نجيب الحصادي
«وفق تصور سائد، الفن الحقيقي خالد مؤبد، والفن الزائف زائل عابر، وهذا ما جعل فلاسفة اليونان يتحدثون عن ربة الجمال الخالدة، وجعل درويش يسأل الموت : (ألديك وقت لاختبر قصيدتي، لا، ليس هذا الشأن شأنك، أنت مسؤول عن الطيني في البشري، لا عن فعله أو قوله، هزمتك يا موت الفنون جميعها، هزمتك وأفلت من كمائنك الخلود).
………. ……….. ………….
اللغة التي يستخدمها المبدع هل تُبلغ مرامه أصلًا ، بدلًا من أن ترغمه على قول مالا يرغب في قوله ، ثمة تفسخات تحدث للتجربة الشعورية التي يكابدها المبدع حين يقول ما يقول ، أولها تفسخ يعتري تكثف الشجن الشعوري .. حين يتبنى فكرة هلامية ، وثانيها تفسخ يعتري محتوى الفكرة حيث تتخلق أمشاجها مضغة تتلطخ بالمداد ، وثالثها تفسخ يعتري ما تلفظ من أشجان حين تلوكه الألسن . وما يصل في النهاية إلى المتلقي مجرد نسخة شائهة، أصلها متحول وعروتها واهنة، لكن هذا لا يعني أن الأديب لا يعبر عما استشعر من أحاسيس وعواطف جياشة، بل يعبر عما لوثه الفكر منها بتجريده وفتوره وما شابته اللغة بأعرافها وتصنيفاتها، وما عبث به قارئه بانحياز».
جدلية الفنان والسلطان تثير أسئلة سوف تصعب علينا الإجابة عنها ما دمنا نصر على الخلط بين قيم الحق والخير والجمال