أشرف القرقني
مع أوّل قطرة مطرٍ
في قلبي
يستيقظُ الخريفُ،
فصلُ الموتى الذين أحبُّهم
فصل ولاداتهم التي لا تتوقّفُ
كلّما سقطتْ من غصنٍ في شجرةٍ
نبتتْ في آخر
يُبرعمُ في القلب
تذكّرتُ ميتةً عمرها عشرون سنةً تقريبًا
كان الوقتُ فجرًا
وكنتَ أنتَ، كثور إسبانيّ هائج
يسوّره الأحمرُ من كلّ مكانٍ
تزمجرُ في غرفة نومك
وتقرعُ من حولك جدرانا
لا يراها أحدٌ غيرك
وعلى صوت نشيج أمّي،
غادرتُ شبه عارٍ إلى المدرسة
حيث كان حزني يشبُّ في كلّ يومٍ
طازجا ومدّخَرًا ببريقه الأزرق
لحياتي كلّها
كأنّ الخريف مزاجُ حياتي
هبّة المطر الأولى
وأنا أقفُ عند عتبة البيت مشدوها
مجعّد النّفس،
وعدٌ بمجهولٍ مُقبلٍ
كأنّي من خريفٍ إلى آخر
أتقلّبُ
بقلبٍ تغمره مياه المزاريب المُطفأة
وأحلامٍ جرفها الطّينُ
إلى آخر المجرى
كأنّي أدور بلا هوادةٍ
في عجلة الشّيطان
أبدأ حياتي في كلّ مرّة
ضحكةً في فم مراهق
في عطلة صيف
وأنهيها فجرا باردًا
يُشرقُ في ذكرى ميّتين
لا أحد يعيدُهم إلى غرفهم الدّافئة
وجدرانهم الشّفّافة القديمة
أو يتركهم ليطوُوا أفئدة من خلّفوا من بعدهم
بسلام
ويغمضوا أرواحهم
كما يلتمُّ حجرٌ أسودُ على نفسه
وينام.
عن : شتاء ماريش 15.5.2025