أ. زهرة الهادي دغمان
كاتبة وباحثة أكاديمية وعضو هيئة تدريس جامعي
إن شبكة الأمان الاجتماعي في أي دولة هي الركيزة التي تكفل الحد الأدنى من الحياة الكريمة للمواطنين والمقيمين على حد سواء حفاظاً للكرامة الإنسانية ودعماً للاستقرار في المجتمع بأسره، لذا تعد شبكة الأمان الاجتماعي من أهم ركائز العمل الاجتماعي لخلق التوازن بين مكونات المجتمع ولكي يحرر الإنسان من الحاجة والعوز ويدمج في عجلة الحياة.
يقصد بالأمان الاجتماعي هنا في مفهومه العام، الحالة التي يشعر فيها الفرد بانتمائـه إلى مجتمع يلبي احتياجاته سيما الأساسية منها: الغذاء والـسكن وتكوين أسرة والتعليم والرعاية الصحية؛ فهذه المتطلبات تمثل الحدود الدنيا لمستوى المعيـشة المقبول بحسب المعايير المدنية والكونية في عالم اليوم.
إن ليبيا اليوم تشهد نقلة نوعية في فرصة تاريخية لها لإعادة هيكلة شبكة الأمان الاجتماعي وتنوعها وإعطاء فرصة لمشاركة منظمات المجتمع المدني المؤسساتي في هذه الشبكة في شراكة إيجابية وتنموية فيما بين القطاع العام والخاص والقطاع المدني.
وتكمن أهمية شبكة الأمان الاجتماعي في علاقتها المباشرة بتعزيز الرفاهية وتحسين حالة المهمشين من الأفراد والجماعات وذلك بالوسائل الآتية: –
• اشباع الحاجات الأساسية للإنسان (الغذاء – السكن – الدواء – التعليم).
• دعم القيم الإيجابية في المجتمع (التكافل – الأسرة – الدين).
• تمكين الفئات المهمشة والضعيفة من المشاركة في التنمية البشرية (تأهيلهم مهنياً ومعرفياً وتقنياً).
• الوقاية من المشكلات الاجتماعية التي تهدد الاستقرار (البطالة – الفقر– الجريمة.. الخ).
كما أنه هناك مؤشرات وطنية على كل حكومة أن تضعها في حسبانها وهى تتعامل مع هذه الشبكة بمختلف مؤسساتها وبرامجها ولا ننسى أنه هناك مؤشرات دولية شاركت في اعدادها (193) دولة في هيئة الأمم المتحدة في ” أهداف التنمية المستدامة 2030 ” ذات الـ 17 هدفاً وتجمع عدد 169 غاية.. تلك هى الأهداف الانمائية للألفية حيث “أكد الموقعون على وثيقة خطة التنمية المستدامة على «العمل بدءاً من عام 2016 حتى عام 2030، للقضاء على الفقر والجوع في كل مكان، ومكافحة أشكال عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها، وبناء مجتمعات مسالمة وعادلة وشاملة للجميع، وحماية حقوق الانسان والعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة، وكفالة الحماية الدائمة للأرض ومواردها الطبيعية». كما أكدوا على «تهيئة الظروف المناسبة للنمو الاقتصادي المستدام والمطرد الذي يشمل الجميع، وللازدهار العميم وتوفير فرص للجميع، مع مراعاة مختلف مستويات التنمية والقدرات الوطنية».
وحققت بلدان كثيرة معظم أهداف الألفية خصوصاً الهدف المعني بالفقر والجوع حيث انخفض عدد السكان الذين يعيشون في فقر مدقع من 1.9 بليون عام 1990 إلى 836 مليوناً في 2015، وبالتالي يتأتى على الحكومات الليبية العمل بفاعلية على اخراج البلاد من قائمة الدول الفقيرة والمعوزة.
وفي العموم، فإن الوضع الاجتماعي في ليبيا جيد إلى حد ما حيث يتميز بالتماسك الاجتماعي والقيم الأسرية القوية، فالأسر الليبية متماسكة ومحافظة على القيم الدينية والإنسانية ويرتبط بعضها مع بعض في نسيج اجتماعي قوي يشكل وحدة المجتمع، لكن القوانين والإجراءات التي تنظم الوسائل المناسبة لحماية الأسرة ومساندة تركيبتها وتقوية روابطها وحماية الأمومة والطفولة والشيخوخة مازالت قاصرة.
وتتكون شبكة الأمان الاجتماعي في ليبيا من عدد من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي تعنى بتقديم خدمات الرعاية الاجتماعية ” مادية عينية – مالية – تنمية بشرية “، ويقصد بالمؤسسات الرسمية التي تتبع الدولة وتدار من قبل الحكومة حسب قوانين وبرامج كل مؤسسة ومفهومها للأمان الاجتماعي وتعريفها له والهدف المنشود وهذه المؤسسات هي: –
1. صندوق الضمان الاجتماعي.
2. صندوق التضامن الاجتماعي.
3. صندوق الانماء الاقتصادي والاجتماعي.
4. صندوق دعم الزواج.
5. صندوق الزكاة.
البرامج الرسمية
هي عبارة عن برامج تقترحها الدولة على بعض الشركات الوطنية أو العالمية التي تتحصل على عقود مقاولة أو امتياز منها، ومثال ذلك ما تقوم به المؤسسة الوطنية للنفط في بند ” التنمية الاجتماعية المستدامة “، كما أنه هناك برامج ” المسؤولية الاجتماعية ” لبعض المؤسسات التجارية الوطنية “عامة وخاصة ” التي تقدمها لإحدى فئات المجتمع المعنية بها شبكة الأمان الاجتماعي وهى برامج تحت التأطير.
البرامج غير الرسمية
هى البرامج التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني العاملة في تقديم الرعاية والنشاطات الخيرية.
ختاما
ان الدور المنوط بهذه الشبكة في أي مجتمع كبير جدا هو حجر الأساس في أية تنمية اجتماعية وبشرية لابد من أن تسبق أية تنمية عمرانية مرتقبة.