توقع مكتب الأمم المتحدة الإنمائي أن يلوح تغيير في الأفق من حيث السياحة كوجهة سياحية، حيث عاد انتعاش السياحة في ليبيا شوارع طرابلس القديمة الضيقة وأصبحت تعجّ بالحياة، ويتجمع عشاق رياضة السيارات في الصحراء، ولعلّ الأهم من ذلك كله هو أن العالم بدأ يلاحظ ذلك.
وأضاف المكتب أنه مع إطلاق ليبيا مؤخرًا نظام التأشيرة الإلكترونية، تتخذ البلاد خطوات ملموسة لفتح أبوابها أمام الزوار الدوليين. وهذا يُشير إلى التزام متجدد بالترحيب بالعالم واستعادة مكانة ليبيا على خريطة السياحة العالمية.
وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن ليبيا كانت ملتقى للحضارات، فقد ترك الفينيقيون والرومان والبيزنطيون والعثمانيون والأمازيغ بصماتهم عليها، لافتة إلى أعمال الترميم الجارية لمدينة طرابلس القديمة، مما يُحوّل المنطقة إلى مركز ثقافي نابض بالحياة.
ونوه التقرير إلى المهرجانات الثقافية التي تُعيد تنشيط الأماكن العامة، حيث تنبعث الموسيقى من الساحات الخفية، إلى جانب المعالم مثل متحف بيت القرمانلي، الذي كان في السابق أثرًا متداعيًا.
وأكد التقرير أن مؤثري السفر الدوليون يلعبون دورًا أيضًا من خلال مقاطع فيديو تُجسّد عظمة آثار صبراتة الساحلية، حيث أنهم يُعيدون تأكيد الرواية، إذ تُغيّر هذه القصص المفاهيم، مُسلّطةً الضوء على ليبيا ليس كمكان منسيّ أو هشّ، بل كأرض مغامراتٍ واعدة تنتظر الاستكشاف.
وأوضح التقرير أن انتعاش السياحة في ليبيا لا يتعلق فقط بالتواصل مع الماضي، بل يتعلق أيضًا بتجارب جديدة، فالصحراء الكبرى، تُحوّل راليات الصحراء المُفعمة بالإثارة مساحات ليبيا الشاسعة إلى ساحات رياضية دولية، حيث تجذب فعاليات مثل رالي غدامس الصحراوي ورالي تي تي الصحراوي سائقين من شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وحتى أوروبا، تُبرز هذه الراليات كثبان ليبيا الرملية الخلابة وتضاريسها الوعرة، مُثبتةً أن البلاد ليست مجرد أرضٍ للعجائب القديمة، بل هي أيضًا ساحةٌ للمغامرة.
التأشيرة الالكترونية
وأكد التقرير أن العمل جار على معالجة إحدى العوائق الرئيسية أمام السياحة، ألا وهي الحصول على التأشيرة، ففي عام 2024، أطلقت ليبيا نظام التأشيرة الإلكترونية، مما سهّل عمليةً كانت طويلةً ومعقدةً في السابق، فبدلاً من عناء التعامل مع بيروقراطية السفارات أو انتظار شهورٍ للحصول على الموافقات، أصبح بإمكان المسافرين الآن التقديم عبر الإنترنت والحصول على تأشيراتهم في غضون أيام.
وأشار التقرير إلى أن ليبيا تُتيح دخولًا بدون تأشيرة لثماني دول، مما يُعزز إمكانية الوصول للمسافرين الإقليميين.
ورأى التقرير أن هذه الجهود، إلى جانب زيادة استثمارات الضيافة والبنية التحتية، تُشير هذه التغييرات إلى أن ليبيا مُنفتحة على السياحة بشكل غير مسبوق.
جهود الأمم المتحدة
من جه أخرى يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية على استكشاف القطاعات الناشئة ذات إمكانات النمو، ومن بينها، تبرز السياحة كفرصة واعدة للتنمية المستدامة وخلق فرص العمل.
وفي هذا الصدد استخدم مختبر تسريع التنمية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي نهج “الآفاق الثلاثة” للاستشراف الاستراتيجي، لرسم تصور مستقبل السياحة في ليبيا، وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية، حيث قدّم المختبر على مدار شهرين، المنهجية ودرب فرق الوزارة على كيفية تطبيقها في مختلف القطاعات، بما في ذلك السياحة.
وانتهت المشاركة الأممية بتنظيم فعالية “مقهى الابتكار والأفكار”: حوارٌ تفاعليٌّ حول السياسات، جمع 65 مشاركًا من الحكومة والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني والقيادات الشبابية، تضمن الإشارة إلى التحديات الرئيسية، المتمثلة في محدودية البنية التحتية، والسياسات القديمة، والحاجة إلى ضمانات أمنية أكبر.
كما برزت أفكارٌ مثل الترويج للمناظر الطبيعية الليبية لدى صانعي الأفلام، وتطوير تطبيقات جوال تُركّز على السياحة، وإنتاج أفلام وثائقية عن سياحة المغامرات، كخطواتٍ مُجدية.