كشفت النائبة العراقية وعضو لجنة النزاهة في مجلس النواب، عالية نصيف، عن فضيحة فساد تتعلق بأدوية الأورام السرطانية المنتجة في العراق، مؤكدة أن هذه الأدوية التي تُسوَّق على أنها “محلية الصنع”، هي في الحقيقة مستوردة من إيران والهند، حيث تتم إعادة تغليفها داخل مصانع عراقية وتُطرح في الأسواق على أنها عراقية المنشأ.
وأضافت نصيف أن جميع شركات إنتاج أدوية الأورام في العراق مملوكة لأبناء سياسيين وأحزاب نافذة، مشيرة إلى أن عدداً من المرضى الذين تلقوا جرعات من هذه الأدوية شهدوا تدهوراً في حالتهم الصحية، حيث تطورت بعض حالاتهم من “المرحلة الثانية” إلى “المرحلة الثالثة”، ما يعكس ضعف فعالية هذه العلاجات، على حد تعبيرها.
وتأتي هذه التصريحات بعد إعلان السفارة العراقية في طرابلس، يوم الأحد 27 أبريل الماضي، عن تصدير أول شحنة من أدوية السرطان “المصنّعة بالكامل داخل العراق” إلى ليبيا.
وأكد القائم بالأعمال في السفارة، أحمد الصحاف، عبر حسابه على منصة “إكس”، أن هذه المبادرة جاءت برعاية مباشرة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وإشراف وزير الصحة صالح الحسناوي، مشددًا على أن الأدوية تم إنتاجها محلياً وفق “أحدث المعايير العالمية لصناعة الدواء”، ووصف الشحنة بأنها “إنجاز وطني يعكس قدرة العراق على دعم الأشقاء العرب بمنتجات دوائية عالية الجودة”.
في المقابل، أثارت هذه الشحنة جدلاً واسعاً في ليبيا، لا سيما بعد تصريحات وزير الصحة الموقوف رمضان أبو جناح، الذي أوضح أن الاستيراد جاء استجابة لمطالبات مباشرة من مستشفيات الأورام، مؤكداً أن الشركة المورّدة مسجَّلة لدى إدارة الصيدلة، وتم التعاقد معها وفق الإجراءات القانونية المعتمدة، ابتداءً من إدارة الصيدلة، مروراً بجهاز الإمداد الطبي، وصولاً إلى لجنة العطاءات.
غير أن الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان في ليبيا، نفت على لسان مدير إدارة التعاون الدولي عبد المنعم البرعصي، وجود أي علاقة لها باستيراد تلك الأدوية، الأمر الذي زاد من غموض الملف وتعقيداته.
كما أكّد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان حيدر السايح، خلال مؤتمر صحفي أن الهيئة ترفض بشكل قاطع استيراد أدوية من أي مصدر عربي أو آسيوي، مشدد على أن الأدوية المخصصة لعلاج الأورام يتم تأمينها فقط من شركات عالمية عملاقة ومعتمدة، وذلك حرصاً على جودة العلاج وسلامة المرضى.
على إثر ذلك، أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، القرار رقم (185) لسنة 2025، بإعفاء رمضان أبو جناح من مهامه كنائب لرئيس الحكومة ووزير للصحة، وإحالته إلى التحقيق، برفقة عدد من مسؤولي الوزارة، على خلفية تجاوزات في إجراءات استيراد الأدوية، جرت خارج اختصاص الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان.
وأوضح القرار أن عملية الاستيراد تمت بالمخالفة لأحكام قرار مجلس الوزراء رقم (963) لسنة 2022، المتعلق بتنظيم اختصاصات الجهات المسؤولة عن ملف الأدوية.