي يعطي للسرد دلالات مختلفة بين جمهور من المهتمين مثقفين وفنانين بعضهم حواره بصري يرفع ذائقة الفرجة عند المتلقي الواعي بقدرة الفن التشكيلي على تثقيف الذات والارتقاء بمعاني الإنسانية وبين المتحاورين بالكلمة وسيلتهم الصوت معبرين معا عن قضايا معاشة وكيف تتحول لرؤى أكثر نضجا وتفهما وعلوا بالمجتمعات .
استقت الخبر : عفاف عبدالمحسن
______________________**
** الفنان د. معتوق أبوراوي من مواليد 1967 ومتحصل عل بكالوريوس فنون تشكيلية من كلية الفنون والإعلام بجامعة طرابلس وهو أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الفنون، وتحصل على الدكتوراه من كلية الفنون الجميلة بجامعة غرناطة، وانطلاقا من ايمانه بدور الفن في نقل الصورة الإيجابية والمشرفة عن بلاده وتغيير الصورة النمطية عن ثقافتنا وعن مجتمعاتنا، فقد سبق وأن أقام الدكتور معتوق أبوراوي عدد من المعارض في بلدان مختلفة في انحاء العالم ومنها في : كاراكاس (فنزويلا)، بوينس آيرس (الأرجنتين) أو المتحف الوطني للثقافات، المكسيك، إضافة لمعارضه المحلية بمدينة طرابلس في ليبيا.
هو الفنان صاحب الفن الحقيقي لا يقف عند حدود الإبهار أو التزيين، بل يسعى إلى فتح نوافذ على الذات والمجتمع، ويشجع على التفاعل الثقافي، ويدعو إلى التأمل في الهموم المشتركة، ويعزز الهوية من خلال التجربة البصرية .
ويكتسب هذا الدور بعدًا خاصًا عندما يأتي من فنانٍ يتمتع بموهبة فذة، وتكوين أكاديمي رصين، وخبرة طويلة في الممارسة والتأمل الفني، مثل الدكتور معتوق أبو راوي — الفنان التشكيلي الليبي، والأستاذ الجامعي ، والباحث المُساهم في بناء المشهد الثقافي العربي ** .