الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-03-09

11:19 مساءً

أهم اللأخبار

2025-03-09 11:19 مساءً

رجل واكب حديث المدينة في مدينته المفتوحة من خريبيش إلى العالم

سيرة الأديب - أحمد محمد العنيزي

سيرة الأديب / أحمد محمد العنيزي

كان يحدث في بنغازي .. شارع بوخمسين ــ حي اخريبيش وبعد أن ولد في 1929 م وكبر في الشارع وكانت ذاكرته تسجيلية يترجمها مشاهدات ويحفظها كتب طفولته وصباه وشبابه قصصا تروى واستقطع من يومياته مايمكن أن يذكره في سردياته فيؤرخ لحدث أو عبرة أو يؤتى حكمة أو يضرب مثلا واستشهادا بشيء ما كان يحدث في منطقة أو حي أو حارة أو مدينة فيتميز عن غيره هكذا كما حدث وسجله في قصة مشهد يتأمله ويتكرر يوميا أمام ناظري الشاب ابن اخريبيش أحمد العنيزي فقال في بعض ماسرد بوحدة موضوعية مع باقي  المشهدية عبر الحكاية :

كان شارع بوخمسين أحد شوارع المدينة القديمة الذي لم تصل إليه الكهرباء لأن شبكاتها كانت مقتصرة على إضاءة شوارع الحي الغربي، حيث تسكن العائلات الإيطالية وتوجد دوائر الحكومة والمؤسسات التجارية …

أما الأحياء الشعبية في شرق المدينة وشمالها فقد كانت تضاء بواسطة فنارات الكيروسين الموزعة على الشوارع بمعدل فنار واحد لكل شارع يثبت في جدار البيت الذي يتوسطه ويكلف أحد عمال البلدية بمهمة إضاءته في المساء وإطفائه في الصباح الباكر …

وكان سي فرج فضل هو المكلف بهذه المهمة في شارع بو خمسين باعتباره أحد سكانه ومن العاملين بالبلدية ، فكان يخرج من بيته كل مساء يحمل سلماً صغيراً على كتفه وبيده ( تناكة) مليئة بالكيروسين وفي جيب سترته بعض الخرق الخاصة بالتنظيف ، فيقوم بأسناد السلم على الجدار المثبت به الرف الحديدي الذي يحمل الفنار ثم يصعد عليه ، فينزل الفنار ويقوم بتعبئة الكيروسين ويمسح زجاجه ثم يفتح بابه ويوقد طرف الفتيرة بعود ثقاب ، وبعد هذه العملية يقوم بإغلاق بابه وإعادته إلى مكانه تاركاً إياه مضيئاً ، ولا يعود إليه إلا مع انبلاج أضواء الصباح يقوم بإطفائه بعد الاستغناء عن ضوئه الشاحب  ….

فلنعرفه عن كثب عبر سيرته المضمخة بعطر القديم الحاني وألوان الجديد الزاهية ثم أرج الآني غير البعيد الذي عاشه حتى دخول الألفية الثانية فيصدق قولنا عنه المخضرم القاص والكاتب أحمد محمد العنيزي المولود في سي خريبيش كما ينطق شعبيا ابن التوريلي وحي المنارة وسوق الجريد وسوق الظلام وبحر الصابري في بنغازي عام 1929 مناطق شكلت بهيئتها وسحرها ذائقة المبدعين الليبيين والمؤثرين المهمين والرواد أمثال العنيزي في المدينة بل في الوطن قاطبة …

تعلم القراءة والكتابة وحفظ ما تيسر من القران الكريم في جامع الزاوية بالمدينة في منطقته اخريبيش .. كان عمره عشرة أعوام حينما التحق بالمدرسة كبداية تعليمية والأقرب للمنطقة التي يعيش فيها وأسرته هي مدرسة الأمير الابتدائية (وسميت المجاهد بعد خروج المستعمر وقواعده من البلاد تيمنا بأيام الجهاد ومجاهدينا الأشاوس ) فلم يكن من اللائق أن تظل المدرسة وبموافقة كل أهل بنغازي باسم الأمير الذي أطلق عليها تفخيما لولي عهد إيطاليا إبان احتلالهم البلاد العنيزي الذي التحق بالمدرسة الايطالية العربية ودرس فيها حتى قيام الحرب العالمية الثانية وانقطاع الدراسة بها نهائيا مع تعلمه اللغة العربية تعلم اللغة الانجليزية في الفصول المسائية التي نظمتها رابطة الشباب الليبي في الأربعينات من القرن الماضي .

طفل عايش الاستعمار في بلد مواردها بسيطة فلم يكن الذهب الأسود قد اكتشف بعد فيها إذن ضمنيا سنعرف أن أحمد العنيزي عاش طفولة صعبة وصباه تحت وطأة ظروف اجتماعية أكثر صعوبة اضطرته للعمل ليكون مسؤلاً عن أسرته التي توفي عنها المعيل الأب وتحت كنفه الوالدة وأربعة من الإخوة والأخوات ..

أعزائي القراء دائما ماتتفتق ذهنية مبدعة ويكتشف ملامحها فتكون آتية من شظف عيش صاحبها ومعاناته الحياتية فهذا القاص الكبير رحمه الله تنقل في عمره الغض من موقع عملي لآخر عامل باليومية هنا وهناك حتى في رصف الطرق وتنظيف ورش النجارة وحمال في الميناء كما في المطار مهن صعبة لكنها أدخلت عليه ما أحل الله من رزق ضعيف قوت يومه وأسرته لتمكنه من إتقان شيء ثابت في المستقبل وحيث عمل بالنهار بطوله لم يتوقف عن الدراسة فكان جهادا بدنيا وفكريا لم يستصعبه تحكي سنوات عمره كيف بدأ وإلى أين وصل به الحال لأنه اتبع درب العلم والقرش الحلال .

في العام 1946 م عمل العنيزي خطاطا في مجمع الأشغال العامة أي بورش تابعة لإدارة الأشغال العامة برأس اعبيده .. حيث كانت تعرف (بـ / الجينو ) في عهد الإدارة العسكرية البريطانية لتأهيل الأفراد والاستفادة منهم في حرف مختلفة كالطلاء _ وترميم العربات ( السمكرة ) _ الميكانيكا _ النجارة _ اللحام ـ الكهرباء ـ والخراطة وكان مقرها منطقة راس اعبيدة .

ومع هذه النقلة من مهن فردية متعبة إلى تعلم حرفة ثابتة كان معلمه الأستاذ محمد الربيعي حريص على إتقان العنيزي اللغة الإنجليزية لتلمسه ذكاء وسرعة بديهة واستمر 6 أشهر يتعلم كان هذا في العام 1950 م وتمكن بعدها التحدث بطلاقة لغة أخرى مع كتابتها حد أنه كان يترجم بعض القصص العالمية وينقلها إلى العربية . مثابرته وكده لم يتوقفا .. أحمد العنيزي كانت لديه الفرصة لينخرط في المدرسة الليلية لعامين كاملين وأستاذه محمد التونسي أحد من قاموا بتدريسه وتشجيعه ليستمر إبداعا ودراسة وترجمة مع العمل .

في مجموعته المدينة المفتوحة قصة بعنوان ( الجيران ) نقرؤها معكم هنا ونحن نتعرف على العنيزي عبر سيرته الضخمة المهمة :

(( تفاقمت الحرب التي ظلت تزداد مع مرور كل يوم خطورة ، وتوالت على المدينة أسراب الطائرات المتحاربة التي كانت تدك أرضها وتتقاتل في سمائها … وكانت أولى نتائج هذه الأحداث اختفاء الخبز من الأسواق ، الأمر الذي أدى إلى إشاعة التذمر بين المواطنين والمقيمين عندما شعروا بهذه المشكلة الخطيرة ، كانوا قد تعودوا منذ بداية الحرب على تقنين مواد التموين التي كانت تصرف بالبطاقات

بمقادير قليلة لكل فرد تكاد لا تسد حاجته اليومية والتي أصبح الحصول عليها يزداد صعوبة مع مرور الأيام لعدم توفرها بانتظام في مراكز التوزيع .. وكانت هذه أول أزمة تتعرض لها المدينة وتكشف عن عجز السلطان الإيطالية عن الإيفاء بمطالب السكان الضرورية الذين تحملوا نقص بعض المواد الأخرى ، ولا يمكنهم تحمل فقدان الخبز ذلك الغذاء اليومي الذي لا يمكن لأحد الاستغناء عنه … ))

الدعم النفسي المعنوي دافع مهم للاستمرار وهذا ما لاقاه في دربه لكياسته وحسن خلقه وتربيته الرفيعة أحمد العنيزي فكان مؤسسا لركن العمال عبر صيحفة الزمان وأدرج فيها من المقالات المهمة حول قضايا العمال ومشاكلهم وصعوبة العمل مع قلة أجورهم .. في العام 1954 م واستمر يكافح بقلمه الجور ضد العمال لسنوات متواصلة حتى صدر أمر بإيقافه في العام  من قبل سلطات مسؤولة بولاية برقة .. قبل هذا بعامين أو ثلاثة حيث يعيش المعاناة اليومية الذاتية والعامة لمن حوله وفي عام 1953 نشرت أول قصة له بعنوان (الشمعة الذائبة) في صحيفة طرابلس الغرب فسارت حياته في أكثر من خط متوازي وليس كما هو متداول حياتيا ولفظيا ( في خطين متوازيين ) فهو الدارس والموظف والمهني والمبدع والمكافح بالكلمة

فأول مقالة كتبها في مجلة فن المصرية ، ثم بدأ بكتابة القصة القصيرة تباعا بعد ما نشرت له قصته الأولى .. فعلاقة العنيزي بالثقافة وهمومها وآدابها وأدبائها .. بدأت في سن مبكرة  بالأدب من خلال إطلاعه المكثف على الصحف والمجلات والكتب التي كان يقتنيها من مكتبة بوقعيقيص في ميدان (الحدادة)، وكان يطالع المجلات الأدبية جلها التي كانت تصدر ذلك الحين مثل مجلة الآداب التي كان يرأس تحريرها سهيل ادريس، وكان أحمد العنيزي في عام 1955 يبعث بقيمة اشتراكاته إلى هذه المجلة فتصله أعدادها بانتظام .

.. لم أذكر لكم أنه وظف في العام 1956 في محكمة الاستئناف لولاية برقة وظل فيها ثلاث سنوات حتى انتقل للعمل بوظيفة مختلفة في الجامعة الليبية من العام 1959 إلى 1973 أي مايقارب عن أربعة عشر عاما وقبل أن ينهي العام الرابع عشر إنتقل في وظيفة أخرى بأمانة التعليم ليستمر موظفا هناك لمدة 16 عاما متواصلة أي إلى 1986 م مع استمرارية  اطلاعه ونهله الثقافة من معينها تارة من كتاب وأدباء يجالسهم ومتعلمين فاكتسب ثقافة واسعة وامتلك أدوات الكتابة إضافة إلى موهبته التي اتضحت مبكرا لكل من واكبه وعاشره وسار معه درب العلم والتعلم والثقافة ونهل المعارف .. فقد ارتبط أحمد العنيزي بعلاقات صداقة ومودة مع الكثيرين من أبناء جيله وخاصة من الطبقة المثقفة.. وكانت له مراسلات مع القاص كامل المقهور والشاعر علي الرقيعي.. حيث كان الإثنان يبعثان إليه بالرسائل من مدينة طرابلس. وفي عام 1968 سافر برفقة القاص كامل المقهور والكاتب الصادق النيهوم والقاص بشير الهاشمي إلى تونس لحضور ملتقى القصاصين المغاربة الذي حضره العديد من كتاب القصة القصيرة من تونس والجزائر والمغرب.. وفي ذات العام حضر الملتقى الأول للكتاب والأدباء الليبيين الذي عقد في طرابلس 11 / 9 / 1968 م هذا العام الذي توقف فيه عن الكتابة كما أوقف نشر أي من أعماله مقالية وقصصية .

جانبان مهمان صقلا موهبة العنيزي ثقافة الكتب والاطلاع وصحبة المثقفين كما هذا الجهاز المسموع وعنه بعض البرامج الدسمة المهمة التي واكبها عبر إذاعة لندن متابعا جيدا لأخبار العالم وأخبار الوطن العربي بصفة خاصة.. حيث إذاعة لندن كانت تسوق الخبر وتحلله سياسيا فراسل العنيزي برنامج بين السائل والمجيب .. متابعا أخبار المد القومي العربي معجبا بأفكار الزعيم عبد الناصر .. شاعرا بهزيمة وانهيار لطموحه ذاك بعد نكسة 1967 .. كما إطلع أحمد العنيزي على الروايات العالمية لأبرز الكتاب العالميين مثل هيمنجواي وجيمس جويس وسومرست موم وتشيخوف وجان دي موباسان، وقرأ للعديد من الكتاب العرب مثل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ومحمود عبدالحليم عبدالله وسعد مكاوي وعبدالحميد جودة السحار … واستمر ينشر نتاجه الأدبي بين القصة القصيرة والمقالة .. فهو من رواد القصة الليبية القصيرة الذين أحدثوا نقلة فيها حسب معطيات ذلك الوقت الذي ساد فيه مذهب الواقعية .

# مقتطع من قصة المقبرة للقاص أحمد العنيزي سردا واقعيا لحياة عاشها الناس وتعايشها هو وحينما نقلها لنا إبداعا تصورت في عيوننا مشاهد مصورة عبر كتابته الممتعة :

(( وفي أيام الربيع حيث كانت المقبرة تكتسي حلة خضراء سندسية من النبتات البرية المختلفة وتتوسطها أزهار عباد الشمس بلونها الأصفر الفاقع..كنا نحتفل بالربيع على عادتنا فتعد لنا العمة آمنة جارتنا خيوط الربيع وهي خيوط من الصوف الملون كان تقوم بفتلها وتضع لكل منا خيطاً في رقبته على هيئة عقد بعد أن توصينا بأن لا نصطاد طيور (إمبسيسي) لأنها من طيور الجنة وصيدها حرام وأن من يصطادها يدخل النار..ثم تعد لنا امهاتنا بيضاً مسلوقاً يصبغنه بألوان حمراء وخضراء وإذا لم يجدن ثمن الصباغ كن يطبخن معه قشور البصل الحويل فيصبح لون البض قاتماً , وعند ذلك نذهب إلى المقبرة حيث نجلس على الدكة أمام ضؤيح سيدي غازي ةنتبارى في نقر البيض ببعضه ومن تنكسر بيضته يتنازل لصاحب البيضة الصلبة , ثم يتوسط الحاضرون بين المتبارين ويرجعون البضة المهشمة إلى صاحبها ويأكل كل واحد بيضته ثم ننطلق وراء أسراب الفراشات الملونة, وصدى ضحكاتنا يدوي أعماق المقبرة الساكنة )).

_ نشر الأديب أحمد العنيزي نتاجه في كل من : صحيفة طرابلس الغرب ــ صحيفة برقة الجديدة ــ صحيفة الزمان ــ صحيفة العمل ــ صحيفة الرقيب ــ مجلة إذاعة طرابلس الغرب ــ مجلة الضياء ــ مجلة النور ــ مجلة الرواد. بإتقان الأديب أحمد العنيزياللغتين الإيطالية والإنجليزية نقل للمكتبة الليبية والعربية بعض القصص العالمية من الإيطالية والإنجليزية إلى اللغة العربية.. نشرالبعض منها في مجلة الثقافة العربية حصيلة ما نشر ثماني عشر قصة قصيرة إلى جانب بعض المقالات في كل من الصحف والمجلات _ في عام 2005 صدرت له أول مجموعة قصصية بعنوان (حديث المدينة) بعد أن تم جمع إنتاجه القصصي من الصحف والمجلات الصادرة في الخمسينيات من القرن الماضي .. إضافة إلى القصص الأخرى التي كتبها ولم ينشرها فصدرت عام 2008 كمجموعة أخرى بعنوان (المدينة المفتوحة) اشتملت على 23 قصة قصيرة وقعت في 312 صفحة لا يملها القارئ لسرديته السلسة وجاءت في كتاب أنيق من إصدارات مجلس الثقافة العام .. صدرت له مجموعتان من القصص القصيرة (حديث المدينة) (المدينة المفتوحة)

# لم يقتصر على العمل والترجمة والنشر فحسب بل اتسمت حياته بالحيوية والنشاط مثريا وعابرا تاركا أبرز الأثر في أبنائه وبلده فكان من بين أبنائه بين أدباء الحاضر والآني القاص والناقد الكبير محمد أحمد العنيزي ومن النشاطات  الثقافية والمجتمعية التي عرف بريادته فيها  :

– أنخرط في الحركة العمالية سنة 1950ف وأسس مع زملائه في مجمع الإشغال نقابة النجارين والزواقين التي أصبح أمينا لها في عام 1952ف .

– أسس ركن العمال في صحيفة الزمان سنة 1954ف ، الذي لم يلبث أن أوقفته حكومة الولاية آنذاك ، ثم ترك الحركة العمالية بسبب توجهه إلى العمل الوظيفي .

_ قام بترجمة بعض القصص القصيرة عن اللغتين الإيطالية والإنجليزية ولم ينشر منها إلا واحدة في مجلة – هنا طرابلس الغرب _ سنة 1957ف

_ اشترك في لجنة التحكيم لمسابقة القصة القصيرة التي نظمتها جريدة الرقيب سنة 1961ف .

_ شارك في المؤتمر الأول للأدباء والكتاب الليبية سنة 1968ف

_ شارك في ملتقى القصاصين المغاربة سنة 1968ف فى تونس .

في يوم السبت بتاريخ 11/ 10 / 2009 أقيمت للراحل الرائد القصصي أحمد محمد العنيزي تأبينية كبيرة احتضنها مركز الصابري الثقافي الذي كان منارة ثقافية مهمة قدمها بلباقة الشاعر أحمد العبيدي معرجا في كل وقفة على سيرة من حضر الأمسية التأبينية للراحل من نجوم القصة القصيرة على مستوى البلد بين جيلين فكانت بالفعل أمسية تاريخية  بوجود ” القاص رجب الشلطامي رحمه الله  ” رمضان بوخيط  رحمه الله , محمد المسلاتي متعه الله بالصحة والعافية , فريحه المريمي , عبدالقادر الدرسي , حسام الثني , وابن الفقيد القاص محمد العنيزي . في ختام سردنا لسيرته الذاتية أردت أن أقتطف بعض ماقاله زملاؤه وأحبته :

_ الأستاذ أحمد موسى الفضيل كان حاضرا وشقيقه تقديرا للأديب الراحل واحتراما لصلة ربطته بوالدهما فأطلق العنان هو الآخر لقريحته في حفل التأبين وهو ابن المجاهد الفضيل بوعمر بادئا بتحية لروح المرحوم الذي كان على علاقة بوالده موسى الفضيل بوعمر تغمده الله بواسع رحمته وطيلة سنوات تعارفنا على الفقيد الدمث في الأخلاق ذو العطاء الغير محدود دون انتظار لعائد فلم يكن لي علم بأن لديه أنتاج أدبي كبير وعظيم بهذا الشكل في فترة البيات الشتوي التي تنتاب بعض أدبائنا من حين لأخر ، عرفناه أنسانا رائعا متميزا أتمنى نشر أعماله كاملة بأعتباره حلقة وصل فكرية لليبيا عامة وبنغازي خاصة ، تغمده الله بواسع رحمته وجعل من الجيل الجديد خير خلف لخير سلف .

_ جاءت شهادة القاص  ” محمد المسلاتي ” في حق الراحل صادقة مركزة إذ قال في الحضور : هذه الأحتفاليات التأبينية لكتاب ورواد ومؤسسي المجالات الأدبية والثقافية إنما هو ترسيخ لذاكرة هذه المدينة  ” أحمد محمد العنيزي ” يعتبر من جيل الرواد الذين أسهموا في أنتاج القصة القصيرة ، وإذ ولد الأديب الراحل عام 1929ف فالفترة الزمنية بين صدور أول مجموعة ونشره لأول قصة يتجاوز 50 سنة وهناك من أبداعاته حالت دون وصول النقاد لها لظروفه الصحية والإصداران [ المدينة المفتوحة – وحديث المدينة ] تضمنتا قصص قصيرة في الريادة وأحقيتة التأسيس للأدب القصصي في ليبيا ، فهو من رواد القصة القصيرة الذين هُضم حقهم في الدراسة النقدية ” .

_ وفي حقه ابانت كلمة الأديب جابر نور سلطان كم كان العنيزي يتسم برقة القلب مع دماثة خلقه الرفيع .. فكانت الشهادة الثالثة في حق الفقيد العنيزي موضحة لجانب فكري أدبي وإنساني إذ قال سلطان :

” أود أن أشير إلى شأن جميل يتعلق بهذه الأحتفالية كونها نهضت على أكتاف شباب تبنوا فكرة حفل التأبين وأعرف الكثير مما عانوه في سبيل هذا التأبين ليليق بالراحل الكبير ، لاأدعي معرفتي العميقة بالأديب الراحل لكنني أزعم أنني أعرفه معرفة عميقة من خلال علاقة أستمرت 7 سنوات توثقت من خلال ” محمدالعنيزي ” الذي عرفني على أبيه وتوثقت علاقة جميلة ليزورني كل أسبوع بمكتبي بمجلة الثقافة العربية علاقتي بالراحل منحتني عدة مٌكرمات فقد شَرُفت بإجراء أول حوار صحفي معه بعد أنقطاعه عن الوسط ونُشر في الثقافة العربية 2003 ف _ كما أقترحت عليه نشر إبداعاته بمجلس الثقافة العام ووافق فأشرفت عليها خطوة بخطوة حتى رأت النور مجموعته ” المدينة المفتوحة ” _ وأعتبرها وسام على صدري حين فوجئت بزيارته مكتبي قبل رحيله بأسابيع صحبة أبنه ” محمد ” فكانت مفاجأة لي إلا أنه تحامل ليقدم لي مجموعته القصصية ممهورة بتوقيعه ليهديني إياها ، فلم أتمالك حينها نفسي فقبلت يديه وجبينه ..رحم الله الأديب الراحل .

_ أخر الشهادات الوفائية للفقيد كانت مع صحبته الخيرة التى ناب عنهم ” المحامي سليمان الفيتوري ” بعد أعتذاره تقدم بتحية للحاضرين وأستطرد الرحلة الحياتية لرفيقه والفراغ الذي تركه في هذا المجتمع ، فالراحل يستحق هذا التأبين ، والأديب في مرحلة غياب المجتمع المدني كان له نصيب من الريادة التأسيسية للقصة القصيرة ، تغمده الله برحمته الواسعه ويعوضنا الله فيه خيراً ” ..

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة