الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-07-01

4:29 صباحًا

أهم اللأخبار

2025-07-01 4:29 صباحًا

فضائل عشر ذي الحجة

21313464217979796452

عبدالمحسن الجماعي

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله وصفيّه وخليله وأمينه على وحيه ومبلِّغ النّاس شرعه ؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله و صحبه أجمعين

أما بعد معاشر المؤمنين عباد الله : اتقوا الله تعالى وراقبوه مراقبة من يعلم أنّ ربَّه يسمعه و يراه .

ثم أما بعد عباد الله : فإنّا نستقبل أياماً فاضلة وعشراً مباركة هي خير الأيام وأفضلها وأجلّها وأعظمها ، شرَّف الله جلّ وعلا قدرها وأعلا شأنها وعظّم من مكانتها فأقسم بها عزّ شأنه في كتابه قال الله جلّ و علا : ﴿ وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر:1-2] ، قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره : هي العشر الأوَل من شهر ذي الحجّة .

اختلف العلماء أيُّ العشرين أفضل ؛ العشر الأول من شهر ذي الحجة ؟ أو العشر الأخَر من شهر رمضان المبارك ؟ والتّحقيق في ذلك في قول جماعة من المحققين من أهل العلم : إنّ  الأيام العشر الأوّل من شهر ذي الحجة هي خير أيام السنة على الإطلاق ، والعشر الليالي الآخر من شهر رمضان هي خير ليالي السنة على الإطلاق ؛ وفي الليالي الأخيرة من شهر رمضان ليلة القدر خير الليالي ، وفي العشر الأوَل من شهر ذي الحجة يوم عرفة سيّد الأيام وخيرها.

عباد الله : إنّنا نستقبل موسماً مُباركاً عظيماً وميداناً للطّاعة جسيما ينبغي على المسلم أن يعظِّم أمره وأن يُعلي شأنه وأن يحافظ عليه تمام المحافظة وأن لا يجعل أيامه المباركات وساعاته الثمينات تمضي سُدى أو تضيع هباء ويندم بعدئذ ولا ينفع النّدم .. وقد جاء عن نبيِّنا صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث الحثُّ على العمل الصالح في العشر الأول من شهر ذي الحجة وبيَّن عظيم ثواب ذلك عند الله وعظيم أجره عنده سبحانه ، ففي صحيح البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ – يَعْنِي الْعَشْرِ الأول من ذي الحجة – قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )).

وقول نبينا عليه الصلاة و السلام: ((مَا من عَمَل )) عامٌ مطلق يتناول جميع الأعمال الصالحات والطاعات الزاكيات وأنواع القربات .. لا يُخصّ من ذلك نوع بل يعتني العبد في هذه العشر المباركات بالأعمال الصالحات والطاعات الزاكيات ، وأعظم ما يتقرب به العبد إلى الله فرائض الله جل وعلا وأعظم ذلكم الصلاة المكتوبة ، ففي الحديث القدسي يقول ربنا عز وجل : ((مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ )).

تمتاز هذه العشر المباركات : أنها من بين سائر أيام العام تجتمع فيها أمهات العبادات مما لا يتأتّى في غيرها من الأيام ؛ فيجتمع في هذه العشر المباركة الصلوات والزكاة والصيام وحج بيت الله الحرام ، ولا يمكن أن تجتمع هذه الأمهات من العبادات في غير هذه العشر المباركات .. ومما يجمُل بالمسلم ويحسُن به في هذه العشر المباركة أن يُري الله سبحانه وتعالى من نفسه خيراً ؛ فالتبكير للمساجد والحرص على الإتيان إليها في وقت مبكر بسكينة وطمأنينة ووقار مع تلاوةٍ لكلام الله وذكرٍ له جلّ وعلا وملازمةٍ للاستغفار وأداء للصّلوات المفروضة في أوقاتها وعناية بالصلاة الراتبة والصلاة المطلقة وأن يكون ذاكراً لله معتنياً بحمده جلّ وعلا وتهليله وتكبيره ؛ فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الحث من ذلك في العشر الأوَل ، قال عليه الصلاة والسلام : (( فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ )) رواه الإمام أحمد.

عباد الله : ومن الأعمال الصالحات التي يشرع للمسلم العناية بها في هذه العشر الصيام ، جاء في المسند عن أبي أمامة رضي الله عنه: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَال: ((عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لاَ مِثْلَ لَهُ)). والصيام – عباد الله – جُنّةٌ يتقي به العبد سخط الله وعذابه ، ويتقي به الذنوب والآثام .. و مما يشرع للمسلم في هذه العشر المباركات الصدقات بأنواعها وبذل الإحسان وصلة الأرحام والبر بأبوابه الفسيحة ومجالاته الواسعة .. ويشرع له من الأعمال الصالحة أن يتقرب إلى الله جل وعلا بنحر ضحيته في يوم النحر – اليوم العاشر من هذه الأيام – تقرباً إلى الله وطلباً لثوابه ؛ فإنّ الحجاج – حجاجَ بيت الله الحرام – يتقرّبون إلى الله في يوم النحر بنحر الهدايا ، والمسلمون في البلدان يتقرّبون إلى الله جلّ وعلا بنحر وذبح الضحايا.

 وقد جاء في صحيح مسلم عن نبيِّنا عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ )) ، وفي رواية : ((إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا )) ؛ رواية فيها أمرٌ بالإمساك ورواية فيها النهي عن الأخذ من الشعر والأظافر ؛ والأمر الأصل فيه للوجوب والنهي الأصل فيه للتحريم ، ولهذا – عباد الله – فإنّ مَنْ أراد أن يُضحّي فعليه إذا دخلت العشر أن لا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئاً ، وهذا حكم خاص بمن أراد أن يضحي أما أهله وأولاده ومن يضحي عنهم فإنه لا يشملهم ذلكم الحكم ، و قد قال العلماء في الحكمة من ذلك – عباد الله – إن المضحي عندما شارك الحاج في بعض أعمال الحجّ أمره الله سبحانه بمشاركتهم في شيء من محظورات الإحرام ليبقى المسلمون – حجاجاً وغير حجاج – على صلةٍ بالله معظمّين لشعائر الله قائمين بطاعة الله جلّ وعلا يرجون جميعهم رحمة الله ويخافون عذابه ، والله جلّ وعلا يقول في سورة [الحج الآية 32] ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ .

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة