الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-03-10

12:51 صباحًا

أهم اللأخبار

2025-03-10 12:51 صباحًا

إهمالنا الخط العربي أنتج فوضى بصرية ..

إبراهيم المصراتي

إبراهيم المصراتي

رئيس نقابة الخطاطين في ليبيا خط الدفاع الأول على الخط العربي كيف لا وهو ممن خطوا المصحف بأيديهم المباركة باهتمام بالغ .. رحم الله شيخ الخطاطين السيد الفاضل / إبراهيم محمد المصراتي المولود بطرابلس عام 1958 م والمتحصل على دبلوم ( ابن مقلة ) للخط العربي عام 1981 م .. قال حين سُئل عن تعلقه بالخط العربي وإتقانه إياه قبل بدء دراسته المعمقة له :

” شغفي بالخط لازمني منذ الطفولة ، أتصفح الكتب والمجلات وأتمعن في أشكال وخطوط عناوينها ، كذلك مانشيتات الصحف كالفجر الجديد والميزان والمنتجون ، التي شهدت صفحات بعضها إبداعات الخطاطين المصريين ، الذين استفدت من خبراتهم مثل المرحوم محمد حمام ومحمد إبراهيم فهؤلاء الأفاضل وغيرهم تواجدوا زمن المملكة واستمروا إلى ما بعدها .. وبعد تحصلي على الشهادة الإعدادية درست بمعهد ابن مقلة للخط العربي لمدة أربع سنوات، تحصلت بعدها على الدبلوم في الخط العربي 1981م وشرفت بالتعلم على يد أساتذة كبار في هذا الفن كالشيخ أبوبكر ساسي .. ومن مصر إضافة إلى الأسماء التي ذكرتها الخطاط محمود سلامة وأبوالعلاء بسيوني ، ومن تركيا ياشار ونيازي الذي تعلمت على يديه فن التذهيب، وهو من قام بزخرفة مصحف الجماهيرية.”

نعم كان الفنانون الذين يزينون الصفحات المكتوبة بالذهب هم أرفع الفنانين قدراً وأعظمهم شأناً  لذا اهتمامه بفن التذهيب لم يأت دون أسباب بل لأن التذهيب في اللغة بمعنى طلاء الشيء بالذهب وفي لسان العرب الإذهاب والتذهيب واحد وهو التمويه بالذهب وفي الحضارة الإسلامية بوجه عام ارتبط بفن الكتابة والخط العربي الجميل .. عمل مندوبا لمجلة حروف العربية / ليبيا .. وعضوا عاملا  بالجمعية المصرية العامة للخط العربي ، و رئيس النقابة العامة للخطاطين الليبيين وعين في عام 2014 رئيس الاتحاد العالمي للخط العربي والزخرفة الاسلامية ، فرع ليبيا .. هذه المميزات وغيرها مما أتقن فكان حري به أن يكون الشيخ المصراتي الذي  أجاز العديد ممن تتلمذوا عليه في فن الخط العربي .. فقد عين معلما لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية مستمرا لأربعين سنة متواصلة وفي ذات الوقت اشتغل كخطاط في الصحف الليبية بادءا بالصفحات الداخلية ثم أسندت له مهمة المانشيتات في الصفحات الأولى وكان يستخدم فيها خط الرقعة الصحفي مفضله عن غيره من الخطوط ويقول عنه ” خط الرقعة الصحفي  يشد شريحة واسعة من القراء الذين تجذبهم جمالياته وطريقة كتابته في صدر المطبوعة، وقد تجاورت خطوطي في هذا الميدان مع تجارب أخرى سبقتني من الخطاطين الليبيين منهم الأساتذة محفوظ البوعيشي وعبدالرزاق حريز وحسن جرادة” .

رجل كماه لم ينس فضل الآخرين عليه من تتلمذ عليهم أو عمل معهم فمنحوه من خبرتهم وظل يذكر كل من أخذ عنه شيئا في هذا الفن الذي شغف به فأتقنه وعلمه .. شارك الفنان الخطاط إبراهيم المصراتي في عديد التظاهرات محلية وعربية وعالمية في مجال فن الخط العربي مؤكدا أن هذه المشاركات صقل للفنان وتوسيع لدائرة معارفه ومعرفته في آن ، ويكفيه في كل ما عمل وشارك وخط طوال حياته العملية صحفية أو فنية في محله كخطاط ومشاركات المعارض هنا وهناك أنه (( خطّ وكتب المصحف الشريف لصالح مؤسسة الشيخ عبدالسلام الأسمر بمدينة زليتن )) وتحصل على ثلاث إجازات للخط العربي من مصر، وهو يستعد لنيل إجازة أخرى من تركيا.

شارك ونظم الكثير من المعارض محليا ودوليا اخرها معرض ربيع الحروف بدار الفنون _ طرابلس 2013 و ملتقى طرابلس لفن الخط العربي بدار الفقيه حسن ، طرابلس 2013 . شارك في محافل دولية عدة في الشارقة بالإمارات العربية وسوريا ومصر والجزائر و الملتقى الملك فهد لاشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم _ السعودية

ساهم في كتابة مصحف الشام: كتب الجزء (27) من مصحف الشام بالرسم العثماني، برواية حفص ( اكبر مصحف في العالم ) وذلك عام 2008 بمناسبة دمشق عاصمة الثقافة العربية . كتب الكثير من المساجد . كرم من العديد من المؤسسات محليا ودوليا

حصل الخطاط إبراهيم المصراتي على درع وشهادة تكريم بملتقى الكويت الدولي السادس للفنون الإسلامية الذي أقيم بالمسجد الكبير خلال الفترة 29 ديسمبر إلى 9 يناير 2014.. فشارك “المصراتي” بلوحتين، الأولى بخط الثلث المحقق، كتب فيها “بسم الله ما شاء الله”، أما الثانية فكانت بالخط المغاربي ومكتوب فيها أبيات شعرية لابن الجهم.

شعر دائما أثناء عملية التدريس الأكاديمي بضرورة وضع خط فاصل بين الحالتين التعليمية والفنية لقوله ذات لقاء معه وسؤاله عن الاختلاف .. إنه مطالب بجودة الحرف وإتقانه وتدريسه بالطريقة الأكاديمية الصحيحة والحفاظ على قواعده من التشويه ، منعه هذا من  الاتجاه للشكل الحروفي الذي تتكسر فيه تلك الأسس ، مؤكدا إمكانية تطويع الحرف بطريقة«الكرلمة»بمعنى وضع الحرف العربي في قالب فني جمالي دون أن يفقد قواعده وكان هذا همه أن تظل الأسس التي تتلمذ عليها كما هي ويعلمها لطلابه بينما من يريد مزيد من الإبداعات متروك له المجال الفني في غير موقع عملي ومن عباراته المحفوظة لأهميتها قوله :

” التجديد كضامن للتواصل يكون بمرونة عالية تمكن الفنان من التماس بصمته الخطية الخاصة إضافة إلى تمسكه بالنسق الأصلي للكتابة.”

شارك الخطاط الليبي إبراهيم المصراتي في فعاليات ملتقى المؤانسة الدولي للخط العربي ، الذي تحتضنه مدينة جرجيس التونسية حيث وجهت اللجنة المنظمة للملتقى دعوة إلى المصراتي للمشاركة في الدورة الرابعة المقامة خلال الفترة من 29 أبريل إلى 3 مايو .. وفيها أكد من جديد أن إهمالنا الخط العربي أنتج فوضى بصرية كما أوضح في حضوره ومع مشاركته بأعماله الفنية : 

” الكثير يقعون في مغالطة بتسمية ما هو موجود على جهاز الحاسوب بالخطوط، لأن الإنسان هو الخطاط وصاحب الذوق والإحساس، هذه العناصر الجمالية ستكون مبثوثة في تلك التحبيرة، فيما يظل الحاسوب مجرد عامل وظيفي، على سبيل المثال عندما كتبت «الليبية» شعارا للخطوط ، تطلب الأمر المرور بمراحل عديدة، وهي الكتابة على ورق مقوى بخط الثلث وغيرها من الإضافات الفنية لإخراجه في الصورة المطلوبة والتي بالتأكيد لن تكون متوافرة في الجهاز الذي تقتصر مهمته هنا على تصغير أو تكبير الكلمة، إضافة إلى أن الحرف الحاسوبي خال من الروح، فيما تجد العكس بخط اليد إذ ستصبح الجملة أشبه بكائن حي لها وقعها الروحي والجمالي.”

دائما ومنذ إتقانه فنه وشغفه وولعه بالخط العربي برز في مجاله وكما أعطاه من وقته وعمره أغدق عليه عمله الفني وحفاظه على اللغة الهوية والخط الهوية .. حين تحدث عن فنيات الإنسان المتقن للخط العربي وتراكيبه وطريقة تحويراته للحروف عرج في حديث له على أدائه الذي لايمكن أن يقوم به جهاز حاسوب مهما تطورت فنونه كما فعل مثلا مع كلمة (( الليبية )) التي خطها لتكون متميزة بفنيات الخط العربي على طائرات الخطوط الجوية الليبية .. وكانت له مساهمات فعالة ومؤثرة داخل ليبيا وخارجها كمشاركته في ملتقى المؤانسة الدولي للخط العربي بتونس .. وترحاله بلوحاته في الخط بعبارات قوية من شعر وآيات قرآنية وكلمات معبرة تنموية هادفة في الكويت والإمارات العربية والمغرب ومصر كما في وطنه الذي مابخل عليه بفنونه وأعماله الجليلة الأخرى .. تلك أهلته ليتحصّل على عديد التكريمات والجوائز من المؤسسات المحلية والدولية، تثمينًا لجهوده المخلصة في فن الخط العربي .. ولكونه ضمن من كانوا في خط الدفاع الأول عن الخط العربي باعتراف كثر ممن جايلوه وعرفوه وتتلمذوا عنه فيقول الكاتب الصحفي بشير زعبيه في نعيه للفنان الشيخ إبراهيم محمد المصراتي :

«بكل الأسى نتحسر على رحيل الخطاط الليبي المبدع، إبراهيم المصراتي الذي نفقده اليوم وهو في أوج عطائه، ودفاعه بهذا العطاء عن فن الخط العربي الذي طالته تهديدات التطور الإلكتروني وتقنيات الذكاء الصناعي، التي جعلتنا نفتقد تلك التوقيعات والسمات الجميلة لخطاطينا ممهورة تحت (مانشيتات) الجرائد والمجلات .. لذا حرصت عند إصدار جريدة المسار التي كُلِّفت بتأسيسها ورئاسة تحريرها من قبل هيئة دعم وتشجيع الصحافة العام 2011 أن تكون ترويسة العنوان بخط اليد، وتحديدًا يد الخطاط الراحل إبراهيم المصراتي، ولأنه عاشق خط الثلث فقد كتبها بهذا النوع الجميل من الخط العربي.. ألف رحمة على روحه ، وأحر العزاء لعائلته، وأصدقائه، وزملائه كافة».

بتاريخ 22 / يناير / 2025 عن عمر ناهز 66 عاما في مدينته طرابلس توفي إلى رحمة الله الشيخ الفنان إبراهيم محمد المصراتي ونعاه الجميع مفجوعين فيه .. الصحافيون والتشكيليون الليبيون وأوساط ثقافية بوصفه ” الخطاط ونقيب خطاطي ليبيا كما تلاميذته وصفوه بالموجه والمرشد والأستاذ والأخ الحبيب .

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة