أكد رئيس الغرفة الوطنية للمصحات بوبكر زخامة، أن القطاع الصحي التونسي يؤمن للمرضى الليبيين نحو 1.5 مليون عيادة طبية سنوياً
وأفاد أن نحو 70% من المرضى الأجانب الذين يتلقون علاجاً في تونس هم من المرضى الليبيين، وهو ما يقتضي معالجة الإشكاليات القائمة بين البلدين من أجل تحسين علاج المرضى.
الديون المتراكمة
وأوضح بوبكر زخامة أن أبرز الإشكاليات هي ديون المصحات التونسية لدى ليبيا، والتي تزيد على 350 مليون دينار، وتعذر الحصول عليها منذ عام 2013، رغم تشكيل لجنة تدقيق في الديون عام 2018، وأنهت عملها عام 2023 من دون تسوية الديون.
واعتبر زخامة أن تسوية ملف الديون العالقة سيدعم التعاون الصحي بين البلدين، وينمي قدرة القطاع الخاص التونسي على توفير خدمات صحية بجودة عالية، مشيرا في ذات السياق، إلى أن غالبية المرضى الليبيين يتحملون الكلفة الكاملة للعلاج في المصحات الخاصة، كذلك تقبل المصحات التونسية ملفات التكفل بالمرضى الذين يحصلون على تأمين صحي شامل من المؤسسات التي يعملون فيها، والتي تتولى لاحقاً تسديد فواتير المصحات.
تذليل صعوبات العلاج
في هذا الصدد، بحث وزير الصحة مصطفى الفرجاني، مع وفد ليبي رفيع، ضم: رئيس جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية أحمد مليطان، والسفير الليبي في تونس، مصطفى قدارة، والمستشار الأول في السفارة الليبية هيثم الصويعي، تذليل صعوبات علاج الليبيين في تونس.
وأوضحت وزارة الصحة أن “المحادثات تناولت استحداث آليات للعلاج، والاستثمار الصحي المشترك، وتسوية ملفات عالقة، تتعلق بديون المؤسسات الصحية العامة والخاصة، بهدف تعزيز التعاون الصحي مع ليبيا، وكان الاتفاق على إطلاق منصة موحدة لمتابعة المرضى منذ وصولهم إلى تونس، وحتى انتهاء علاجهم، وأيضاً على إنشاء مكتب موحد لتسجيل المرضى في المصحات الخاصة، والمستشفيات؛ لضمان الشفافية والمراقبة المستمرة.
كما شملت الاتفاقات تعزيز الاستثمار المشترك في صناعات الدواء، عبر إنشاء مصانع مشتركة تحقق الأمن الصحي والدوائي، وتدعم تبادل الخبرات عبر استقدام أطباء متخصصين، وتوطين الخدمات الصحية المتقدمة، وتحسين النقل الصحي الجوي؛ لضمان سرعة علاج الحالات المستعجلة”.
خسائر مالية
وفي مايو 2023، حاولت تونس وليبيا تحسين علاج أطباء تونسيين للمرضى الليبيين في بلدهم، من خلال توقيع تعاون بين نقيب الأطباء الليبيين محمد الفوج، ورئيس المجلس التونسي لعمادة الأطباء رضا الضاوي، للسماح للأطباء الليبيين والتونسيين بالعمل رسمياً في بلد آخر، باعتباره أحد حلول أزمة الخدمات الصحية المتردية في ليبيا، ومشكلة عمل أطباء تونسيين في ليبيا.
ويؤكد أصحاب المصحات أنهم تكبدوا خسائر مالية كبيرة، بسبب عدم حصولهم على المستحقات، في ظل الأزمة الاقتصادية وفقدان الكثير من الأدوية من السوق، لذلك كانت مصحات تونسية قد أعلنت في وقت سابق عدم قبول أي مريض ليبي جديد في مصحاتها الصحية ومستشفياتها، بينما تهدد بإخراج المرضى الليبيين الموجودين في المصحات قبل نهاية الأسبوع القادم.
ولجأت المستشفيات التونسية إلى هذا الإجراء بعد أن تلكأ الدبيبة في تنفيذ وعده خلال زيارته الأخيرة إلى تونس، في ديسمبر 2022 الماضي، بسداد الديون المتراكمة على ليبيا للمصحات التونسية قبل نهاية العام الماضي.
الدبيبة يعد
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة قد وعد خلال زيارته إلى تونس في ديسمبر 2022، ولقائه برئيسة الحكومة آنذاك نجلاء بودن، بتسديد الديون المستحقة للمصحات.
وأوضح الدبيبة خلال اجتماع عقده مع الاتحاد العام للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بتونس، أن “ديون المصحات الخاصة تبلغ 85 مليون دولار، والطيران المدني 30 مليون دولار، والكهرباء نحو 85 مليون دولار، ستسدد بالكامل، إضافة لمنح طائرات الخطوط الجوية التونسية الإذن في تعبئة الوقود الليبي بالسعر المدعوم من الدولة، وذلك بحضور عدد من وزرائه، ورئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة الليبي، وعدد من رؤساء الأجهزة التنفيذية للمشروعات”.
وطالب الدبيبة، في ذلك الوقت وزارة الصحة في حكومته، ووزيرة الخارجية آن ذاك نجلاء المنقوش بتكليف السفارة الليبية لدى تونس بالتنسيق مع الغرفة التونسية للصناعة والتجارة؛ لحصر الديون الليبية الخاصة بالمصحات منذ عام 2011، ودعا الدبيبة إلى “جرد كل الديون، وإحالتها إلى الخارجية، ومنها إلى رئيس الحكومة”.
غير أن خرق التعهدات أثر بشكل سلبي على علاج مرضى ليبيين في المصحات التونسية، وحدث بعدها تجاوزات من بعض إدارات المصحات، حين قامت بإخراجهم وأوقفت علاجهم، ومنهم من يعانون من أمراض الأورام والقلب والجلطات.