الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-07-01

6:12 صباحًا

أهم اللأخبار

2025-07-01 6:12 صباحًا

(( مسرحية )) رحلة باطوس _ اللوحة الرابعة

(( مسرحية )) رحلة باطوس _ اللوحة الرابعة

محمد العنيزي

( مرفأ ايتانوس بجزيرة كريت..وتظهر في المشهد حانة بها مجموعة من الطاولات .. يتحلق حولها رواد الحانة .. فيما ينبعث صوت موسيقى يونانية وحديث دائر في الحانة

والنادل يتنقل بين الطاولات..بينما يجلس فيدون وهو أحد رجال باطوس إلى إحدى الطاولات مع صديق له من جزيرة كريت يدعى إيوفيموس..وفي خلفية المشهد يظهر البحر .. )

إيوفيموس :

يا للمصادفة السعيدة ..لقد سعدت برؤيتك أيها الصديق القديم فيدون..منذ عدة سنوات لم نلتق..هيه..حدثني..ماهي أخبارك ؟ ..وهل حققت كل طموحاتك التي كنت تحدثني

عنها ؟

أقسم أن لك وحشة يا صديقي..ياه..لقد سرق الزمن أعمارنا يا فيدون..

فيدون :

وأنا أيضا سعيد لرؤيتك يا إيوفيموس..

(ثم مازحا ) ماذا فعلت بك السنون ؟ 

لقد صرت عجوزا..وامتلأ وجهك بالتجاعيد يا صديقي..ولكن ..هل مازلت تبحر مع المراكب أم أنك كبرت وهجرت حياة البحر والصيادين ؟

إيوفيموس : (متحسرا )

آه يا صديقي العزيز..لقد تقدمت بي السن..ولم أعد أقوى على الإبحار..

(ثم وهو ينظر باتجاه البحر ويشير بيده ) ..لكنني لازلت أعشق هذا الإمتداد المائي   يا فيدون..وفي كل صباح أصحو باكرا كعادتي..وأذهب إلى الشاطيء..أجلس هناك على صخرة قرب الميناء..

( ثم يقوم من مجلسه وهو ينظر في اتجاه البحرويبدأ في حركات تعبيرية مع انبعاث

صوت موسيقى تصويرية..وصوت هدير البحر )

19

إيوفيموس :

ثمة جمال دائم الزرقة..

وقوة تختفي تحت السطح..

تنام في الأعماق

تخادع المراكب..

والبحارة التائهين عند كل مرفأ..

لم يستقروا..

معتقدين أنهم معاندون..

ويكابرون أمام الوحش الكبير..

بعواطف أكثر قلقا من الموج

حتى تمتليء حواسهم برائحة البحر..

ويختنق صوتهم المرتجف في الماء..

 وتستقر عظامهم في القاع..

لكن أرواحهم تحلق في السماء الرمادية..

كالنوارس..

تتأمل الإمتداد المائي

 في عروق العالم المتشعبة..

( ثم يعود إلى مجلسه..وتتوقف الموسيقى التصويرية )

إيوفيموس :

لندع الحديث عن البحر وذكرياته  ومغامراته ياصديقي ….

والآن أخبرني أي ريح أتت بك إلى هذه الجزيرة بعد سنوات من الغياب ؟

فيدون :

لقد وصلت مساء أمس برفقة مجموعة من رجال ثيرا..وسنقيم هنا لمدة يوم أويومين

على الأكثر..لدينا مهمة يجب أن نقوم بها..

إيوفيموس : (متسائلا )

وما هي هذه المهمة التي ستقومون بها ؟

فيدون :

نحن في مهمة مقدسة..لقد تم اختيار مجموعة من رجال جزيرة ثيرا..وعلى رأسهم شخص يدعى باطوس..أوكلت إليه مهمة قيادتها في رحلة إلى بلاد ليبيا..

وهناك سنقيم وطنا للثيرانيين…هذا ما نطقت به كاهنة موحى دلفي..التي استنبأت

وحي الإله أبوللو..

20

إيوفيموس : ( متعجبا )

ياللتعب والمشقة..أيعقل أن يأمر الإله أبوللو بتشريد هذه المجموعة من أجل إقامة وطن للثيرانيين ؟

فيدون :

لقد قضي الأمر..وأقسمنا على ذلك وكل من يتراجع سيكون مصيره الإعدام ومصادرة أملاكه….

إيوفيموس : ( وهو يتناول كأسا من الشراب )

وماذا لو كانت الكاهنة تكذب بهذا الشأن وأن أبوللو لم يوحي إليها شيئا يتعلق بهذا الأمر ؟

فيدون :

لا أظن ذلك..فالكاهنة لاتكذب..إنها إرادة الآلهة..ولذلك سأطلب منك المساعدة..

فأنت بحار قديم ولابد أنك تعرف أقرب مسلك إلى ليبيا ..

إيوفيموس : ( بثقة )

بالطبع أعرف تلك البلاد..لقد قمت بعدة رحلات إلى هناك..وكنت أبحر مع مجموعة من البحارة إلى جزيرة بلاتيا. . وهي أقرب نقطة نرسو فيها ..كنا نستغرق ثلاثة أو

أربعة أيام في الطقس الجيد.. (ثم وهو متحسرا )

لكن يا عزيزي فيدون..أنا الآن كما تراني أمامك..مجرد رجل مسن..لاقدرة له على الإبحار..

فيدون : ( وهو يتناول كأس الشراب )

لاتقل مثل هذا الكلام يارجل ..فلازلت قويا ..ومتوقد الذهن كما عهدتك ..

إيوفيموس :

إنها الحقيقة ياصديقي..لقد كبرت وتقدم بي العمر..

فيدون :

لابأس ..لابأس ..أيها البحار القديم الذي أمضى سنوات عمره يجوب البحار بقوة وعناد..لكنني أود أن تدلني على أحد البحارة الذين يعرفون الطريق جيدا ….

21

إيوفيموس :

ولكن يا فيدون……

فيدون : ( مقاطعا )

أعرف ما تريد أن تقوله..سوف نجزل له العطاء..لقد اتفقت مع باطوس بخصوص هذا الأمر..وقد أوكل إلي أمر التصرف في المكافأة التي ستمنح لمن يرافقنا ..

لاتقلق يا عزيزي ..سأكون كريما معه لأجلك أنت..

إيوفيموس :

ليس هذا ما أريد قوله…

فيدون :

ماذا إذن ؟

إيوفيموس : (بقلق )

أقرأ في عينيك شيئا يا فيدون..فأنا أعرفك جيدا..وأرى أنك مهتم بأمر هذه الرحلة رغم أنك منقاد إليها بأمر الإله أبوللو ولاحيلة لك في الرفض.. كما أن الأمر لايتعلق بمصلحتك الشخصية ..

فيدون :

لاأخفي عليك ياصديقي..لقد دار حديث بيني وبين باطوس في هذا الشأن ..ووعدته بأن أجد من يساعده في جزيرة كريت ..وقد وعدني هو أيضا بأن تكون لي حظوة لديه إذا ما أنشأ وطنا في تلك البلاد..

إنه الملك المرتقب..هل تعرف ماذا يعني ذلك ؟

إيوفيموس :

أفصح أكثر ..ماذا تعني ؟

فيدون :

إسمع يا إيوفيموس..أنت صديقي القديم..ولن أخفي عليك ما يدور في ذهني من أمر

هذه الرحلة..

إن باطوس سيكون ملكا على هذه المجموعة ..وسيقيم هناك في ليبيا موطنا غنيا بالثروات..أي أنه سينال الجاه والثراء..وتقربي إليه الآن سيكون له الأثر في الأيام القادمة..

22

إيوفيموس : (وتبدو عليه علامات عدم الرضا )

وبماذا سيكافؤك باطوس حسب ظنك ؟

فيدون :

لاأدري..لكنني أطمح في أن أكون من حاشيته..وحينذاك سأتدبر أمري وأسعى ربما

للوزارة..

إيوفيموس :

عجبا لأمرك يا فيدون..أرى أن الطمع في الجاه قد استحوذ على تفكيرك..

هل تظن أن باطوس سيتخذك وزيرا له ؟

هذا إن نجحتم في إقامة الوطن الذي تتحدث عنه..ثم ما الذي ينقصك .. ؟

أنت رجل ثري ..ولديك مزارع للعنب والكروم..فما الذي يجعلك تسعى إلى نيل

رضا باطوس..؟

ومن يضمن لك أن هذا الأمر سيتحقق..؟

فيدون :

سيتحقق..سيتحقق هذا الأمر..هكذا يقول حدسي الذي لايخطيء..ولا أحد

يكره الجاه والثراء..

إيوفيموس :

أنت مخطيء يا فيدون..ثمة من ينأى بنفسه عن الإقتراب من هذه الأمور..

وما أراك إلا غارق في وهم كبير يعشش في ثنايا تفكيرك..

فيدون :

أرجوك ياصديقي..دع عنك هذه الحكم..وفكر في أمر مساعدتي..ولاتتردد..

هيا أيها البحار العجوز..أعرف أنك لن تخذل صديقك ..

إيوفيموس :

حسنا..سأفعل..سأفعل ذلك رغم أنني غير مقتنع بأمر هذه الرحلة والوطن الذي تنوون إقامته ..وأختلف معك في الوصول إلى غايتك..إلا أنني سأقدم لك العون من أجل صداقتنا القديمة..سأدلك على صديق بحار له خبرة واسعة وعلى دراية بأمور الإبحار

ليرافقكم في رحلتكم..

فيدون : ( مسرورا )

أشكرك ..أشكرك ياصديقي ..لقد كنت واثقا من أنك لن تخذلني..

( ســــتار )

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة