رزان المغربي
هبط المساء ثقيلا، ورشحت فوانيس الحديقة ضوءها الخافت؛ الذي تناثر على الزوايا والممرات، لكن العتمة بقيت أعم وأشمل ! وهي مازالت تسند ظهرها إلى جذع شجرة ضخمة، أرست جذورها في الأرض على عطفة الحديقة الكبيرة ، حديقة أشجارها متباعدة تحتل طرف المدينة وتطل عليها، وهي تلثم سفح الجبل المرتفع !
شعرت بالرطوبة تنفذ إلى جسدها الواهن، تحمل في أحشائها الجنين الذي طال انتظاره ،وتمنت لو تجد مقعدا خاليا تجلس عليه ، المقاعد لم تكن شاغرة تماما، بسبب كثرة زائري الحديقة، وهي لا تجرؤ على احتلال طرف واحد منها يشاركها الجلوس فيه رجل ؟! لو جاء ورآها سيقيم الدنيا ولا يقعدها ، خفضت رأسها وأخذت تراقب عن كثب عبثه وهو يكاد يمزق جلدها ضجرا، تسعة أشهر! مسجون في ظلمة لكنها ظلمة حانية، أما هي فالظلمة التي حلت ترعبها، الجارة قالت لها المشي مفيد جدا يسهل الخلاص بالسلامة، وأقنعته هذا الصباح وتوسلت إليه لو يأخذها في مشوار سيرا على الأقدام، وافق على أن يتمشيا حتى الحديقة.
سأحمل قليلا من العسل معي ربما عثرت على زبون، حين نصل الحديقة؛ تأخذين قسطا من الراحة وأذهب لبيع العسل، في الحديقة لم يمكث معها اطمأن لجلستها وتأهب للمغادرة.
لن تتأخر؟
-كلا! انتظري هنا، اجلسي تحت ظل هذه الشجرة الوقت يقترب من المغيب. سأدع معك بقية العسل لن أحمل الاثنين معي !
استدار خارجا من البوابة ، ولم يعد، والسؤال داخلها يحتل كل عقلها :
فقط لو أعرف متى يعود، وهذا الألم الذي ينتابني؟ ماذا أفعل ليس لدي نقود وأخافه، أوصاني أن لا أغادر؟!