خالد محمود
تحكي الأسطورة أن بحارا فرنسيا يدعى كاميرون اليدونيالديزو رمى شباكه قبالة احدى جزر قبرص فاصطاد عروس بحر
هام بها عشقا فتزوجها وأنجب منها 7 أبناء ثم قرر قتلها خوفا من ان يظفر بها غيره.
طرابلس الغرب أطلق عليها اسم عروس البحر المتوسط لجمال بساتينها ومبانيها البيضاء ، والغرب لتمييزها عن طرابلس الشام بلبنان.
المليشيات
تعيش العاصمة الليبية طرابلس أحداثا دامية بدأت بمقتل عبدالغني الككلي رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي وما تلا ذلك من اندلاع اشتباكات مسلحة بين مليشيات تابعة لحكومة الوحدة منها لواء قتال 444 ومليشيات تابعة لجهاز الردع لمكافحة الارهاب والجريمة المنظمة التابع لرئاسة الأركان العامة. مليشيات طرابلس يزيد عددها عن 30 مليشيا تكونت منذ سقوط نظام القذافي، وفي السنوات الأخيرة شهدت بروز عدد اقل منها يحكم العاصمة الليبية.
جهاز الردع تأسس عام 2012، حيث كان عبارة عن سرية تتبع المجلس العسكري ببلدية سوق الجمعة في العاصمة طرابلس، ثم صار قوة تحت مسمى “قوة الردع الخاصة” تتبع وزارة الداخلية بقيادة الملازم عبد الرؤوف كارة. وفي عهد المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج سمي بجهاز الردع ومنح صلاحيات موسعة.
لواء قتال 444 بقيادة محمود حمزة مقره معسكر التكبالي الذي كان يقود فرقة صغيرة بمسمى 2020 تابعة لجهاز الردع وتحت قيادة عبدالرؤوف كارة.
اللواء 111 مجحفل أسسه رئيس حكومة الوحدة الوطنية وينحدر اغلب منتسبيه إلى مدينة مصراتة حيث كان يعرف باسم لواء الحلبوص.
جهاز دعم الاستقرار تأسس عام 2021 بقرار من المجلس الرئاسي بني على انقاض كتيبة الأمن المركزي ابوسليم ورأسه عبدالغني الككلي ومقره ابوسليم.
جهاز الشرطة القضائية يقوده أسامة نجيم يتبع وزارة العدل ومتحالف مع جهاز دعم الاستقرار.
جهاز الأمن العام وهو امتداد لكتيبة الصواعق التي كان يقودها عماد الطرابلسي وزير داخلية حكومة الوحدة الوطنية.
كتيبة فرسان جنزور تأسست عام 2012 ومهمتها حاليا تأمين مقرات ومرافق ومنشآت.
ومنذ تولي حكومة الوحدة الوطنية مهامها بالعاصمة في مارس عام 2021، فشهدت هذه المليشيات صراع على النفوذ منها اندلاع حرب بين الردع وكتيبة ثوار طرابلس التي يقودها هيثم التاجوري والذي خرج من المشهد المليشياوي منذ ذلك الحين.
حل جهاز الردع
عقب مقتل عبدالغني الككلي في معسكر التكبالي مقر اللواء 444 والهجوم على جهاز دعم الاستقرار ومقر الأمن الداخلي بارك رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد ادبيبة ذلك وقال في تغريدة ” ان ما قمنا به في ابوسليم كان خطوة ضرورية لإنهاء وجود تمادي في تجاوز القانون، وارتبط بانتهاكات لحقوق الإنسان ، وقد نفذت العملية الأمنية بأسلوب منظم وهادي دون أي مواجهات”.
وفي اليوم التالي للعملية قرر رئيس حكومة الوحدة حل جهاز الردع الذي اعترض عليه الأخير باعتبار ان هذا القرار من اختصاص المجلس الرئاسي الجهة المؤسسة لجهاز الردع، كما اعتبر جهاز الردع قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية “انتقائيا “
مشيرا إلى ان هناك مليشيات مسلحة تنتمي إلى مدينة مصراتة ولها نشاط في العاصمة
سوق الجمعة اصدر سكانه بيانا شديد اللهجة محذرا من نفس السيناريو الذي طبقته الحكومة على ابوسليم حيث شهدت ابوسليم أعمال نهب وسلب واقتحام بيوت واحراق ممتلكات بعد سرقتها
سكان سوق الجمعة الملتفين خلف جهاز الردع طالبوا رئيس حكومة الوحدة الوطنية بالرحيل
ومن هنا كانت الاشتباكات المسلحة ضارية وشهدتها اغلب مناطق وشوارع العاصمة
هدنة
بعد ليلة ساخنة من المواجهات المسلحة امتدّت إلى ساعات الصباح،تدخلت بعض الأطراف الدولية من اجل إبرام هدنة لوقف القتال وتحديد نقاط تماس بين المتقاتلين وبمراقبة محايدة محلية
وعقب توقيع اتفاق الهدنة قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا انها تراقب عن كثب الهدنة الهشة
وطالبت المليشيات المسلحة العودة إلى ثكناتها حاثة الأطراف المتقاتلة إلى الكف عن التصريحات التي تذكي القتال
منوهة إلى ان استقرار طرابلس امر بالغ الأهمية
ومؤكدة ان اي انتكاسة في الوضع الأمني سوف تهدد الاستقرار في المنطقة الغربية.
مظاهرات منددة
خرج المئات من سكان العاصمة طرابلس يوم الجمعة إلى الشوارع والميادين منددين بالأحداث الدامية التي شهدتها العاصمة طرابلس، ومطالبين حكومة الوحدة الوطنية بالرحيل فورا بتسببها في هذه الأحداث
المتظاهرون داسوا بأقدامهم صور رئيس الحكومة الوحدة الوطنية ووزير دفاعه عبدالسلام زوبي الذان كانا وراء مهاجمة جهاز الردع وخطة إنهاء المجموعات غير المنظمة بحسب رؤيتهم
إلا ان المتظاهرون كانت رؤيتهم لما حدث هو ضرب استقرار العاصمة وان ما حدث هو مغامرة غير محسوبة العواقب
استمرّت المظاهرات إلى مابعد مغيب الشمس ووصل المتظاهرون بغضبهم إلى مقر رئاسة الوزراء في طريق السكة
وحدثت مواجهات دامية بينهم وبين الأجهزة الأمنية المكلفة من الحكومة بالذود عن مقراتها والتي استخدمت الأعيرة النارية لتفريق المتظاهرين
و قالت حكومة الوحدة الوطنية ان احد أفراد الشرطة المدافعين عن مقرها سقط قتيلا في حين نشرت على حسابها فيديوهات توثق ما لحق بالمقر من أضرار
واتهم رئيس الحكومة الليبية أسامة حماد مجموعة مسلحة تتبع حكومة الوحدة الوطنية بالاعتداء على مصرف ليبيا المركزي قبل اندلاع المظاهرات بيومين وقال بيان الحكومة الليبية ، إن هذه القوات “استعملت السلاح ضد خزائن ومرافق المصرف المركزي بهدف اختلاس الأموال والمنقولات الموجودة به و الاعتداء تسبب بإحداث أضرار جسيمة بالمنظومات وإتلافها وسرقة مركبات الموظفين من أمام مقر المصرف”.
القفز من السفينة الغارقة
وعلى وقع المظاهرات المنددة قدم اكثر من 9 وزراء في حكومة الوحدة الوطنية استقالاتهم من الحكومة
التي يبدو ان سفينتها على وشك الغرق ، وظهر وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي والى جانبه وزير الإسكان ابوبكر الغاوي في فيديو أكدا فيه استقالاتهما بعد أن وصفت حكومة الوحدة الوطنية الاستقالات بانها مجرد منشورات غير موثوقة او صفحات تفتقد للمصداقية
المتابعون للمشهد في طرابلس يحزمون ان زمن الود بين المليشيات ومن وراءها انتهى ، وان الشعب إذا خرج على السلطة لن يعود إلى بيته حتى تتحقق مطالبه
والمطالب كانت واضحة رحيل الحكومة ثم المليشيات.
وتبقى عروس البحر لغز البحار الذي قرر ان يقتلها لكي لا يستحوذ غيره عليها
إلا أن البحار خلف من وراءه 7 أولاد
واللي خلف ما مات.