تواصل مدينة الأصابعة، معاناتها من حرائق غامضة بدأت منذ أسابيع، مخلفة وراءها خسائر بشرية ومادية متزايدة، دون أن تتمكن التحقيقات الجارية من تحديد الأسباب الحقيقية لهذه الكارثة البيئية، على الرغم من استبعاد فرضية استخدام مواد سامة.
خسائر بشرية ومادية متزايدة
أعلنت بلدية الأصابعة أن عدد المنازل المتضررة جراء الحرائق قد ارتفع إلى 234 منزلا، من بينها 27 منزلا تعرضت للحريق في الفترة الأخيرة، بينها 3 منازل تعرضت للحرائق لأول مرة.
كما تم تسجيل 12 حالة اختناق، منها حالتان في صفوف عناصر هيئة السلامة الوطنية بالإضافة إلى تضرر خمس سيارات بفعل النيران، ما يشير إلى حجم الكارثة وأثرها الكبير على السكان.
زيارة تفقدية لمستشفى جندوبة
في إطار مواجهة التحديات الصحية التي خلفتها الحرائق المستمرة، قام المهندس عماد المقطوف، رئيس لجنة الأزمة وعميد بلدية الأصابعة، بزيارة تفقدية إلى مستشفى جندوبة القروي.
ورافقه في الزيارة المستشار القانوني وعضو لجنة الأزمة، وسام المحروق، حيث تمت متابعة الوضع الصحي الناجم عن الحرائق المستمرة، وركزت الزيارة على أهمية دعم المستشفى بالإمكانيات الضرورية.
وأكد المقطوف على ضرورة تفعيل التنسيق مع مستشفى الأصابعة العام لتقاسم عبء معالجة المصابين والمساهمة في معالجة الأضرار الصحية الناجمة عن الحرائق.
فرق الطوارئ المحلية والدولية في مواجهة الكارثة
تواصل فرق السلامة الوطنية، بالتعاون مع قسم السلامة بمطار الزنتان وفرقة الدعم والإسناد التابعة لهيئة السلامة الوطنية، جهودها لإخماد النيران المشتعلة.
في وقت يستمر فيه مكتب الإسعاف والطوارئ والهلال الأحمر فرع الأصابعة في تقديم الرعاية الطبية والإسعافات الأولية للمصابين في مواقع الحرائق.
ورغم تكثيف الجهود، لا يزال الموقف يستدعي تضافر المزيد من الإمكانيات لمواجهة الحرائق والسيطرة عليها.
تعويضات مجمدة وزيارة خبراء دوليين
في الوقت الذي تم فيه إصدار قرار رسمي بتخصيص مبلغ 70 مليون دينار كتعويضات للمتضررين من الحرائق، كشف عميد بلدية الأصابعة عن أن هذا المبلغ لا يزال مجمدا لدى وزارة الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية، وهو ما أثار موجة من الغضب في صفوف المواطنين المتضررين الذين يطالبون بتفعيل صرف التعويضات على وجه السرعة.
وفي خطوة لدعم التحقيقات في أسباب الحرائق، عقدت بلدية الأصابعة اجتماعا موسعا بمقر المركز الوطني لإدارة الأزمات والطوارئ، ضم فريقا بحثيا من لجنة الأزمة وعددا من الخبراء المحليين بالإضافة إلى فريق خبراء أوروبيين زاروا المدينة مؤخرا.
وقد تم تقديم عرض شامل تضمن خرائط جغرافية لحرائق الأصابعة، حيث أكدت التحقيقات أنها لا تزال جارية، مع التزام الخبراء بتقديم تقرير مفصل للبلدية.
فرضية علمية واهتمام دولي
على الصعيد العلمي، تبنى وزير التعليم العالي عمران القيب تفسيرا علميا للأحداث، حيث أوضح أن هزة أرضية بقوة 3.5 درجة على مقياس ريختر وقعت بالقرب من منطقة الرحيبات، تسببت في تشققات أرضية أدت إلى انبعاث غاز الميثان القابل للاشتعال، وهو ما رصد بكثافة عبر أجهزة قياس متطورة في الأصابعة.
وكانت دولة مالطا قد أرسلت أربعة من مسؤوليها للمساهمة بخبراتهم في تحديد أسباب الحرائق ووقاية العائلات المتضررة، مما يبرز التعاون الدولي في مواجهة الكارثة.
نداء لتطوير منظومة الطوارئ
وفي إطار استجابة السلطات المحلية لهذه الأزمة، دعا عميد البلدية إلى ضرورة تعزيز إمكانيات فرق الطوارئ المحلية وتأسيس مراكز استجابة سريعة تكون قادرة على مواجهة الأزمات والكوارث المستقبلية.
وأكد أن ما تمر به مدينة الأصابعة اليوم يجب أن يكون فرصة لإعادة هيكلة منظومة الطوارئ في البلاد على أسس علمية واستباقية.
دعوة للمواطنين للتحلي بالمسؤولية
كما دعت لجنة الأزمة ببلدية الأصابعة المواطنين إلى ضرورة الامتناع عن إشعال أو حرق بقايا الحرائق أمام المنازل، مشددة على أهمية استخدام المكبات المخصصة لذلك، مع التأكيد على ضرورة احترام خصوصية المتضررين وعدم التصوير خلال عمليات الإطفاء لتجنب التشويش على عمل الفرق المختصة.
أزمة متواصلة تحتاج إلى إرادة سياسية
وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل فرق الطوارئ والجهات المحلية والدولية، لا تزال مدينة الأصابعة تواجه تحديات كبيرة جراء الحرائق الغامضة التي طالت ممتلكات السكان.
وتظل الأسئلة حول أسباب الحرائق معلقة، في انتظار تقرير الخبراء الأوروبيين الذي قد يوضح الأمور.
في ظل هذا الوضع المعقد، يطالب المواطنون بتفعيل إجراءات تعويض المتضررين، ويشددون على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية للحد من المخاطر المستقبلية وتعزيز قدرة المؤسسات على مواجهة الكوارث.