تتجلى في تاجوراء صورة بهية من صور التكافل الإسلامي، حيث تمتد أيادي الخير في صورة مشروع تطوعي شعبي فريد، فيه الصدقات بالإطعام، حيث يجتمع أبناء المدينة لإعداد مئات الوجبات الرمضانية وتوزيعها قبل أذان المغرب على كل من حضر من القريب والبعيد، من أبناء المدينة وزوارها ومن أبناء المدن الليبية كافة.
وتعد هذه المكرمة سنوية تتكرر كل عام في تاجوراء، وفيها يتجسد مجتمع يتكافل في أصدق معاني الأخوة، فليس بين الحاضرين سؤال عن الأصل ولا عن الفصيل ولا عن الجهة ولا عن القبيلة، فالكل ضيوف الرحمن، والكل أهل لهذا الكرم، والكل موضع مائدة الرحمن، مائدة أبناء تاجوراء .
هذه العادة ليست مجرد درهم ودينار، بل لقمة في فم جائع، ووجبة في يد محتاج، وطبق طيب يُقدَّم إلى فقير أو عابر سبيل أو زائر غريب، فينال المُطعِم بركة الدعاء ورضا رب الأرض والسماء.
ثم إن لهذه الظاهرة الطيبة آثارًا اجتماعية عظيمة، فهي تذيب الفوارق بين الناس، وتزرع في القلوب المحبة، وتبعث في النفوس الإيثار، وتُشعر الناس أن في المجتمع من يهتم لأمرهم، ومن يفرح لفرحهم، ومن يتألم لألمهم، وهي تذكير للأغنياء بواجبهم تجاه الفقراء، وتذكير لأصحاب النعمة بفضلها وشكرها، وتذكير لكل مسلم ومسلمة أن البر والإحسان ليس شعارًا يرفع، بل عمل يُمارس، وواقع يُعاش.
