في مشهد بطولي نادر، نجح السائق خالد عبد العال، المعروف بـ”عم خالد”، في إنقاذ مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية من كارثة كادت أن تودي بحياة الآلاف، بعدما شبّت النيران في شاحنة الوقود التي كان يقودها أثناء تفريغ حمولتها في إحدى محطات البنزين بالمدينة.
بينما كانت الشاحنة تتزود بالوقود، اندلعت النيران بشكل مفاجئ، ما تسبب في حالة من الذعر الشديد بين المواطنين. إلا أن السائق الشجاع لم يتردد لحظة، واتخذ قرارًا مصيريًا بأن يقود الشاحنة المشتعلة بنفسه ويبتعد بها عن المحطة والمناطق السكنية، متجهًا بها إلى منطقة صحراوية خالية.
وسط ألسنة اللهب والدخان الكثيف، صعد عم خالد إلى مقعد القيادة رغم الخطر الداهم، وتحرك بالشاحنة والنيران تلتهمها وتحاصر كابينة القيادة. لم يُبالِ بالنيران التي اشتعلت في جسده، وكان شغله الشاغل إنقاذ الأرواح والمنازل من كارثة محققة. وقد أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي اللحظة البطولية التي تحرك فيها بالشاحنة حتى وصولها إلى منطقة آمنة، حيث تدخلت قوات الحماية المدنية وتمكنت من إخماد الحريق.
رغم نجاته من الموت، أصيب عم خالد بحروق خطيرة في أنحاء متفرقة من جسده، وتم نقله إلى مستشفى “أهل مصر لعلاج الحروق” لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، بعد أن قضى وقتًا في العناية المركزة.
وقد لاقت بطولته إشادة واسعة من المواطنين، الذين تداولوا صوره وقصته بكثافة عبر وسائل التواصل، مطالبين بتكريمه رسميًا وتوفير أفضل سبل العلاج له، تقديرًا لما قدمه من تضحية وشجاعة.
كما أعلنت سيدة الأعمال هبة السويدي تكفّلها بعلاج عم خالد بشكل كامل، في لفتة إنسانية نالت استحسان الجميع.
وأكد الأستاذ شعبان حسني، مؤسس صفحة “صحافة العاشر من رمضان” ورئيس جمعية القوافل للمساعدات الإنسانية، أنه تواصل شخصيًا مع زوجة عم خالد، وأفاد بأن حالته الصحية لا تزال حرجة. وقد عرض تنظيم حملة تبرعات لدعم الأسرة، وهو ما رحبت به الزوجة نظرًا للظروف الصعبة التي تمر بها العائلة.
حادثة أعادت للأذهان بطولة ليبية مشابهة
وقد أعادت هذه الواقعة إلى أذهان الليبيين حادثة مشابهة شهدتها مدينة بنغازي صباح يوم 24 مايو 2022، عندما اندلع حريق هائل في محطة وقود المالطي بشارع الببسي بمدينة بنغازي، بعد اشتعال النيران في شاحنة وقود أثناء عملية التفريغ داخل المحطة. وفي مشهد مماثل، تصرّف السائق الليبي عبد الله المجبري بشجاعة نادرة، وقاد الشاحنة المشتعلة بعيدًا عن المحطة لتجنب كارثة وشيكة، ما تسبب في احتراق عدد من سيارات المواطنين، لكنه نجح في إنقاذ أرواح كثيرة من كارثة مدمّرة كادت أن تلتهم الحيّ بأكمله.
المصري خالد عبد العال، والليبي عبد الله المجبري، اسمان نقشا في الذاكرة الشعبية كبطلين حقيقيين لم يترددا في مواجهة النيران بصدور عارية لإنقاذ الآخرين.