الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-03-10

12:30 مساءً

أهم اللأخبار

2025-03-10 12:30 مساءً

((عام مستعمل خير من عام جديد))

عبدالرحيم الجنجان

ديسمبر 2024 _ حكايــة حنيـــــن

الكاتب – عبدالرحيم الجنجان

لست مشتاقا للاحتفال بالعام الجديد 2025 .. بل أحنّ إلى عام قديم عشناه يحمل في طياته ذكريات عميقة من زمن السبعينيات في منطقتنا الجميلة ( اخريبيش )  ومسكننا في شارع (بالة) القريب من مدرسة توريللي (النهضة) المقابلة للبحر …..

أسترجع تلك الأيام التي كانت فيها خلوة الزاوية (العيساوية ) تنبض بالحياة .. كنا نذهب إلى (سيدي فرج حمي )حيث كان يحضر لتلك الزاوية سادة فن الموشحات الأندلسية ( المالوف ) مثل (( خليفة بحر الزين . وسي عليويكا )) لإحياء فن النوبات (العيساوية والموشحات الأندلسية ) كانت الأجواء مفعمة بالروحانية وكنا نتسابق في رفع (قصاعي الطعام) لهم .. ونأمل أن يدعو لنا المجاذيب والدراويش والمشائخ بالنجاح وأن يعم بلادنا الخير .. وتفاؤلنا بتلك الزغروتة من تلك السيدة وهي تجوب سوق الجريد بداية من سينما الهايتي والاستقلال والوقوف أمام قهوة ( سي العاشق)  لتقول (كوشي يا ليبيا) ليبيا كوشت .. في تلك الأوقات ، كانت ختمة الزاوية ( العيساوية ) تجمع الناس من كل حدب وصوب ، حيث كنا نشعر ببركة الدعاء والذكر .. أذكر كيف كنا نتحمس لرؤية من سيحصل على أكبر نصيب من الشربات ، ذلك العصير الشهي الذي يعدونه في الزوايا فكنا نسقي به الأقارب والأحباب كعزيمة وكرم وبركة حيث كانت تلك اللحظات تمثل فرحة جماعية وتعزز روابطنا كعائلة بنغازية واحدة.

أما البحر وياللبحر أيام ( حيط الرقريق كما كنا نطلق عليه) وهو   ( الكورنيش حاليا ) لقد كان رفيقنا الدائم للأوقات التي نختلسها بعد خروجنا من مدرسة النهضة وأوقات هروبنا من الحصص خاصة في غياب أستاذ الرياضة .. كانت أيام السباحة فيه تمثل لحظات من السعادة الخالصة .. كنا نغمر أنفسنا في الأمواج .. ونستمتع بأشعة الشمس .. بينما نلعب ونضحك مع الأصدقاء ونذهب إلي ( احفيرة القبطان _ وبير الكلبة _ وبير الجمل _ وبير النملة_  وسالتوا العنابي ) هذه الأماكن كانت تجمع البحارة ( الرياس _ واعيال لبلاد)  حيث كنا نتبادل الضحكات والأحاديث وحتى (العرايك) ونستمتع بمناشطنا البسيطة.

أحن إلي عام قديم مستعمل .. لأعراسنا  تجمع كبار الأسرة ففي كانت الأجواء تعج بالفرح المغنيات الشعبيات للأعراس تعرفهم البيوت البنغازية ( مريانا وعيشة . بنت ابشير ) وغيرهما .. وعازف المزمار ( الشبعاري ) .. كانوا يحيون السهرات بأصواتهم العذبة .

في أذني دقة الغيطة القديمة التي كانت تضفي طابعًا خاصًا على الفرح ..  كانت تلك اللحظات تمثل ذروة السعادة والتواصل بين الناس .. حيث كنا نرقص ونغنى بحماس.. والفرحة حي نتقاسمها تتردد في كل زاوية من بيوت شوارعنا وأزقتها ….

ولكنها السنوات .. سرقت منا الطيبة والبساطة .. جلدت الناس بسوط الفتنة والتحليل والتحريم بعيدًا عن روح الرسالة وعظمة الدين .. فقدنا الثقة .. فقدنا الكثير من تلك الأجواء النقية حيث كانت القلوب تتماسك وتتعاضد والناس يعيشون في انسجام .. اليوم بينما أرى كيف تغيّرت الأمور أشتاق لتلك الأوقات النقية .. وعام قديم مستعمل ولو لم يكن أصلي ليجعل لنا من العام الجديد فرصة لإحياء الروح الطيبة ولنستعيد قيم التعاون والمودة .. فلنحتفل بذكريات الماضي ولنجعل من كل يوم فرصة لنعيش كما كانوا يعيشون .. قلوبنا مليئة بالمحبة .. وأرواحنا متآلفة كما كانت على ضفاف البحر في ( سيدي اخريبيش)  وأطلال مدرسة ( توريللي) وعبق ريح مخابئها الأرضية ( رفودجواتها ) القديمة .. ولنترك كلمات طيبة ترن في آذاننا :

“خلي قلبك علي قلب النبي

والوسيلة قراءة القرآن

لعل الله يستجيب ويعدل

للخير الأنفس والزمان “

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة