الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-03-09

11:45 مساءً

أهم اللأخبار

2025-03-09 11:45 مساءً

سيرة باسم دائما .. بعده  كبت المواسم وظلت الأحلام مؤجلة

سيرة باسم دائما .. بعده  كبت المواسم وظلت الأحلام مؤجلة

بيوغرافيا الشاعر – بالقاسم المزداوي

سألتهُ

لماذا أنت دائماً هكذا

أجابها وهو يترصد

خيط مطر

لأصطاد حبة ماء

لأمي كي تولد المزيد

من العصافير

لأنه الباسم دائما وقل ما يلقاه الرفاق في مؤسسة الصحافة بشارع الجمهورية أو في مقهى الصفوة حيث يجتمع أهل الثقافة والفن والأدب قرب جزيرة الغزالة أو في الأماسي حيث بيت الفقيه في المدينة القديمة في كل هو مبتسم بعينين تضحكان لك قبل شفاهه وصادفني وأنا أجمع سيرته العذبة كاتب في الذكرى الرابعة لرحيله الفاجعة كتب لروحه : رعشة الخوف والخدر .. أصابت أطرافنا لحظة سماع الخبر .. أبوالقاسم .. من اربع سنوات اختاره القدر .. فُراقه أبدي .. خسارةٌ وألم .. و لا شيء يعيد من رحل .. تركت في قلوبنا عميق الأثر .. أبتعدنا ونسينا .. وما نسينا .. تهنا يا صديقنا في زحام الخوف والحذر .. لم نجد ما نكتب .. حروفنا تتهاوى .. الرصاص أختبئ داخل القلم رحمك الله .. يا حبيبنا .. وكل الدعاء أن ترقد روحك بسلام .. وسنتذكرك مع كل شروق للشمس ابتسامتك وإكتمال للقمر .

” سطوةُ المطر والتراب .. سياط مبللة من برق ورعود .. وشمس آيلة لاشتعالِ الهجير … يا عراجين استعصت على متناول الأُمنيات … وأشواكاً تتربص للطفولة الحافية .. تنوس القناديل بأزقة جذلى .. وترفع عقيرتها بأغاني الموالد ..هل للقمر أن تضيع أتربتها؟ “

إنه صديق الجميع الشاعر والكاتب / أبوالقاسم علي الزروق الشهير في الوسط الثقافي والصحفي بالقاسم المزداوي .. المولود في مزدة مدينته الليبية التي صقلت هويته الأدبية وقبلا إنسانية استمدها من هدوئها وسحرها  تلك البلدةُ الغافيةُ بين الجبال، الهاربةُ من البحر لِمِئتَي كيلومتر جنوباً ، المتصالحةُ مع وحدتِها  المُمتدّةُ في صمتِها النبيلِ كشيخٍ زاهدٍ في أيامه المتبقية المحاطة بالسكون من جميع جهاتها لكنها تفجرت عن صخب عباقرة في كل المناحي الثقافية والعلمية كما المزداوي المولود فيها 1/11/1956 م والمتتلمذ بمدارسها حتى الثانوية العامة هذا الكاتب للمقالات المهمة عبر صحيفة الشمس مشرفا لصفحة ( أوراق ثقافية ) فيها ومدير تحرير صحيفة الفتح الثقافي – كما كان عضو اللجنة الثقافية برابطة الأدباء والكتاب.

” لتطوي الحواري ألعابها وتنام ….

وهل للحكايا أن تشيخ على الشفاه ؟

أينقلب الذئب راعياً للقطيع …

 كلما فزعت سحب السماء …

إنقبضت أسارير الأودية …

واشتعلت ألسنة الشيوخ بالدعاء “

في العام 2010 توفي بالقاسم المزداوي الذي لا ينسى بالساهل لما يتصف من إنسانية وروح تتلهفها الأرواح قربا ومحبة وصداقة .. فكتب صديقه الأديب التونسي في ذكرى رحيله العاشرة محمد الهادي الجزيري بادئا مقالته التي انتخب جزء منها فقط  //

معقولة يا راجل؟!* معقولة يا بلقاسم المزداوي؟! على إيقاع عرس الجيران والجلبة الصاعدة إلى دماغي عبر مسام النافذة الموصدة …أكتب لك ، أتراني أكتب أم أبكي من ذؤابة القلم؟ أبكيك أخي بلقاسم ، أبكي الطيبة والرجولة والتواضع العالي، أبكي أبا العيال المجاهد المقهقه في وجه الوقت المتجهّم الفظّ، أبكي الرجل الأعزل إلاّ من هيامه بوطنه وأمّته، الرجل الصادح بالرأي الجارح والمربك والمسبّب ” للمشاكل “، في زمن المتحذلقين والمتموقعين المختصين في أكل الكتف، أبكي الصديق المشرع كالبحر رغم قلّة الزاد وقصر اليد، أبكيك يا بلقاسم المزداوي وألعن الوجع الذي تشبّث بقدمي منذ ركلت المقعد … لحظة احتضنني محمد الربيعي وأفشى الفاجعة فيّ، يا هول ما أخبرني به صوته المذبوح ، أجبته فورا : تقصد والد بلقاسم، وكنت أعلم أنّك يتيم مثلي، كنت أعلم ذاك ولكنّ الصوت خرج من روحي ولم يمرّ على عقلي ، ظللت للحظات قصيرة فارضا للحقيقة التي أريدها ورافضا للمصيبة التي صعقتني ، لم أجد كائنا واحدا حولي يكذّب موتك، لا شمس الدين العوني الذي تحوّل بغتة إلى كتلة من الوجوم ، ولا مراد العمدوني الذي خطا خطوات إلى الوراء وكأنّه يريد العودة إلى المقهى ويحذف من رأسه ما رأى وما سمع و ما حدث في ساحة المبيت بسيدي بوزيد ، لم أجد غير المقعد الغبيّ المحايد البارد فركلته وقذفته ببياضه المخيف إلى أبعد نقطة ممكنة من ظلام الساحة المسيّجة بزهور بلهاء تنام وتحلم بشمس جديدة يأتي بها يوم جديد ……… سنّك اليوم لا تسمح بالكذب فاعتذر عن كذبتك الأخيرة……………

( أخي كيف حالك هذا المساءْ؟

أخي قيل إنّك …… لا لا ولا

أخي .. هل أصدّق هذا البكاءْ؟

طرابلس تبكيك من أعين الشعراء

وتونس تسأل غيمة وجهيَ … ماذا جرى؟

أثمّة بغداد أخرى هوت

كي أرى كلّ هذا الأسى في محيّاك

يا طفليَ المصطفى؟*)

من أهم مؤلفاته الصادرة في 2007 دراسة شعرية مهمة عنونها (عناقيد قيد الاشتهاء ) ـ كما صدر للشاعر الراحل ديوان (كما .. لو .. أني) عن المؤسسة العامة للثقافة – بنغازي، 2008م واحتوى27 قصيدة نثرية قصيرة جاءت في (94) صفحة .. قال النقاد عن الديوان رغم احتوائه على قصائد قصيرة وأخرى قصيرة جدا إلا أنه غلب على بعضها سمة الحكاية السردية كاملة الأركان كما في قصيدة رحومة ……

“كأي عريف في الجيش

كان قوياً

ينهر الجنود المارقين

ويحرص على التقاليد

العسكرية ….

كان لا يأنس

إلا لثلاث

أمه

وزوجته

وزهرة عباد الشمس …

فقد يمناه

أثناء معالجته

للغم حربي

قديم

فأحالوه

على التقاعد

لعدم اللياقة

البدنية …

ماتت أمه

وكثر عياله

وضاقت به السبل

فابتنى كوخاً

لبيع الفحم

والبيض

وأمشاط العجائز

وظل يهمس لزوجته

كل فجر

إننا نبيع

عندما

ينام الآخرون …

في حملة النظافة

الأولى

مسحوا كوخه

فاحتمى بسياج الركام

وظل يداوم على البيع

تحت

مصباح الشارع القديم …

وفي حملة النظافة

الثانية

مسحوا الركام

والبضاعة

فغادر المكان

وزهرة عباد

الشمس

وليكن ختاما لسيرته ما كتبه في حقه الصديق الكاتب الأديب سالم العوكلي // ماذا سأقول له الآن وهو هناك، ربما يضحك الملائكة التي كانت تضحكنا صغارا، ماذا أقول له عن بلدته مزدة الفخور بها وبما تنجبه دائما من مبدعين، هل سأقول له، كما لم تتوقع يوما أصبحت فضاء لحروب قبلية وأصبح الرصاص المنتشر في ليبيا كلها جزءا من إيقاعها اليومي، بلدة بالقاسم وحسين المزداوي وأحمد إبراهيم الفقيه وغيرهم مما عانقوا الوطن بوجدانها وإلهامها، وحدها في جنوب العاصمة المشغولة بهمها تقاوم زحف الصحراء والتوحش والتعصب الذي أصاب أجزاء ليبيا كلها وجعلها مسرحا للقتل والخطف والتعذيب. ماذا أقول له عن وطن طالما كان نرجسيا في قصائده، وهل سيكفي حبه للفكاهة والمرح لترويض كل الحزن الذي يلوح في عيون الليبيين، بعضه خيبة وبعضه ندم، وكثير منه غضب مكبوت من كل من سرقوا الفرح وحس الفكاهة والأمل من شعب خرج يوما إلى الميادين ليشعل فتيل الحلم فاشتعل فتيل بارود لم يتوقف حتى الآن .. كان صديقي وصديق الجميع بالقاسم المزداوي مزيجا رائعا من الورع الذي يكتب به قصيدته النثرية، ومن الحزن بعد فراق أم أبنائه الذي ما استطاع أن يتغلب على حسه الفكاهي ولا على رغبته في إضحاك من حوله رغم ما يثقل قلبه.

عليك ألف رحمة صديقي بالقاسم وكم يفتقدك الأصدقاء في وقت أصبح فيه الضحك نوعا من البكاء.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة