خالد محمود
“قافلة الصمود” تُعد فعلًا رمزيًا قويًا يهدف إلى إظهار التضامن العربي الثوري مع القضية الفلسطينية، وتسليط الضوء على العزلة والظروف القاسية التي يعيشها قطاع غزة وسط التنكيل والقصف المستمر.
هل غاب الجانب العملي عن القافلة؟
لكن، من الملاحظ أن “قافلة الصمود” لم تُعِر اهتمامًا كافيًا لجانب المساعدات العينية من سلع ومواد تموينية ومستلزمات أخرى ضرورية.
يُطرح هنا سؤال جوهري: لو أن القافلة ركزت على الجانب الإغاثي العملي إلى جانب دلالتها الرمزية، هل كانت لتحقق “عصفورين بحجر واحد”؟ أي، هل كانت ستجمع بين التعبير عن التضامن الثوري وتقديم دعم مادي ملموس يُحدث فرقًا مباشرًا على الأرض في ظل الاحتياجات الماسة لقطاع غزة؟
التوازن بين الرمزية والاحتياجات
إن التحدي يكمن في تحقيق التوازن بين التعبير الرمزي عن الدعم وتقديم المساعدات الضرورية الفعلية. فبينما تُرسل القوافل رسائل سياسية وتعبّر عن التضامن، تبقى الاحتياجات الإنسانية الملحة في غزة تتطلب استجابة عملية وفعالة.
هذا التساؤل يقودنا إلى مراجعة مدى فعالية المبادرات التي لا تُراعي جميع الأبعاد، خاصة في ظل أزمة إنسانية عميقة.
تحليل فعالية الدعم للقضية الفلسطينية
المساعدات الحيوية القادمة من مصر إلى غزة تمثل الشريان الحقيقي الذي يُحدث فرقًا على الأرض. هذه المساعدات، التي تصل عبر الحكومة المصرية، هي القافلة الوحيدة القادرة على تلبية الاحتياجات الملحة للسكان.
تحديات المبادرات الشعبية
على النقيض، مبادرات مثل “قافلة الصمود”، على الرغم من نواياها الحسنة والتعبير الصادق عن التضامن، غالبًا ما تواجه صعوبة في إحداث تأثير سياسي فعلي. يعود السبب في ذلك إلى أن القرارات السياسية لا تستند إلى العواطف وحدها، بل تتطلب آليات وديناميكيات أكثر تعقيدًا على مستوى الدول.
التجمعات الشعبية: تضامن فعال أم مجرد تعبير؟
يظل السؤال المحوري: هل تُعد التجمعات الشعبية العربية في الميادين شكلًا فعالًا من أشكال التضامن؟ وهل فكر منظمو “قافلة الصمود العربية” في تبعات خطوتهم، لا سيما فيما يتعلق بـ تأثيرها المحتمل في الضغط على الأنظمة العربية أو إرباك قراراتها السيادية؟
توقيت ونتائج “قافلة الصمود”
يبقى التساؤل قائمًا: هل هذه الخطوة مدروسة بعناية، أم أنها مجرد “صحوة متأخرة جدًا”؟
من وجهة نظري الشخصية، فقد شهدتُ إحدى هذه القوافل في عام 2009. توقفت في استراحة على الطريق السريع قبل الحدود الليبية المصرية. انتهى مصير تلك القافلة كما بدأ، خاصة مع وجود سلطات حكومية في كل قطر عربي لم يجتاحه ما عُرف لاحقًا بـ “الربيع العربي”. هذه التجربة تُلقي بظلال من الشك حول قدرة المبادرات الشعبية غير المنسقة على تجاوز الحواجز السيادية وتحقيق أهدافها المعلنة.