رغم الجراح والمآسي، يواصل الصحفيون الفلسطينيون في قطاع غزة أداء رسالتهم الإعلامية تحت وابل النيران، موثّقين الانتهاكات والمعاناة التي يعيشها المدنيون في ظل الحرب المستمرة، وذلك حسب تقرير صادر عن أخبار الأمم المتحدة قبيل اليوم العالمي لحرية الصحافة.
في مشهد يجسد الشجاعة والإصرار، يروي المصور الصحفي الفلسطيني سامي شحادة تجربته المؤلمة، بعد أن فقد ساقه جراء قصف استهدفه بشكل مباشر أثناء تغطيته للأحداث في مخيم النصيرات وسط القطاع في أبريل 2024. رغم إصابته البالغة، عاد شحادة إلى الميدان حاملاً كاميرته، متحديًا الإعاقة، ليواصل نقل الحقيقة.

ويقول شحادة: “عدت إلى مهنة التصوير ليس فقط من أجل العمل، بل لحبي لها منذ الطفولة. لن أتركها مهما واجهت من صعوبات”.
ويتابع: “كنت شاهدًا على كل الجرائم التي حدثت، ثم أصبحتُ ضحية لجريمة أخرى. كنت أرتدي الزي الصحفي الكامل ومعي زملائي، ومع ذلك تم استهدافي بشكل مباشر”.
ورغم تحوّل حياته بشكل جذري بعد الإصابة، فإن شحادة لم يفقد الأمل: “صحيح أنني اليوم بحاجة للمساعدة، لكن لديّ عزيمة، وأعمل على تجاوز هذه الظروف القاسية لأُثبت أن الصحفي الفلسطيني رغم الاضطهاد قادر على مواصلة نضاله المهني والإنساني”.
المراسل الصحفي محمد أبو ناموس تحدث مع مراسل أخبار الأمم المتحدة بينما كان يصور تقريرا صحفيا برفقة أحد زملائه فوق أنقاض مبنى مدمر في مدينة غزة. وقال أبو ناموس: “بينما يحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، يستذكر الصحفيون الفلسطينيون أماكنهم ومقارَّهم التي دمرتها القوات الإسرائيلية، فبات الصحفي الفلسطيني بلا مكان”.

ويضيف أبو ناموس أن الصحفيين في القطاع يبحثون عن مكان “تتوفّر فيه أدنى مقومات العمل الصحفي مثل الكهرباء والإنترنت، فلا يوجد لهم مكان، لذلك يلجؤون إلى المحالّ التجارية التي توفّر الإنترنت، وكذلك إلى الشوارع التي باتت نقطة انطلاقة للصحفيين الذين يعملون في الميدان”.
وتابع قائلا: “هذا الاستهداف للصحفيين الفلسطينيين يعرِّي الاحتلال الإسرائيلي كما يعرِّي كل الشعارات التي تنادي بضرورة حماية الصحفيين، أو على الأقل حماية حرية عمل الصحافة سواء في الأرض الفلسطينية أو في العالم أجمع”.
هذا التقرير، الذي يسلّط الضوء على نماذج من صحفيي غزة الذين يواصلون مهنتهم وسط المخاطر والانتهاكات، يأتي تزامنًا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي تحييه الأمم المتحدة في 3 مايو من كل عام.

وفي رسالة بهذه المناسبة، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من التهديدات المتزايدة التي تواجه حرية الصحافة، مؤكدًا أن “الصحافة الحرة والمستقلة هي عماد العدالة والمساءلة وحقوق الإنسان”.
وأضاف: “الصحفيون يُستهدفون بالعنف والترهيب والقتل، لمجرد قيامهم بعملهم، وقد شهدنا ارتفاعًا كبيرًا في عدد الضحايا بين الصحفيين، لا سيما في غزة”.