موسى اللافي الشيخي
مثلما ينبض عش في جدار ..
أو ياسمينة تشرق عن عمى الجذور
لنصنع ابتسامةً صفراء …. بل خضراء
هذي هي النهاية الوحيدة البيضاء
لتلكم الحكاية السوداء …..
…….. …….. …….. ……..
ما عثرت على مهتم بشأن من الشؤون الثقافية أو الأدبية أو الفكرية فتوسّمت فيه قارئا مثقفا مطّلعا إلا واكتشفت قريبا أنه كاتب في أحد الألوان ، أو هو في الطريق إلى أن يكون كاتبا يبحث عن قراء ، ونظرة بسيطة إلى أمسياتنا وندواتنا ومهرجاناتنا ـ على الرغم من كلمات الاحتفال والاستطلاعات والتحقيقات والإعلانات ـ كافية لإثبات ذلك ، حيث لا يلقي الشاعر نصوصه إلا في شعراء أصدقاء ، و كذلك الأمر بالنسبة للقاص والناقد والمحاضر .
في الربيع من كل عام تزور القرية أسرابُ الهدهد لتضيف إلى مشاهد الطيور مشهدًا لائقاً بالفصل البهيج ؛ مشهداً مزركشاً كريش الهدهد نفسه ، وقصيراً كالوقت الذي يقيم فيه قبل أن يهاجر .. طائر الهدهد لا يحلق عالياً كالحمام ولا منخفضاً كالسليو/السنونو ، ولا تراه على أفرع الشجر العاري ؛ أو أسلاك الكهرباء جماعات مثل الخليش/الزرزور ، ولا وحيداً كالبوم ، لا يتيح لك أن تطيل النظر إليه كاليمام أو القنبير ، ولا يحرمك من تأمله مثل القليلة ، يقلع في خفة إذا لمحك أو أحس بك تقترب ؛ ويحط بوقار بعيداً ؛ تاركاً مسافة كافية لعدم بلوغ أحجار الأطفال إليه ، يطير وكأنه لم يكن جاثماً ، ويحط وكأنه لم يكن حائماً ، وفي طيرانه يرسم أقواساً ؛ مرئيات معدودات متراخيات ؛ يبدأها أو ينهيها ببسطات وقبضات هادئات بجناحيه كل مرة.

أرى أنّ أصحاب القلم من أكثر البشر شجاعة ، أم جنونا يا ترى ؟! ، عندما يتابعون نزف الروح والعرق والحبر مفترضين متوهمين حالمين بقارئٍ يصفونه بالكريم ، أخشى أنه لم يعد له وجود فعليّ ولا فاعل في زمان ومكان صارت الصورة فيه خير جليس.
…….. …….. …….. ……..
أمام بيتي شجرة كبيرة ؛ مجهولة الاسم ؛ عاديّة ؛ كل خريف توشوش قرونها البنية في الريح مع أوراقها المصفرّة ؛ فيما هي تنثر بذورها الكثيرة الدقيقة ؛ في الليل كما في النهار في كلّ اتجاه ؛ منها ما يسقط على التراب ؛ ومنها ما يسقط على السطح أو الصخر أو الأسمنت أو الإسفلت ؛ وربما تحملها العصافير والسيول إلى أمكنة نائية ؛ ومنها ما يسقط على رؤوس العابرين .. تلك الشجرة هي أنا في هذا العمر ؛ وتلك البذور كلماتي.