بقلم / حسين المسلاتي
بعد مرور أكثر من شهر على إعلان المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتية، لخريطة الطريق الجديدة، لم يظهر أي مؤشر على وجود تفاعل جدي من الأطراف الليبية معها، هذا الجمود يثير تساؤلات عديدة حول جدوى هذه الخريطة وإمكانية نجاحها، بل وحتى حول ما إذا كانت ترتقي أصلًا لأن تسمى “خريطة طريق” أم أنها مجرد إطار عام يفتقر إلى التفاصيل.
فالخطة جاءت خالية من الآليات التنفيذية والتوقيتات الزمنية المحددة، في حين أن أولوياتها تبدو بعيدة عن الواقع الليبي وتعقيداته، إذ اشترطت البعثة استكمال ما أسمته “خطوات تأسيسية” قبل الدخول في أي تفاوض حول تشكيل حكومة جديدة.
وتشمل هذه الخطوات: استكمال المناصب الشاغرة في مجلس المفوضية الوطنية للانتخابات وضمان استقلالها المالي، بالإضافة إلى إدخال تعديلات دستورية وقانونية شائكة من شأنها تسهيل العملية الانتخابية.
غير أن الشرط الأول لا يحتل أهمية قصوى تستدعي تعطيل المسار السياسي، بينما الشرط الثاني يواجه عقبات كبيرة في ظل استمرار الانقسام داخل مجلس الدولة، وغياب مؤشرات على توافق بين مكوناته بعد رحيل خالد المشري وتولي محمد تكالة رئاسة المجلس.
برأيي، كان الأجدى أن تبدأ المبعوثة بمسار حوار سياسي شامل يفضي إلى تشكيل حكومة جديدة موحدة، باعتبارها المدخل الضروري لتهيئة المناخ السياسي والأمني.
فالاتفاق على حكومة واحدة يعني بطبيعة الحال حلحلة جزء مهم من الأزمات الأمنية، عبر التفاهم على وزارة الدفاع والوزارات السيادية الأخرى، وهو ما يفتح الباب أمام تنسيق أوثق مع القيادة العامة للقوات المسلحة، بما يساهم في استقرار المشهد.
كما يمكن اعتماد سياسة “الحزمة الواحدة”، بحيث يتم تمرير حكومة جديدة، وتعديل القوانين الانتخابية، وإعادة تسمية شاغلي المناصب السيادية، في صفقة واحدة بتوافق مجلسي النواب والدولة، وبرعاية الأمم المتحدة، بعد حوار معمّق يضمن مشاركة الأطراف الرئيسة.
أما إذا أصرت البعثة الأممية على التمسك بخطتها الحالية بصيغتها وأولوياتها المقلوبة، فإن الأزمة الليبية ستبقى تراوح مكانها، وسيظل النفق مظلماً بلا ضوء في آخره.