نظّمت الفنانة والمصورة الفرنسية المعاصرة آن ليز بروييه ورشة فنية في المعهد العالي لتقنيات الفنون بمدينة طرابلس، وذلك ضمن مشروع فوتوغرافي يستكشف البحر الأبيض المتوسط. وقد التقت خلال الورشة بعدد من طلبة الفنون الليبيين، مقدّمة لهم تجربة مميزة في مجالي الفنون التشكيلية والتصوير الفوتوغرافي المعاصر.
أتاحت الورشة للمشاركين فرصة فريدة للتعرف على المقاربة الفنية التي تعتمدها بروييه، والتي تمزج بين التصوير الفوتوغرافي والكتابة والتصميم الغرافيكي، في ما تطلق عليه “الأدب الفوتوغرافي” – وهو أسلوب إبداعي يجمع بين القراءة والبصر، ويستمد إلهامه من النصوص الأدبية ليعيد إنتاجها بصريًا من خلال الصورة.
وقد عبّرت السفارة الفرنسية والمعهد الفرنسي في ليبيا عن بالغ امتنانهما لإدارة المعهد والأساتذة والطلبة على حفاوة الاستقبال والمشاركة النشطة، كما وجّها شكرًا خاصًا إلى وزارة التعليم التقني والفني الليبية على دعمها لهذا الحدث الثقافي والفني.
ويُعد هذا النشاط نموذجًا حيًّا للتعاون الثقافي والتربوي بين فرنسا وليبيا، ودليلًا على أهمية تبادل الخبرات الفنية بين الشعوب.
من هي آن ليز بروييه؟
آن ليز بروييه (Anne-Lise Broyer) فنانة ومصورة فرنسية وُلدت عام 1975، وتُعرف بأسلوبها الذي يمزج بين التصوير الفوتوغرافي والرسم والكتابة. تعمل على استكشاف العلاقة بين الصورة والخيال والذاكرة والأدب، وتعتمد على تقنيات “الكتابة البصرية” لإنتاج ما يشبه “اليوميات الذهنية” التي تدمج بين اللقطات الفوتوغرافية والتأملات النصية.
تهتم بروييه بموضوعات الغياب، والعزلة، والتأمل الهادئ، وتستلهم أعمالها من الأدب الكلاسيكي والحديث، لا سيما من كتاب مثل مارسيل بروست، فرجينيا وولف، وراينر ماريا ريلكه.
لا تتعامل مع الصورة كوثيقة، بل كـ”حالة شعرية”، وتصف التصوير بأنه شكل من أشكال الكتابة أو “الرؤية الأدبية”. وهي تُعرف باستخدامها للكاميرا التناظرية والأبيض والأسود كخيار جمالي وفلسفي، حيث ترى أن كل صورة تلتقطها هي صدى لتجربة قرائية، وعدستها أداة لتوثيق الأثر لا الحدث.
مسيرتها الفنية
عرضت أعمال بروييه في العديد من المتاحف والمعارض الفنية المعاصرة، من أبرزها مركز جورج بومبيدو في باريس. وهي ممثلة من قبل غاليري La Galerie Particulière في باريس، وتُنشر أعمالها عبر دار Éditions Filigranes.
من أبرز مشاريعها الفنية:
Journal de l’œil (يومية العين)
L’autre rive de l’œil (الضفة الأخرى من العين)
Une femme allemande (امرأة ألمانية)
وتتميز أعمالها بنبرة شاعرية عميقة، وحساسية عالية تجاه التفاصيل غير المرئية، ما جعلها من أبرز الأسماء في فرنسا في مجال المزج بين الفن البصري والأدب.
على مدار أكثر من 25 عامًا، سعت آن ليز بروييه لإنجاز عمل فوتوغرافي يُمكن تلخيصه في تجربة أدبية بصرية، حيث تتقاطع القراءة مع ظهور الصورة، والكتابة مع التصوير. تعاونت في العديد من مشاريعها مع أسماء أدبية بارزة مثل:
بيير ميشون، برنارد نويل، كوليت فيلوس، يانيك هانيل، جوليان ميريو، جان لوك نانسي، سوزان دوبيلت، محمد بنيس، وغيرهم.
كما تتساءل في أعمالها عن التقاطع بين التصوير الفوتوغرافي بالفيلم والرسم بالجرافيت مباشرة على الطباعة، في بحث دائم عن حدود الصورة وتفاعلاتها الأدبية والفكرية.
فازت مؤخرًا بجائزة Niépce لعام 2024، وكانت أوّل فائزة بإقامة التصوير الفوتوغرافي في متحف الجيش (Hôtel national des Invalides) في باريس، وقد نشرت نحو خمسة عشر كتابًا مع دور النشر Filigranes، Verdier، وLoco.