أقرت رئاسة الوزراء البريطانية، الثلاثاء ، بأن أزمة عبور القوارب الصغيرة عبر بحر المانش تتجه نحو مزيد من التدهور، في وقت تكثف فيه حكومة حزب العمال جهودها في معالجة الهجرة غير النظامية.
جاء هذا الاعتراف بعد لقاء جمع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش قمة مجموعة السبع المنعقدة في كندا، الاثنين ، حيث بحث الزعيمان “سبلًا مبتكرة” للتصدي لظاهرة تهريب المهاجرين عبر المانش، مؤكدَين أن الهجرة “يجب أن تكون أولوية محورية” في العلاقات بين البلدين.
ويأتي هذا التحرك في ظل تزايد الضغوط على حكومة حزب العمال التي وعدت خلال الحملة الانتخابية بـ”سحق العصابات” المسؤولة عن تهريب الأشخاص إلى الأراضي البريطانية على متن قوارب مطاطية. إلا أن أعداد الواصلين التي تسجلها وزارة الداخلية تشير إلى استمرار تدفق القوارب.
وتعد تصريحات رئاسة الوزراء البريطانية إقرارا من الحكومة بأن أحد أبرز تعهداتها الانتخابية لا يزال يواجه تحديات حقيقية، في وقت يزداد فيه عدد الوافدين عبر المانش، رغم الدعم المالي الذي تقدمه لندن لباريس ضمن اتفاقات مراقبة الحدود.
وأوضح متحدث باسم الحكومة البريطانية أن الطرفين يتطلعان إلى قمة بريطانية-فرنسية مرتقبة في يوليو المقبل، بهدف تعزيز التعاون الأمني وتنسيق الجهود لمواجهة تفاقم الأزمة، مشيرا إلى ضرورة “تحقيق نتائج طموحة تعود بالنفع على شعبي البلدين”.
وقال ستارمر، الثلاثاء، للصحفيين خلال قمة مجموعة السبع إن أحد الخيارات المطروحة هو أن تصبح المملكة المتحدة أكثر “تعاملا مباشرا” بشأن التأشيرات مع الدول التي لا تربطها بها اتفاقيات لإعادة المهاجرين. وأضاف “لقد أبرمنا عددا من الاتفاقيات الثنائية لإعادة المهاجرين، والسؤال الآن هو ما إذا كان من الممكن الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك”.
على الصعيد الثنائي، تجمع المملكة المتحدة وفرنسا شراكة واسعة في مراقبة الحدود، من خلال اتفاقية “لو توكيه”، التي تلتزم بموجبها لندن بدفع نحو 540 مليون يورو لباريس خلال الفترة من 2023 حتى 2026، مقابل تكثيف الرقابة الشرطية على الشواطئ التي تعد نقاط انطلاق نحو المملكة المتحدة. وفي اجتماع عُقد في 27 فبراير 2025 في “لو توكيه” بإقليم با-دو-كاليه، اتفق وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر على تعزيز إجراءات مراقبة الحدود، تضمنت زيادة الدوريات خلال الصيف، وبناء مركز احتجاز جديد في دونكيرك بحلول 2027، بالإضافة إلى تعيين محققين مختصين لمكافحة شبكات التهريب.
ويأتي هذا الاتفاق في أعقاب مطالبة فرنسا للندن بتكثيف جهود مكافحة الهجرة غير النظامية، وهو جزء من تمديد معاهدة ساند هيرست لعام 2018 حتى عام 2027، والتي تعزز التعاون في مجال المراقبة والقبض على المهربين عبر تبادل معلومات استخباراتية، واستخدام تقنيات متطورة مثل الطائرات بدون طيار والكلاب البوليسية.
لكن وزير الداخلية الفرنسي حذر في نوفمبر الماضي من احتمال إلغاء هذه الاتفاقيات إذا لم تتحسن الأوضاع، مشيرا إلى أن “العلاقة بين فرنسا والمملكة المتحدة لا يمكن أن تقتصر على مجرد قيام فرنسا بحراسة الحدود نيابة عن بريطانيا”.
وفي هذا السياق، شنّ كريس فيلب، وزير الداخلية في حكومة الظل، هجوما لاذعا على أداء حكومة ستارمر، معتبرًا أن الأزمة “خرجت عن السيطرة”. وقال في مداخلة على قناة GB NEWS”” بداية هذا الشهر “العصابات تضحك، والقوارب لا تزال تصل، بينما يرد حزب العمال بتشكيل قوة مهام جديدة وعقد قمة. هذا موقف ضعيف ومخزٍ”، على حد تعبيره.
ولا تمتلك المملكة المتحدة حتى الآن اتفاقيات رسمية لإعادة المهاجرين مع فرنسا أو مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، مما يفتح الباب أمام احتمالية تقليص لندن لأعداد التأشيرات الممنوحة للعمال المهرة أو الطلاب القادمين من دول الاتحاد، في حال فشل التوصل إلى اتفاق حول إعادة المهاجرين الذين يعبرون المانش بالقوارب الصغيرة. وهذا ما كشفته المملكة المتحدة في “الكتاب الأبيض” الذي يتضمن إجراءات “جذرية” هدفها “خدمة المصلحة الوطنية وإعادة السيطرة على حدودها” من خلال تشديد قواعدها في جميع المجالات، بما في ذلك العمل والأسرة والدراسة.